رئيس التحرير
عصام كامل

حكاية الست.. أسرار طفولة كوكب الشرق في طماي

فيتو

"ذكرياتٌ عبرتْ أفقَ خيالي بارقًا يلمعُ في جنحِ الليالي نبَّهتْ قلبِيَ من غفوتِهِ وجَلَتْ لي سِتْرَ أيامي الخَوالي كيفَ أنساها وقلبي لمْ يزلْ يسكُنُ جنبي".. كلمات تغنت بها كوكب الشرق "أم كلثوم" أثلجت قلوب المصريين والعرب والعالم أجمع ثم رحلت عن عالمنا الفنانة القديرة ولم يتبق منها سوى أغانيها وتمثال بمدينة المنصورة ورسم جرافيتى على منزل حفيدها بمسقط رأسها بقرية طماى الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين، وخلت القرية من كل مظاهر تشير إلى محل ميلاد كوكب الشرق.


فعندما تطأ قدماك قرية طماى لا تجد بالقرية ما يدل على محل ميلادها أو ما يشير إلى أن كوكب الشرق خرجت من تلك القرية إلا بالاسم فقط فما من مكان أو شارع سمى باسمها وهدم منزلها منذ 5 سنوات وسط تجاهل من المسئولين بدلا عن تحويله إلى مزار سياحي.

وفى الذكرى المائة والعشرين لمولد كوكب الشرق التقت "فيتو" بأحفاد أم كلثوم وجابت داخل القرية للبحث عن أي معالم أو مقتنيات لكوكب الشرق بمسقط رأسها ولم نجد سوى جرافيتى بعزبة أم كلثوم على منزل حفيدها وتجد شوارع القرية غير ممهدة للسير، فضلا عن عدم وجود لمبات بأعمدة الإنارة.

وقالت بثينة محمد السيد: "الست أم كلثوم عمة والدي وعشت معها 12 عامًا وقامت بتربية نجلى عادل حتى بلغ 12 عاما من عمره كانت أم لنا تتمتع بالعطف والحنان ولم يغير الوسط الفنى من طباعها الجميلة".

واضافت: "عشت معها أجمل أيام عمرى. عوضتنى عن أمي، ولم تزر القرية بعد وفاة والدها ودفنه. كانت تتمنى أن تفعل شيئا للقرية لكن حبها للوطن والواجب الوطنى فرض عليها في غضون نكسة 1967 أن تعمل لأجل مصر وتقيم الحفلات في كافة أنحاء العالم وتجمع إيراداتها وتقدمها مساعدة للجيش المصرى آنذاك".

وتابعت: "لم تحصل كوكب الشرق على التكريم اللائق بعد رحيلها عن دنيانا فلقد قدمت الكثير للوطن وساندت الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والرئيس أنور السادات، وبيع منزلها على يد ورثتها وتحول لمبنى سكنى جديد من الطراز الحديث".

وأشارت "بثينة" إلى خلو القرية من أي مشروعات أو مصانع، كما أن الوحدة الصحية التي تبرعت بها كوكب الشرق بأرضها أصبحت آيلة للسقوط، وقالت: "كنا نتمنى تحويل منزلها لمزار سياحى وهو أقل تكريم لما قدمته للوطن والفن وعشاقها".

وأضافت بثينة: "عاشت كوكب الشرق حياة بسيطة بلا تكبر أو تعالى وتزوجت من الدكتور حسن الحفناوى وكل ذكرياتها تعيش في قلبى وتسكن فؤادى".

وقال عدلي سمير خالد، حفيد شقيق كوكب الشرق، 46 سنة، رسام وموظف بقصر الثقافة:" لم تحظ كوكب الشرق بالتكريم اللائق لما لها من دور سياسي كبير المقام والتاريخ لن ينسى جمعها التبرعات لصالح الجيش، فكيف يحضر زوار أجانب لمسقط رأس أم كلثوم ويجدونها بهذا القبح والذين يحضرون لزيارة القرية ويجمعون التراب في برطمانات زجاجية كتذكار ويتساءلون عن إهمال الدولة لمسقط رأسها".

