رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

«وزير السعادة».. حلاق يرسم البهجة على وجوه أطفال السرطان بشعر صناعي

فيتو

داخل أحد صالونات الحلاقة بشارع أبو الهول في منطقة الهرم، يقف سامح سلام "مصفف شعر رجالي"، يعمل في المهنة منذ ما يقارب الـ17 عاما، يمارس روتينه اليومي كغيره من مصففي الشعر.. وذات مرة وأثناء تصفحه أحد مواقع التواصل الاجتماعي، لفت انتباهه فيديو يوثق معاناة الأطفال من مرضى السرطان، ابتسامة بريئة اعتلت وجه أحدهم حينما وضع باروكة على رأسه أخفت عن ملامحه أثار المرض.. من هنا فكر «سامح» أن يستغل مهنته لمساعدة هؤلاء الأطفال عن طريق استيراد باروكات للشعر وتقديمها لهم على سبيل الهدية، بهدف رسم البسمة على وجوههم ورفع معنوياتهم: «الألم الجسدي اللي هما بيحسوه أكيد محدش هيشوفوا زيهم بس أنا حاولت أخفف عنهم الألم النفسي شوية علشان يقدروا يعيشوا سعداء ولو بشكل بسيط».


كانت مواقع التواصل الاجتماعي طريقه للوصول إلى تلك الحالات، إضافة إلى زيارة المستشفيات المتخصصة في علاج مرضى السرطان: "كنت بكتب بوستات على فيس بوك وكمان بروح أزور مستشفيات بتعالج مرضى السرطان وبسبب كدا قابلت أكتر من حالة وركبتها لهم مجانًا.. وكان لقائي الأول بشريف في المستشفى وبعدها كلمت والده وعرضت عليه الفكرة ورحب جدًا بيها".

قبل حلول شهر رمضان الماضي كان الطفل "شريف" صاحب الستة أعوام، يعيش حياته الطبيعية وسط أسرته، يلعب ويضحك ويزاول المارة في الشوارع، ومع بداية الشهر، بدأت تأتيه نوبات من الألم في بطنه وبعضها في رأسه، حاولا والداه المكلومين إسعافه في كل مرة يأتيه الألم فيها عن طريق اصطحابه إلى الأطباء الذين عجز معظمهم عن تشخيص حالته بشكل صحيح، فبعضهم قال إنه يحتاج إلى عملية جراحية، وآخرون قالوا إنه سليم ولا توجد به أي أمراض، ومع ازدياد الألم تم عرضه على أطباء المخ والأعصاب وبعد التحاليل والأشعة اكتشفوا إصابته بالمرض اللعين «السرطان».

الخبر الذي لا تود سماعه ولا تسر به «ابنك مريض بالسرطان» وقع على مسامع والد الطفل "محمد رمضان" صاحب الثلاثين عامًا صعبًا، فلم يتخيل أن فلذة كبده مصاب بالسرطان وأنه بين ضحى يوم وليلته من الممكن أن يكون في عداد الموتى.

حاول "رمضان" بكل الطرق إسعافة ولم يكن أمامه إلا إعطائه أدوية الكيماوي والتي تسببت في تساقط شعره تدريجيًا بعد 3 أسابيع من العلاج "بدأ شعره يتساقط وبدأت نفسيته تتعب أكتر ويعيط ويسألني فين شعري يا ماما" بهذا تحدثت والدة الطفل.

كانت تلك الفترة من أصعب الفترات التي عاشتها الأسرة المكونة من ثلاثة أفراد، تزداد نوبات بكاء الطفل ونوبات ألمه بسبب فقدان شعره، حالته النفسية تدهورت إلى حد كان الموت أهون على والديه من رؤيته، وكل هذا الألم يسيطر عليه، حتى جاءتهم مكالمة من هاتف مجهول يسألهم عن حالته: "جالنا تليفون من واحد اسمه سامح كنا قبلناه من فترة في المستشفى، وقالنا إنه مستعد يركبله باروكة وإنه مش هيحملنا أي تكاليف وإن دي هتكون هديه منه للولد علشان يرفع من معنوياته.. الولد لما عرف فرح جدًا وفورًا جينا هنا".

يجلس "شريف" فوق لعبة على شكل سيارة داخل محل تصفيف الشعر ينظر بعينيه يميًا تارة ويسارًا تارة أخرى حتى تستقر عينيه الذابلتين جهة المرآة المعلقة على الحائط، بينما يقف "سامح" ورائه محاولًا تثبيت الباروكة على رأسه: "أنا مبسوط جدا أني هيكون عندي شعر" كلمة أطلقها الطفل.

أكثر الأشياء التي ساعدت سامح على تنفيذ فكرته وتطويرها، أن والده يعمل على غزل الشعر وصناعة الباروكات وبيعها، وحين عرض عليه فكرة مساعدة أطفال مرضى السرطان لم يضيع وقتًا، وعلى الفور أقدم على مساعدته في جلب شبك الباروكة من المستوردين: "كان حظي حلو أن والدي بيصنع الباروكات الرجالي والنسائي وبيبعها ولما عرضت عليه الموضوع دا رحب جدًا وبدأ يصنعها ويجبهالي، ودا وفر عليا فلوس كتيرة جدًا لأن سعر الباروكة أصلًا بيوصل من 4 لـ 5 آلاف للأولاد والبنات".

يحكي "سامح" أنه حتى الآن ساهم في إسعاد ما يزيد عن أربعة أطفال ومستعد لمساعدة المزيد، فمهمته ليست مقتصرة فقط على تركيب الباروكة وصناعتها بل يظل متواصلًا مع الحالات: "مهمتي مبتنتهيش مع تركيب الباروكة أنا بفضل متواصل معاهم في أي وقت وكمان لو فيه حد أتبرع لطفل بباروكة مستعد اركبهاله ببلاش واقصهاله وأتابع معاه كمان".

الأطفال جنة الله في أرضه وزينة الحياة الدنيا، حبهم نعمة وتعلقنا بهم شغف، في سبيل إرضائهم تهون الحياة والمال، فهم أغلى من الذهب والماس، فرؤية البسمة على وجوه الأطفال وإدخال السعادة على قلوبهم هو الهدف الأساسي الذي يسعى إليه صاحب الثلاثين عام فعلى الرغم من التكلفة المادية وعلى الرغم من المجهود والوقت الذي يقطعه لمساعدتهم إلا أن ابتسامة واحدة يراها على وجه أحدهم تهون عليه كل شيء، فحبهم يسير في قلبه حتى النخاع.

Advertisements
الجريدة الرسمية