رئيس التحرير
عصام كامل

«العناية المركزة».. 40 ألف سرير «ناقص».. مطالب بالإعلان عن حملة قومية لـ«توفيرها».. 80 مليار جنيه ميزانية متوقعة لـ«تغطية العجز».. وفشل خطة وزارة الصحة لتوفير ا

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

«جهود غير كافية.. والبحث عن خطط جديدة لتعويض النقص» سياسة يجب أن تتبعها وزارة الصحة وبقية الجهات العاملة في القطاع الصحي لإنهاء أزمة الرعاية المركزة التي تعاني منها غالبية المستشفيات، لا سيما أنه لا يزال الحصول على سرير رعاية في مصر أمرًا صعبًا مع استمرار أزمة عدم توافر العدد الكافي منها في المستشفيات الحكومية والجامعية مقارنة بعدد المرضى، حيث تمتلك مستشفيات وزارة الصحة 6 آلاف سرير رعاية مركزة، بجانب ما يقرب من 4500 سرير في المستشفيات الجامعية تخدم مئات الآلاف من المرضى الذين يحتاجون أسرة رعاية كل دقيقة، بخلاف وجود 5 آلاف سرير رعاية في مستشفيات القطاع الخاص، التي وصلت تكلفتها في الليلة الواحدة إلى أكثر 3 آلاف جنيه.


خطط فاشلة

مرارًا وتكرارًا يؤكد المسئولون أنهم يضعون خططًا للقضاء على أزمة أسرة الرعاية المركزة، إلا أن ما يحدث على أرض الواقع يؤكد -بما لا يدع مجالًا للشك- أن غالبية الخطط تلك فشلت في إنهاء الأزمة، فمنذ عامين أعلنت وزارة الصحة حينها عن توفير أجهزة تابلت بالمستشفيات لتسجيل عدد أسرة الرعاية بها، وتوضيح الأسرة الشاغرة بها والأسرة المشغولة، لتساعد في حل الأزمة وسرعة إيجاد سرير للمريض، وما زال المريض يعاني.

كما تخصص وزارة الصحة الخط الساخن 137 للاتصال من خلاله لسرعة توفير سرير رعاية مركزة، إلا أنه في واقع الأمر، ومع ارتفاع معدلات الطلب على الرقم أملًا في الحصول على سرير رعاية، لا تزال الأزمة قائمة، ويظل المريض في قسم الطوارئ بالمستشفى عدة أيام، إما أن يتوفى أو يتصلون به لتوفير السرير.

وداخل وحدة الرعاية المركزة عندما ينجح المريض في إيجاد سرير لا يوجد اهتمام من قبل الفريق الطبي، حيث توجد ممرضة أو اثنتان على الأكثر تخدم ما يقرب من 20 سريرا في الوحدة الواحدة، وتقسم وحدات الرعاية داخل المستشفيات إلى تخصصات منها رعايات المخ والأعصاب والقلب والباطنة تستقبل حالات إصابات الطوارئ ،وحالات خضعت لعمليات جراحية دقيقة تحتاج إلى سرير رعاية تظل فيه عدة أيام.

10 أيام

طبيًا.. المدة المتوسطة لوجود المريض داخل الرعاية تصل إلى 10 أيام يمكن أن تزيد على ذلك، لكن أغلب المستشفيات في حالات جلطات المخ والقلب على سبيل المثال يظل المريض بها 10 أيام، ويكتب له الطبيب على خروج حتى يتمكن من إخلاء سرير لحالة ثانية، فضلا عن أغلب الأدوية التي يحصل عليها المريض تطلبها إدارة المستشفى من أهل المريض لشرائها من الخارج بخلاف سلبيات أخرى توجد داخل وحدات الرعاية، وهي عدم اهتمام التمريض به مما يتسبب في إصابة أغلب المرضى بها بقرح فراش نتيجة وجودهم على السرير لفترات طويلة دون حركة.

من جانبه قال الدكتور خالد سمير، أستاذ جراحة القلب بكلية الطب، جامعة عين شمس: سرير الرعاية المركزة يحتاج إلى ممرضة لكل مريض، لأنها تعني تكثيف المتابعة الطبية، ويستقبل سرير الرعاية المركزة حالات المرضى غير المستقرة، التي تحتاج إلى توافر بعض الاشتراطات منها جهاز شاشة لمتابعة الوظائف الحيوية وجهاز تنفس صناعي، فضلا عن توافر مضخات كهربائية لتستمر في إعطاء الأدوية للمريض بمعدل دقيق على مدار الساعة.

