رئيس التحرير
عصام كامل

الرئيس «المهزوز»


بعيدًا عن أي انتماءات سياسية أو أيديولوجية، أؤكد أن استمرار الرئيس "رجب طيب أردوغان" على رأس السلطة في تركيا قد بات يشكل خطرًا على الدولة التركية، وقد يهوي بها إلى أسفل السافلين، لا لشيء سوى أن الرجل تحول منذ محاولة الانقلاب الفاشلة التي حاولت الإطاحة به في 15 يوليو 2016، إلى حاكم "مهزوز" ومتخبط، لا يثق في أي من المحيطين به، ويتخذ قرارات فردية غريبة، انعكست بالسلب على الاقتصاد التركي، وألقت -حتى- بمن شاركوا بوضوح في حماية نظامه وأطلق عليهم "أبطالا" في السجون، بحجة الانضمام إلى جماعة "فتح الله جولن".


فعلى الرغم من أن الغموض لا يزال يُغلف كواليس وحقيقة محاولة الانقلاب، وعجز لجنة التحقيق المنبثقة عن البرلمان التركي، والمحاكمات التي شملت مئات الضباط والجنرالات، في إظهار حقيقة ما حدث، أو من خطط، أو من نفذ، أو العثور على أي أوراق أو مستندات، تدين شخصيات أو قيادات بعينها.

فإن الهوس الذي أصاب "أردوغان" خلال تلك الليلة، جعله حتى الآن غير قادر على التمييز بين من معه ومن عليه، لدرجة أنه أصدر منذ أيام قرارا باعتقال الطيار "يونس بويرس" الذي قاد طائرته ليلة الانقلاب من منطقة مرمريس إلى مطار أتاتورك بإسطنبول، على الرغم من سيطرة الانقلابيين على الأجواء والقواعد العسكرية في تلك الليلة، وهو ما جعل الصحف الموالية للحكومة في ذلك الوقت تطلق عليه لقب "البطل الشجاع".

كما شملت قرارات الاعتقال والطرد من الخدمة التي أصدرها "أردوغان" أيضا، الضابط "براق أكن" حارس قائد القوات البرية، الذي أصيب في تبادل لإطلاق النار مع عدد من الانقلابيين، خلال محاولاتهم اغتيال قائده ليلة الانقلاب، وما تبعها من تكريم "أردوغان" له، ومنحه "وسام الشجاعة" وتكالب رجال الجيش والحكومة على زيارته خلال فترة علاجه، إلا أن القرارات الأخيرة شملت طرده من الخدمة دون إبداء أسباب.

ولأن الرئيس التركي أصبح بالفعل غير قادر على التمييز، فقد شملت قراراته، طرد "ضابط كبير" قدم خدمات جليلة للنظام خلال محاكمات عشرات الضباط التي تلت محاولة الانقلاب، حيث تم تقديمه كـ"شاهد سري" في العديد من القضايا التي وجهت فيها تهمًا بالانتماء إلى تنظيم "جولن" ومثلت شهاداته أساسا في إدانة العشرات من الضباط، وتم تقديمه للإعلام باسم حركي يدعى "عبد الله" وعلى الرغم من ذلك، طرده "أردوغان" أيضًا من الخدمة.

ولم تتوقف عجائب قرارات الطرد والاعتقال التي أصدرها الرئيس "المهزوز" عند هذا الحد، بل شملت طرد العشرات من "الخبراء" الذين تم الاستعانة بهم لكتابة تقارير في عدة قضايا حساسة، وتم الاستشهاد بتقاريرهم لإثبات التهم على منتمين لتنظيم "جولن" بل وتوجيه تهمة الانتماء للحركة لعدد منهم.

وعلى الرغم من حالة الاحتقان العام في تركيا، لا سيما بعد الانهيار الاقتصادي الذي أصاب البلاد بسبب القرارات المرتعشه لـ"أردوغان" وحكومته، فقد جاء تقرير "مركز ستوكهولم للحرية" ليضع العشرات من علامات الاستفهام حول الخطر الذي يحيط بنحو "نصف مليون تركي" تم اعتقالهم، ويخضون لإجراءات قانونية، بتهمة الانتماء إلى "حركة جولن" مؤكدا أن مصير القتل المشبوه يواجه أغلب هؤلاء المعتقلين، بعد رصد ما يزيد على 120 حالة وفاة وانتحار مشبوهة بين المعتقلين..

كان آخرها، الأكاديمي التركي المتقاعد "صبري كولاك" الذي تُوفي في ظروف غامضة بأحد السجون التركية نهاية أغسطس الماضي، حيث كان يقضي عقوبة بالسجن 7 سنوات لإدانته بالانضمام لحركة "جولن".

أؤكد أن الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" أصبح غير مؤهل للحكم، وأن قراراته المرتعشة قد تؤدي بالبلاد إلى مزيد من التدهور والاحتقان، وأن الأيام المقبلة قد تشهد انفجارا، قد يأتي على الأخضر واليابس في البلاد.
الجريدة الرسمية