رئيس التحرير
عصام كامل

الصّوت الواحد !


إن مصر تستحق أن يتفانى الجميع في سبيل نهضتها وتبوؤها مكانتها المستحقة.. وهذا يقتضينا أن نبذل الغالي والرخيص والجهد والعرق وإنكار الذات، وأن نخلع رداء التعصب للفئة أو الجماعة أو الحزب لتحقيق توافق وطني لا غنى عنه لعبور محنتنا الاقتصادية والثقافية والفكرية التي لا تحتمل أي تأجيل أو تنازع للإرادات أو تقاطع للولاءات..


ولن ينفع معها إلا صلاح النوايا وصفاء القلوب والتجرد والإخلاص لوجه الحق لترجمة التوافق الوطني إلى عمل خلاق منتج يلبي احتياجات ومطالب المواطن، وتطلعه لواقع أفضل بعد الذي عاناه اقتصاديًا جراء القرارات الإصلاحية الضرورية الأخيرة التي تحملها على أمل أن تنفرج الأزمة ويجني ثمار تعبهم ومعاناته.

لكن ما ينبغي أن يكون واضحًا وحتى لا يساء فهم "التوافق الوطني" الذي نبغيه لبلدنا فإن مثل هذا التوافق المنشود لا يعني بحال أن نكون جميعًا صوتًا واحدًا بلا اختلاف في الرؤى والتصورات؛ فاستنهاض الهمم واستبقاء الروح العالية للشعب لن تتحقق في غيبة التنوع في الآراء ما دامت تلك الآراء تنطلق على أرضية المصالح العليا للوطن؛ فالنقد الموضوعي الهادف البناء ينفع ولا يضر، يبني ولا يهدم..

يزيد البدائل والحلول ثراء وعمقًا ما دام الهدف الأسمى تحقيق صالح البلاد والعباد لا تصفية الحسابات ولا وقف لمسيرة البناء أو تشويه الصورة وإهالة التراب على كل إنجاز.

المعارضة القوية ضرورة لقيام نظام سياسي قوي في أي بيئة ديمقراطية لا تتحقق غايتها إلا بوجود الرأي والرأي الآخر، حتى تتلاشى السلبيات وتتعاظم الإيجابيات على أرضية من الشفافية والوعي السياسي والنضج عند التصدي للقضايا العامة بالنقد والرجوع للحق والإصغاء لكل الآراء؛ المعارض قبل المؤيد..

ولا تنحصر المعارضة في الأحزاب السياسية المعروفة فحسب، بل في كل رأي شريف سواء كان مؤيدًا أو معارضًا، ولعل منتديات الشباب التي تنعقد بصفة منتظمة برعاية الرئيس هي بيئة خصبة لتربية الشباب على الديمقراطية العملية، وهي تجسيد واضح لاحترام الرأي الآخر وتقديم رؤى جديدة تصب في صالح البلاد والعباد.
الجريدة الرسمية