وعن ميراث كوكب الشرق، أكد أحفادها أنهم فرع الشيخ خالد، وقد توفى في حياة أم كلثوم وحصل على الميراث شقيقتها وزوجها وقال: "لو كنا حصلنا على ميراثها كان بالأحرى أن نترك منزلها قائما كمزار سياحي إلا أن الورثة كانوا أغرابا عن القرية ولم يعيشوا فيها ولم يهتموا بإحياء تراثها وباعوا كل شيء وعادوا من حيث أتوا".

وأضاف سمير أن مسلسل أم كلثوم والذي عرض ليجسد شخصيتها احتوى على معلومات عن كوكب الشرق من أبناء أختها وهي معلومات غير صحيحة ومغلوطة فالشيخ خالد توفى عام 1953 وشقيقتها توفيت في الثمانينيات بعد أن آل لها الميراث ولم تظهر بالمسلسل إلا في حلقة واحدة تلبية لرغبة أولادها على حد قول حفيد أم كلثوم.

وأكد حفيد أم كلثوم أن المسلسل أساء لكوكب الشرق ولم يعرض الحقيقة إطلاقا قائلا: "مسلسل كوكب الشرق لم يكن تاريخى"، وأكد أن هناك من الأحداث الكبيرة التي تم التغاضى عنها.

وكشف حفيد كوكب الشرق أن أم كلثوم لم تغن عن الحب والغرام إلا بعد وفاة شقيقها "خالد"، مؤكدا أنها كانت تغني أناشيد دينية ومديح النبي مثل "من أذن عينيك وولد الهدى وحديث الروح".

وقال حفيد كوكب الشرق، إن أم كلثوم وعائلتها لم يكونوا مزارعين بل والدها شيخ مسجد ولكنها في صغرها كانت تخرج مع قريناتها للعمل في جنى القطن وكان والدها يحرص على أن يذهب إليها بالطعام ففى ذات المرات نهر صاحب الأرض والدها فأصرت كوكب الشرق على شراء 140 فدانا كاسترداد لكرامة والدها.

وعن الفن الحالى قال حفيد كوكب الشرق: "كانت أم كلثوم هرما وصوتها يدخل قلوب البشر لأنه طرب أصيل أما أغانى فرتكة ودربكة فهى بعيدة عن الطرب ولا يسمعها إلا غائب الوعي".

واستنكر حفيد أم كلثوم تجاهل المسئولين لمسقط رأسها وعزبتهم قائلا: "العزبة بلا إنارة ويسودها الظلام الدامس وشوارعها غير ممهدة"، مؤكدا صدمته لحال القرية بعد كل ما قدمته سيدة الغناء العربى من أجل الوطن ومواقفها في تسليح الجيش عقب النكسة.

وتابع حفيد أم كلثوم أنها كانت تعالج الشعب من المظاهر السيئة قائلا: "كرست جميع جهودها لنصرة الدولة"، مؤكدا خجلهم أمام الزائرين العرب والأجانب لمسقط رأس كوكب الشرق بسبب تدهور حال القرية.

وطالب حفيد كوكب الشرق محافظ الدقهلية بالتدخل لإحياء ذكرى كوكب الشرق في بلدها قائلا: "بعد 43 سنة مطالبات ما زلنا نناشد الدولة بتطوير القرية"، مشيرا إلى توقف كوكب الشرق عن الغناء عاما كاملا عقب وفاة شقيقها "خالد" ومع إصرار الملحنين وأصدقائها خرجت بأغنية رثاء له بعنوان "الأولى في الغرام".

وأشار حفيد كوكب الشرق إلى أنها ولدت في ليلة القدر، متمنيا من الدولة أن تهتم بالقرية لأنها خير شاهد على تاريخها.

يذكر أن كوكب الشرق أم كلثوم إبراهيم السيد البلتاجي ولدت بقرية طماى الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين في محافظة الدقهلية والدتها فاطمة، وتوفيت في 3 فبراير وكان ميلادها في 23 ديسمبر لتسجل هذا العام الذكرى 120 على ميلادها.
الجريدة الرسمية