رئيس التحرير
عصام كامل

منشورات الملاحدة


ماتَ والدُ أحد المُلحدين، فعزَّاه صديقٌ مؤمنٌ فكتبَ له: "للطبيعةِ ما أعطتْ، وللطبيعةِ ما أخذتْ، وكلُّ شيء عندَها بالصُّدَف.. ما نحنُ إلا حُثالةٌ كيمائيةٌ.. كلُّنا كائناتٌ وُجدْنا لنهلكَ، جئنا منْ العدَم وبُعثنا منِ العدَم، وسنرجعُ إلى العدَم.. عظَّمتْ الطبيعة أجرَك، وشكرتِ الطبيعة سعيَك"..


نصًَّا منْ منشورٍ على "جروب" للمُلحدينَ على "فيس بوك".. الملاحدة ليسوا سواءً، بلْ فِرقًا وشِيعًَا. هم أحرارٌ، اللهُ سبحانه وتعالى أطلقَ حرية العقيدة: "فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ".. "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً، وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ".

غيرَ أنَّ هناكَ أمرين لافتين فيما يتمُّ تداولُه على مجموعاتِ المُلحدين على مواقع التواصل الاجتماعى.. الأولُ: هم يطلبونَ الحرية لأنفسِهم ويرفضونَها لغيرِهم.. أحدُ المُشاغبين كتبَ منشورًا ساخرًا آخرَ نصُّه: "أحدُ المُلحدين اكتشفَ أنَّ والدَه عقيمٌ.. فلما سألَ والدته: كيف أنجبتْه وشقيقه منْ زوجٍ عقيمٍ، فأجابتْه: "لقد أنجبتُكما بالصُّدفة"، في إشارةٍ إلى ما يروجونَه بشأنِ خلقِ الكون.

الملاحدةُ يقولونَ: إنَّ هذا الكونَ ليس له ربٌ أو خالقٌ أو صانعٌ، وإنما خُلقَ بالصدفة.. الغريبُ.. أنَّ جماعاتٍ منْ المُلحدين تناوبتْ سبًَّا وقذفًا بحقِّ صاحب المنشور، واعتبروه هازئًا بـ"أفكارِهم البالية"، مُتهكمًا على "معتقداتهم الواهية"، وطالبوا بطردِه، ولم يمنحوه الحرية التي يطلبونها لأنفسِهم.

هذهِ واحدةٌ، أمَّا الثانيةُ.. فبعيدًا عمَّا تمتلئ به هذه التجمعاتُ من تخاريفَ وتجاوزاتٍ، لا علاقةَ لها بأىِّ منطق سديدٍ أو فكرٍ سليم، فإنه من المؤكد، وبعيدًا عن نظريات المؤامرة التي تتلبسُ المسلمين والعرب تحديدًا، فإنَّ هذهِ المجموعاتِ ليستْ عشوائية، بل مُنظمة جدًا، وبعضُها تديره جهاتٌ محترفة تتبعُ دولًا مُعادية وكارهة للإسلام، بهدفِ توسيع دائرة الإلحاد وإشاعة الفوضى.

ودليلُ ذلك.. ما تذخرُ به من الترويج المُنظم للطعن في كلِّ ما يتعلقُ بالإسلام تحديدًا، وهو طعنٌ لا يبدو عشوائيًا يرددُه شبابٌ مُكتئبون أو مُحبَطون أو مرضى نفسيون، بل كلامٌ مدروسٌ ومُمنهجٌ ومعتمدٌ على نظرياتٍ وكتبٍ ودراساتٍ إلحاديةٍ.. باختصارٍ.. هذهِ التجمعاتُ ليست فقط مجرد "مقلب نفايات" للملاحدة، ولكنها "أفخاخ ومصائد" لاصطياد ضحايا جدد، وإقناعهم بتركِ الإسلام، وتحويلِهم إلى جنودٍ لاستقطابِ غيرِهم وهكذا.

ومنْ ثمَّ.. فإنَّ هذه الجروبات لا يجبُ أنْ تُتركَ هكذا دونَ حجْبٍ، خاصةً في ظلِّ حالة التردى الواضح في دورِ المؤسسات الدينية المُتخاذلة والمُتكاسلة في مكافحةِ هذه الظاهرة.. جروبات التكفير والإلحاد والطعن في الأديان والتشكيك في الثوابت والمُقدسات يجبُ أنْ تُعامل مُعاملة المواقع الإخوانية والداعشية الإرهابية، وآن الأوان لأنْ تطالَها يدُ الحظر في مصرَ والدول الإسلامية، فالحظرُ لا يكونُ لدواعٍ سياسيةٍ وأمنيةٍ فقط.. هذا أكثرُ أهمية..
الجريدة الرسمية