رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

مصر و«الحاجة الحلوة»


ما بين ضجيج الحياة وطوفان المشكلات التي تداهم الدولة.. نظل –نحن المصريين- حبا في روح التفاؤل مستبشرين بأن في مصر «حاجة حلوة».. وللأسف دأبت عدسات المصورين، وصانعو «اللقطة الإعلامية» التركيز على إطلالات النجمات في المهرجانات الفنية أو تصرفات السياسيين في مختلف المحافل المحلية والدولية.. لكن هناك لقطة إعلامية مضيئة وضاءة مشرقة.. أرى من الظلم إهمالها أو تجاهلها.


أولى هذه اللقطات بطلتها التلميذة "جنى أحمد بكرى" بمدرسة الشهيد أحمد ماهر بقرية كفر شبرا التابعة لمركز الباجور بالمنوفية.. لقد ألقت "جنى" قصيدة نعت فيها ضحايا حادث المنيا الإرهابي من الإخوة الأقباط بكلمات مؤثرة.. كانت بحق محاضرة في الوحدة الوطنية وتقول تلك القصيدة التي نشرتها «فيتو»: «حيطان البيت عليها آية الكرسي وسورة العذرا جنبيها.. وكانت هيا دي العيشة.. عشقت السيدة مريم وكما السيدة عيشة.. عرفت الحب في كنيسة وزرت السيدة نفيسة».. تحية احترام وتقدير لوالد "جنى" وأسرتها الكريمة.

اللقطة الأخرى.. هناك في محافظة المنيا حيث الأستاذ خالد فوزي مدرس اللغة الإنجليزية بقرية تونا الجبل التابعة لمركز ملوي، والذي طالما عكف على تعليم التلاميذ أصول المحادثة الإنجليزية ولم يتوان عن نشرها على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك في محاولة لإشعال المنافسة النزيهة بين التلاميذ لمزيد من الإتقان.. ومن قبله دأب الأستاذ يحيى يوسف على تعليم أبناء القرية بنفس الطريقة.. ومن قبلهم الأستاذ محمد رتيب محجوب مدير المدرسة الثانوية ومدرس اللغة العربية الذي حرم على نفسه إعطاء دروس خصوصية رغم الإلحاح عليه وظل على مبدئه رغم المغريات ورغم أنه يؤدي ما عليه في الحصة الرسمية وربما أكثر.

وفي أروقة صاحبة الجلالة تطول القائمة بأسماء مشرفة من الزملاء المهنيين ممن يعملون في صمت، في مختلف مواقعهم، ربما تمنعني أخلاقيات العمل الصحفي الرافض للمجاملة أو الثناء من ذكر أسماء بعينها لكنهم على أية حال، سواء في جريدة وبوابة فيتو أو في شقيقاتها من سائر الصحف يعلمون أنفسهم جيدا ويعلمون أنهم المقصودون بمقالي، ولقد حرمهم العمل الصحفي أحيانا من النوم الطبيعي كباقي البشر لكنهم يؤمنون بالمصداقية وأهمية الخبر النافع للقارئ.. فتحية تقدير واجبة إليهم جميعا.

ولدينا قائمة أخرى أسماؤها ليس معلومة لكن منهم من تحول عمله إلى جهاد بالحراسة في سبيل الله.. يتصدر تلك القائمة جنود القوات المسلحة الساهرون على الحدود والأماكن الحيوية، يليهم إخوانهم من رجال الشرطة المكلفين بحراسة البنوك والشركات والمنشآت المهمة، حيث السهر في قلب الشارع رغم دخول الشتاء لتنفيذ المهام المقدسة بفرض الأمن والأمان.

أما اللقطة الغائبة لدينا فهي السياسات التحريرية والإعلامية في مختلف الصحف والإذاعات والفضائيات.. ودعوني أقولها بصدق إن إهمال تلك اللقطات بات واقعا صعبا رغم أنها تعكس صورة مصر الحقيقية مصر الحقيقة وليست مصر المهرجانات والخلاعة والمجون، مصر المكافحة مصر العادات والتقاليد والكسب الحلال، وليست مصر العري والابتذال الرخيص والجريمة.. نحتاج ضبط مؤشر الأداء جيدا لعرض نماذج الشرف والبطولة في ميدان الوطنية وليس شرطا أن ينطلق الأمر بدعوة من حاكم أو قرار رسمي بقدر ما يتطلب أن تكون المبادرة من المؤسسات الإعلامية نفسها.
Advertisements
الجريدة الرسمية