رئيس التحرير
عصام كامل

الرحمة المحمدية والكرم الإلهي


ما أعظم رحمة الله تعالى بالعباد، وما أشد محبته سبحانه وتعالى للنبي الكريم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لقد بلغ من محبته تعالى له أن قال له سبحانه: "ياحبيبي يامحمد.. أنبيائي وأوليائي وملائكتي وعبادي الصالحون يتقربون إلى ويتوددون إلى بالعبادات والطاعة والأعمال الصالحة لعلهم ينالوا رضاي، أما أنت فأنا أعمل لرضاك".. وصدق تعالى إذ قال: "ولسوف يعطيك ربك فترضى"..


هذا وهناك مخاطبات بينه عزوجل وبين حبيبه الأعظم وخليله الأكرم صلى الله عليه وسلم جاءت في الأثر تستوجب الوقوف عندها والتأمل فيها، حتى ندرك قدر نبينا الرحيم ومنزلته السامية الرفيعة ومكانته الفريدة عند ربه تعالى، وفي نفس الوقت ندرك على قدرنا المحدود مدى وسعة رحمة الله تعالى بعباده، وخاصة بالمؤمنين منهم، وندرك أيضا حقيقة وصفه عزوجل للحبيب صلى الله عليه وسلم الذي قال فيه: "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين"...

هذا وإليك عزيزي القارئ بعض هذه المخاطبات الربانية لحبيبه ومحبوبه التي تحمل بين طياتها الكثير والكثير من المعاني التي أشرت إليها.. سأل النبي الكريم صلى الله عليه وسلم ربه تعالى: "ربي متى تغفر للعاصي من أمتي إن تاب إليك". فأجابه عز وجل: "قبل أن يموت بسنة إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. فقال عليه الصلاة والسلام: "ياربي زدني".. فأجابه سبحانه وتعالى: "قبل أن يموت بستة أشهر إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. 

فقال نبي الرحمة: "يارب زدني".. فأجابه سبحانه وتعالى: "قبل أن يموت بثلاثة أشهر إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. فقال صلى الله عليه وسلم: "يارب زدني".. فأجابه جل جلاله: "قبل أن يموت بشهر واحد إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. فقال عليه الصلاة والسلام: "يارب زدني".. فأجابه تبارك في علاه: "قبل أن يموت بجمعة واحدة إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. فقال عليه الصلاة والسلام: "يارب زدني".. فأجابه جل ثناؤه: "إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبل أن يموت بيوم واحد قبلته"..

فقال صلى الله عليه وسلم: "يارب زدني".. فأجابه سبحانه وتعالى: "قبل أن يموت بساعة واحدة إن تاب إلى عبدي العاصي من أمتك قبلته".. فقال المبعوث رحمة للعالمين: "يارب زدني".. فأجابه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين سبحانه: "يا حبيبي يا محمد لأن وصلت روح عبدي العاصي من أمتك إلى الحلقوم وتاب إلى لقبلته من أجلك يا حبيبي يا محمد"..

هذا الخطاب الرباني، وذلك الحوار المملوء بالرحمة الإلهية والرحمة المحمدية من أعظم المخاطبات التي تجلي رحمة الله تعالى بعبده العاصي، وتبين أيضا مدى شفقة النبي الكريم ورحمته بأمته صلى الله عليه وسلم وحرصه عليها، وصدق تعالى إذ قال: "لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤوف رحيم"..

وتجلي أيضا وتبين وتظهر مدى محبة الله تعالى للحبيب المصطفى صلى عليه وسلم ومدى رحمته ورأفته سبحانه وتعالى بالعصاة من الأمة المحمدية.. هذا وجاء في الأثر أيضا أن النبي الكريم تذكر أحوال يوم القيامة وأهوالها وشدتها فبكى عليه الصلاة والسلام إشفاقا ورحمة بالأمة.. فاهتز عرش الرحمن تأثرا ببكائه فأرسل الله تعالى إليه الأمين جبريل عليه السلام سائلا عن سبب بكائه وهو تعالى أعلم..

فقال النبي: "يا أخي يا جبريل شغلني أمر أمتي وخفت عليها".. فأوحى الله تعالى إليه: "أن يا حبيبي يا محمد وعزتي وجلالي لن أسوءك ولن أحزنك في أمتك يوم القيامة، فإني قد قسمت يوم القيامة بيني وبينك.. فأنت تقول.. ربي أمتي.. وأنا أقول لك.. رحمتي. رحمتي. رحمتي"..
الجريدة الرسمية