رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«أستاذي العزيز شكرا».. طلاب يشيعون جنازة معلم مات داخل الفصل

فيتو

قبيل جرس الفسحة بدقائق قليلة، وبينما كان عبدالناصر رشدي مدرس الرياضيات بمعهد قرية طنط الجزيرة الأزهري، يمارس طقوسه المعتادة في شرح المادة العلمية لطلابه ، أدركه الموت بعد أن سقط مغشيا عليه داخل أحد فصول المعهد التابع لمنطقة طوخ الأزهرية بمحافظة القليوبية.

وقع الخبر على تلاميذ المعهد كالصاعقة كما تحكي رودينا الحوفي إحدى طالبات المعهد ، فمعلم الرياضيات الذي وافته المنية، عرف عنه السمعة الطيبة والسيرة الحسنة، وكانت تربطه بتلاميذه علاقات ود ومحبة لا تنقطع: "إحنا فوجئنا بالخبر كنا فى الفصول وسمعنا صوت هرج ومرج ولما سألنا فيه عرفنا أن الأستاذ عبد الناصر مدرس الرياضيات مات وهو بيشرح الدرس لزمايلنا بعد إصابته بهبوط فى الدورة الدموية".

على جانبي طرق القرية اصطف طلاب المعهد في مشهد جنائزي مهيب يودعون أستاذهم إلى مثواه الأخير، وحين رحل أهل القرية بعد الانتهاء من مواراة الجسمان تحت الثرى بقي الطلاب أمام قبره يقرأون القرآن ويرفعون أكفهم الى السماء سائلين الله أن يغفر له وأن يجعل مثواه الجنة: "ما كناش عاوزين نسيبه لوحده، طول عمره معانا ماكنش بيتأخر علينا فى النصيحة والعلم، وقفنا كلنا قدام القبر وكنا بنردد الأدعية له خلف أحد المشايخ اللي وقف يدعو له بعد دفنه".

خلال سنواته الطويلة داخل معهد طنط الجزيرة، وعبر أجيال مختلفة حرص عبد الناصر على مد جسور الثقة بينه وبين طلابه، ولم يضع حاجزا بينه وبينهم كان دائم التواصل معهم يفك لهم رموز المسائل الحسابية: "ما كنش مجرد مدرس عادي، كان بيراعي ربنا فينا وكانت علاقته معانا قائمة على الاحترام المتبادل، كنا نُبجله ونحترمه وكان هو يحبنا ولا يبخل علينا بشيء لذلك سيظل فى قلوبنا، حتى وإن رحل بجسده".

صيت الأستاذ عبد الناصر لم يتوقف على المعهد، سمعته وصلت إلى المدارس والمعاهد في القرى المجاورة: "كان معروفا لجميع الطلاب في مختلف المدارس اللي حوالينا، وكان يقدم شروحا مجانية لمن يحتاج بالمجان ودون أي مقابل، لذلك كان مشهد جنازته مهيبًا وشارك فيه الآلاف من أهالي قريته والقرى المجاورة".

شعور الحزن على رحيل مدرس الرياضيات لم يتوقف على طلابه فقط، أهالي القرية كان لهم نصيب فى الفاجعة يحكي أحد الأهالي: "الأستاذ عبد الناصر لا يوجد أحد في القرية إلا ويعرفه وكانت علاقته بالجميع علاقة مبنية على الاحترام وكل أبناء القرية تقريبا تتلمذوا على يديه".

تفاصيل جنازة المدرس المحبوب ما زالت حاضرة فى ذهن عماد الدين أحد أهالي القرية: "المشهد كان فوق الوصف ويوم ما يتنسيش في تاريخ القرية، فالمدرسون وأهالي القرية والطلاب حرصوا على المشاركة بها، بل إن الطلاب أصروا على البقاء بعد انتهاء مراسم تشييع الجثمان وأن يقرأوا له الفاتحة، والاستاذ عبد الناصر من أسرة كلها معلمون ولهم باع طويل في هذا المجال وتتلمذ على يده معظم أهالي القرية".

عماد الدين يرى أن المعلم الراحل وأمثاله نماذج مشرفة يجب تكريمها: "الأستاذ عبد الناصر واللي زيه ناس كويسة ولازم دول اللي ياخدوا حقهم والإعلام يلقي الضوء عليهم ليكونوا قدوة لغيرهم ويغيروا الصورة الذهنية عن المعلم التي انتشرت خلال الفترة الأخيرة من التعدي على الطلاب بالضرب والعنف داخل المدارس بل وصل بعضها إلى التحرش والاغتصاب في بعض الوقائع".

Advertisements
الجريدة الرسمية