رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

لماذا يرفض العثمانيون الجدد الانتساب إلى الإسلام السياسي؟

رجب طيب أردوغان
رجب طيب أردوغان

طوال العقدين الماضيين، وخاصة بعدما تولى رجب طيب أردوغان سدة الحكم في تركيا، ونجاحه في تثبيت أركان الحكم في يد حزب العدالة والتنمية، ذي الصبغة الإخوانية الواضحة، والإسلاميين بكافة طوائفهم، وفي القلب منهم جماعة الإخوان الإرهابية، يعتبرونه الخليفة المجدد لحلم الخلافة، الذي تقوم عليه أركان مشروعهم المزعوم.


دروس التاريخ

حزب العدالة والتنمية الذي تلاعب بالإخوان وجعلهم في قبضته، استطاع الاستفادة من كل دروس التاريخ، والتخفي في عباءة علمانية على مقاسه، تختلف بالطبع عن تلك التي أسس لها كمال أتاتورك، لذا يعيش في صراع دائم مع العلمانيين في تركيا الذين يتهمونه بالأصولية، والسعي لأسلمة المجتمع التركي، والوصول في النهاية إلى حكم ديني مستورد من القرون الوسطى، وهي التهمة التي يعمل أردوغان وحزبه والموالين لها دائما على نفيها، والعمل ضدها طوال الخط.

سلسلة الاتهامات التي تواجه أردوغان دائما، جعلته لا يلجأ فقط لدفع الاقتصاد إلى مساحات واسعة والتمرد على التبعية الأمريكية، ولو بأداء مسرحي، بل والابتعاد تماما عن أي خط تماس مع الإسلاميين، وخاصة خلط مسائل المصالح والمفاسد والأولويات والفقه، وسنن التدرج في تطبيق أحكام الإسلام، لتجنب شبه خلط الدين بالسياسة بهذه الشكل الفج، الذي لم تنجُ منه إخوان مصر وأتباعها من الحركات الدينية، وذهب بهم هذا الفكر إلى الجحيم في النهاية.

رجال الفكر الأردوغاني كانوا على مستوى الحديث، وهؤلاء يمثلون ما يسمى بالإسلام الليبرالي، الذي ينتشرون في حركة النهضة التونسية، وبعض الجهات البحثية في البلدان العربية، وعلى رأسهم محمد مختار الشنقيطي، الأكاديمي والباحث في شئون الجماعات الإسلامية، الذي خرج مؤخرا وهو غاضب من مزاعم الإسلاميين التي يزعمون من خلالها أنهم أبناء شرعيين للدولة العثمانية.

الشنقطي الذي يعتبر من أهم المقربين لدوائر الحكم في تركيا، انتقد في مرات عدة، ومن على منابر جماعة الإخوان الإرهابية، ما أسماه ادعاءات بعض التيارات الإسلامية، وعلى رأسها الإخوان أنهم امتداد للخلافة الإسلامية العثمانية التي سقطت أوائل القرن الماضي، وطالبهم بالابتعاد عن مشروع أردوغان في الحكم، وعدم الزج به في أحلامهم بإعادة الدولة العثمانية من جديد.

ظاهرة حديثة

الإسلام السياسي ظاهرة حديثة، ولا يمكن بأي حال الجمع بينها وبين الدولة العثمانية، هكذا قال الشنقيطي في تصريح ألجم الجميع من متابعيه، وحتى من رؤوس الإخوان الذين حضروا معه في الاستوديو، بسبب إصرار الرجل على نفي أي ارتباط بين الإسلام السياسي، وحتى الدولة العثمانية في شكلها القديم، مهما اقتربت الكثير من المفاهيم، وتوحدت الكثير من الأهداف بينهما.

أن الدولة العثمانية كانت مملكة سلطانية أقيمت على أساس حكم وراثي، بينما الإسلام السياسي يسعى إلى نظام إسلامي يشبه ذلك الذي أقيم في صدر الإسلام، أنهى الشنقيطي حديثه، مؤكدا أن كليهما يبتعد عن السياسة الحديثة المتبعة في بلدان العالم المتطور.

الكاتب والمحلل السياسي إسلام أوزكان، يكشف سر الخلطة الأردوغانية، التي يسعى إلى تثبيتها دائما، مؤكدا أن أردوغان يتعامل مع العلمانية بطريقة براجماتية بحتة، وهذا ما يبرر تصريحاته المتناقضة بشأنها، فتارة ينصح ويوصي بها في جولاته الخارجية بالشرق الأوسط، ثم يصدر تصريحات مخالفة في أحيان أخرى، فالأمر بالنسبة له لا يتعلق بالعلمانية أو الأتاتوركية، ولكن إحكام قبضته على الحكم، مثلما كان عليه الحال مع أتاتورك.

الكاتب والمحلل السياسي التركي يرى أن الأيدلوجيات والمواقف السياسية مختلفة دون شك بين أردوغان وأتاتورك، ولكن تصفيات حساباتهم مع الخصوم متشابهة ومتطابقة، وهو سر قوة كل منهما، وجلوسه على العرش لأطول مدة ممكنة، وهو يحققها حاليا بما يسمى بـ«الأطروحة الإسلامية التركية»، وليس قيم الدولة العثمانية أو أفكار الإسلام السياسي الرجعي. 
Advertisements
الجريدة الرسمية