رئيس التحرير
عصام كامل

حرامية «أموال القذافي»


أؤكد، أن أمريكا ومعها كل دول حلف الناتو لن يهدأ لهم بال، حتى استنزاف آخر سنت من الأموال التي تركها نظام القذافي كودائع في البنوك الأمريكية والغربية، والتي تزيد عن الـ 120 مليار دولار أمريكي، وأن ما تم الكشف عنه مؤخرا من فضيحة التلاعب بفوائد الودائع الليبية في بنك "يوروكلير" البلجيكي ما هو إلا جزء من الحقيقة المرة التي يجب أن يتعامل معا الليبيون.


ولعل ما يدعو للغرابة في تلك القضية، هو ذلك الإصرار غير المبرر من أغلب الفصائل الليبية، التي مازالت تعول على أمريكا وحلفائها من دول الناتو، في حل النزاع وإعادة الاستقرار إلى بلادهم، على الرغم من علمهم يقينا، أن المؤامرة التي تعرضت لها ليبيا منذ تدخل "الناتو" في البلاد، في التاسع عشر من مارس عام 2011، كان من أجل الاستيلاء بشكل مباشر على النفط الليبي، وخصم فاتورة الحرب بشكل صريح من الأموال الليبية المجمدة لديهم، وأنه تم بالفعل عام 2015 اقتطاع نحو ٦٧ مليار دولار من تلك الأموال، قيمة فاتورة تدخلهم لهدم ليبيا.

وهو السر وراء الإصرار الأمريكى والغربى على عدم دعم وجود حكومة وطنية خالصة، أو حل سياسي في البلاد، والإصرار على وجود سلطة تابعة، تمنحهم صك التدخل في ليبيا من جديد، مثلما فعلت حكومة "السراج" في العام قبل الماضي، عندما عادوا ومنحوا "الناتو" حق التدخل في بلادهم من جديد، رغم علمهم يقينا بأن هدفهم "الفاتورة" وأنهم كانوا السبب المباشر في تحويل ليبيا إلى "لا دولة" تسيطر عليها عشرات الميليشيات المتطرفة.

للأسف، أن الحقيقة المرة تقول: أن "أمريكا والغرب" لن يتركوا الأموال الليبية المجمدة في الخارج بقرار من الأمم المتحدة، تعود للصرف على إعادة إعمار وتنمية ليبيا، بعد أن صنعوا حضانات لعشرات المليشيات الإسلامية المتطرفة، وان فوائد تلك الأموال لن تذهب مثلما فعلت "بلجيكا" سوى للإنفاق على تنمية وتوسيع عمل تلك المليشيات، من أجل استمرار مسلسل ال "لا دولة" التي لا حكم فيها إلا ل "الفوضى" ولا لون فيها إلا لـ "الدم" ولا صوت يعلو فيها فوق صوت "السلاح" للاستمرار في سلب الثروات الليبية.

أؤكد، أن أمريكا والغرب سوف يواصلون دعم مسلسل الفوضى في ليبيا، ما دام هناك نفط وأموال مجمدة لم يتم استنزافها، وستظل "بلد المختار تزرف دما" بصكوك شرعية تمنحها لهم الأمم المتحدة، العملاء من الذين دخلوا البلاد على ظهور دبابات الناتو في مارس 2011.

ولعل ما يجعلني أعزز هذه الفرضية، وأكاد أجزم أنها واقع، تأكيد المؤسسة الليبية للاستثمار، أن "بلجيكا" ليست الدولة الوحيدة التي أفرجت عن فوائد الأرصدة الليبية المجمدة لديها، وأن "بريطانيا وألمانيا وإيطاليا ولكسمبرج" قد تورطت أيضا في تلك الفضيحة، وخالفت إجراءات الحظر الأممي، وتصرفت في فوائد أموال ليبيا المجمّدة في بنوكها، رغم العقوبات الدولية، ونفي فريق خبراء الأمم المتحدة المختص بليبيا علمه بالإجراءات التي اتخذتها هذه الدول، التي وزعت ملايين الدولارات من الأموال الليبية المجمدة على "مستفيدين غير معروفين" في حسابات مصرفية في لوكسمبورج والبحرين.

أؤكد أن الإمبراطورية المالية التي تركها القذافي، قد أسالت لعاب أمريكا ودول الغرب، بدليل سعي بريطانيا لإعداد قانون يسمح لها باستخدام الأرصدة الليبية المجمّدة في بنوكها، لتعويض ضحايا الجيش الإيرلندي، تحت دعوى، أن نظام القذافي قام بدعم ذلك الجيش خلال وجودة بالحكم.

للأسف، هكذا تدار منظومة السطو على الأموال الليبية المجمدة بالخارج، تحت سمع وبصر الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، الذي لن يتحرك، حتى وإن حولت أمريكا ودول الناتو الأرصدة الليبية المجمّدة في الخارج إلى "صفر".
الجريدة الرسمية