مليونا جنيه

وأوضح «د.خالد» أن «تكلفة سرير الرعاية تبلغ مليوني جنيه سواء السرير الكهربائي أو اليدوي، لأنه يتم تحريك المريض بواسطة السرير، لافتا إلى أنه ترتفع تكلفته بسبب ارتفاع تكلفة الأجهزة سواء جهاز التنفس الصناعي الذي يبلغ قيمته نصف مليون جنيه وشاشة 200 ألف جنيه، ومضخات كهربائية من 10 إلى 15 ألف جنيه».

وأكمل: كما يجب أن يتابع كل طبيب 6 أسرة رعاية، بينما حاليا يتابع الطبيب أكثر من 10 حالات، والاشتراطات التي سبق أن أشرت إليها غير مطبقة في كل الأسرة، ولا يوجد في مصر سوى 4 آلاف سرير، كما أن الصحة تعلن دائما أن مصر بها 10 آلاف سرير رعاية مركزة، إلا أنه لا يتم تطبيق الاشتراطات العلمية على هذا العدد.

أسباب العجز

وكشف أن أسباب العجز في وجود الأسرة ترجع إلى الإمكانيات المالية، مشددًا على أنه يجب أن يوجد لكل 1000 مواطن سرير رعاية، أو الحد الأدنى يكون سريرًا لكل 2000 مواطن، ما يعني أنه يجب أن يكون في مصر 50 ألف سرير رعاية.

كما أكد أن حالات أسرة الرعاية المركزة متعددة ما بين غالبية مصابي الحوادث ومرضى الجلطات القلبية والمخية وإصابات الأجهزة الحيوية، فضلا عن الجراحات التي تعتمد على توافر أسرة الرعاية منها جراحات المخ والقلب زراعات الكبد والكلى، كما أن جزءًا من قوة أسرة الرعاية يخصص للجراحات وليس لحالات الطوارئ، ولكي لا يحدث عجز نحتاج إلى 40 ألف سرير رعاية مركزة إضافي، أي بتجهيزات تبلغ 80 مليار جنيه.

وأرجع «د.خالد» النقص في الأطقم الطبية داخل وحدات الرعاية إلى ضعف أجور الفريق الطبي الذين يعملون في أسرة الرعاية بالمستشفيات العامة، وكان سببًا في هروبهم من العمل بها، حيث تحصل الممرضة في النوبتجية على 15 جنيها، وتحدث هجرة داخلية في أعضاء التمريض من تخصص الرعايات المركزة، هذا إلى جانب انتهاء العمر الافتراضي لكل سرير مع حاجة الأجهزة للصيانة المستمرة التي يجب أن تستبدل في الفترة من كل 5 إلى 10 سنوات.

انتظار سرير

وأكد أن مئات المرضى تتوفى انتظارا لسرير رعاية مركزة، خاصة أن غرف الرعاية تسمى غرف الإنعاش، أي أن المريض توقف قلبه وما بين الحياة والموت ومعرض للموت في أي لحظة، فضلا عن أنه مع الضغط الشديد لحاجة المرضى لأسرة الرعاية المركزة لا يستكملون العلاج بنسبة 100% بسبب النقص، مطالبًا بضرورة وجود خطة قومية لحل أزمة أسرة الرعاية المركزة والوصول للعدد المطلوب واحتياجات المرضى مع الأخذ في الاعتبار الزيادات السكانية وتوفير القوى البشرية المدربة المتفرغة للعمل، بالإضافة إلى توفير الأدوية والمستلزمات بها.

من جهته، قال الدكتور محسن عزام، عضو مجلس نقابة الأطباء، طبيب رعاية مركزة: سبب رئيسي في أزمة نقص الأسرة يتمثل في نقص القوى البشرية إلى جانب ضعف أجور الفريق الطبي بها، فضلا عن عدم وجود غطاء قانوني لحماية الطبيب الذي يتعامل يوميا مع الموت، لذا عدد الأطباء المتخصصين في طب الحالات الحرجة محدود ويهاجرون للخارج، فعلى سبيل المثال هناك طبيب ظل يعمل داخل غرفة الرعاية المركزة في أحد مستشفيات جنوب سيناء 15 يوما لعدم وجود طبيب آخر يتسلم منه الرعاية، لأنه لا يجوز له تركها، كما أن أقل تكلفة لسرير الرعاية المركزة يدفعها المريض في الليلة الواحدة 3 آلاف جنيه.

"نقلا عن العدد الورقي..."
الجريدة الرسمية