رئيس التحرير
عصام كامل

كونوا على مستوى الرئيس


لم يعرف أحد عن الرئيس عبد الفتاح السيسي، صفة التعالي أو جرح أحدًا حتى في أصعب لحظات غضبه، وقد عُرف عن الرجل لفتاته الإنسانية التي يعتبرها مؤيدوه رصيدا لهم في تبنيهم لمنهجه، فيما يعجز منتقدوه، حتى ألد أعدائه، عن تشويه تلك اللمسات الإنسانية الراقية، التي ربما لم تكن معتادة من رؤساء مصر، وخلاصة القول: إننا أمام رئيس خلوق مؤدب بكل ما تحمل الكلمة من معنى.


ولقد قال الرئيس في حواره الذي أجراه قبيل انتخابات الرئاسة الماضية وتوليه الحكم لفترة ثانية، إنه ليس بالضرورة أن يكون راضيا عن الإجراءات الأمنية التي تصحب موكبه، وفهمت أنا أن من يتولى تلك الإجراءات هي الجهات المختصة.

لكن ما حدث يوم السبت الموافق 6 أكتوبر الجاري، خلال زيارة السيدة المصون ميلانيا ترامب حرم الرئيس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للقاهرة، يؤكد أننا ما زلنا نعاني إجراءات عفا عليها الزمن في التعامل مع الشعب وربما تتناقض مع تصريحات الرئيس نفسه.. ففي تمام الساعة الثانية ظهر السادس من أكتوبر عام 2018، كانت الطرق بطبيعتها هادئة لظروف الإجازة.. وكان مقرر أن السيدة ميلانيا ترامب بصدد زيارة الأهرامات بالجيزة.. وفجأة تحول محور أكتوبر من أعلى قلب العاصمة القاهرة مرورا بالجيزة إلى منطقة ممنوع الاقتراب منها أو التصوير.. فجأة مرَّ موكبها وفجأة فوجئ الناس أنهم مضطرون بالأمر المكوث في سياراتهم المتوقفة لحين مرور سيدة أمريكا الأولى بسلام وطمأنينة.

مرت سيارة ميكروباص أجرة على المحور الساعة الثانية وعشرين دقيقة ظهرا.. وفجأة منع أفراد ورجال الأمن السائق من الوقوف في أي محطة، في حين أن راكبا مسنا كان طلب من السائق التوقف أعلى مسرح البالون، فمنع الأفراد وقوفه، فترجى الرجل السائق ليقف عند منطقة "أبو الفدا"، فوافق راجيا من الرجل السرعة كي لا يتعرض للإيذاء.. وصدق ظن السائق.. ففجأة ظهر صراخ رجال أمن يقولون للركاب أركب تاني ممنوع النزول.. فركب الرجل المسن وعلم أنه مضطر للنزول بميدان عبد المنعم رياض والعودة مجددا إلى حيث وجهته الأولى، الغريب أن شخصا كان يقف يرتدي ملابس مدنية سب السائق بأبيه بعد لحظات من مرور موكب ميلانيا ترامب.. كتم السائق الألم في نفسه ومضى.. والناس في حالة ضيق يصعب وصفها.

الذي أعلمه جيدا أن مثل هذه الأساليب مرفوضة جملة وتفصيلا لدى القيادات العليا بالدولة وعلى رأسها القيادة السياسية ومن بعده وزير الداخلية.

الذي أعلمه جيدا أن رصيد الدولة وقوتها في علاقتها الطيبة بالشعب بناء على نظرية "العقد الاجتماعي" ذلك المفهوم الذي رسَخه الرئيس نفسه بأولى خطاباته السياسية، وإذا كنا نريد احترام العالم لحضارتنا فعلينا أن نعلي رصيد الاحترام الداخلي لأنفسنا.

إننا لا ننكر ثمار زيارة المشاهير خاصة إذا كانت الزائرة زوجة رئيس دولة كبرى لمناطق مصر السياحية على مستوى الترويج للسياحة، لكن لا حرج على الجهات المعنية في مثل تلك الأحوال أن تعلن مواعيد غلق بعض الطرق لإجراءات أمنية محددة بالساعات احتراما لأوقات المواطنين وكرامتهم.
 
وليحفظ الله مصر دولة وحكومة وشعبا ويُنجها من كل سوء.

الجريدة الرسمية