رئيس التحرير
عصام كامل

احتفال الشيعة بعاشوراء بين الاعتقاد والولاء لإيران

فيتو

طرح الإعلان عن الاحتفال العلني بعاشوراء من قبل شيعة مغاربة، جدلا جديدا بشأن المغزى من الاحتفال وعدد الشيعة في المغرب، ودعا زعيم الشيعة بالمغرب، عبد الرحمن الشوكراني عبر "فيس بوك" الشيعة المغاربة إلى الاستعداد لإحياء ذكرى عاشوراء أمام أنظار الجميع، مرتكزا إلى أن احتفالهم عقدي وليس سياسيا.

الشيعة المغاربة ليسوا الوحيدين الذين أعلنوا عن هذه الخطوة، بل ظهرت فعاليات شيعية أخرى تعلن الاحتفال علنًا بعاشوراء في جل البلدان المغاربية، وبينما كانت هذه الأقلية تمارس شعائرها في سرية تامة داخل بلدان أغلبية سكانها يؤمنون بالمذهب السني، خرجت اليوم إلى العلن تحتفل بمظاهر احتفالاتها.

"سنخرج علانية للتعبير على أنفسنا بطريقة تليق بالشيعيين"، هكذا يقول عبد الرحمن الشوكراني، رئيس جمعية "رساليون تقدميون" المحظورة في المغرب مؤكدا أنهم هذه المرة لن يفصحوا عن مكان وزمان الاحتفالات، لكنهم سيحيون رسميا أجواء هذه الذكرى " بإحدى المدن المغربية وسينقلون ذلك مباشرة على مواقع التواصل الاجتماعي. ويريدون التكتم بعدا عن التصادم مع الدولة المغربية.

ورغم أن المنطقة المغربية لم تشهد احتفالات شيعية بالزخم الذي تشهده دول عربية أخرى كالعراق مثلا، إلا أن هذه الفئة أقرت بخروجها إلى الواجهة هذه السنة عملا بمقتضيات الدساتير المغاربية

التي تحمي حق الاعتقاد والتعبير في مجمل دولها

"حرب" مع الدولة والمجتمع؟
وقال سامي براهم، الباحث في مركز الدراسات والبحوث الاقتصادية والاجتماعية بتونس "يعتبروننا مواطنون من الدرجة الثانية، وبالتالي الخنق والتضييق موجود"

وفي الوقت الذي تضمن فيهه معظم الدساتير بالدول المغاربية حق التعبير والمعتقد، يخرج أنصار الشيعة في كل مرة ليعلنوا "التضييق" الذي يتعرضون له من قبل دولهم ومن بعض الجهات الأخرى.

" براهم"، أشار إلى فئات من السلفيين المتشددين الذين يمثلون خطرا على المتشيعين، لأن لديهم موقف حاد من الشيعة ويرون فيهم "روافد"، وربط اختيار الشيعيين المغاربيين عدم الظهور، أو ما يسمى بالتقية، بالتضييق والاستهداف الذي يتعرضون له من قبل هؤلاء.

وفيما يعتبر الشوكراني أن "الدولة تدعم الإسلام السني فقط"، رغم أن المذهب الشيعي هو مذهب متسامح، يؤكد براهم أن الدول المغاربية لا تخشى التشيع بدليل وجود أحزاب شيوعية ملحدة فيها... وإنما خوفها ناتج من استحداث طائفة شيعية يمكن أن تكون ملحقة بمرجعية غير وطنية.

تزايد الشيعة بالمغرب
كشف تقرير الخارجية الأمريكية حول "الحريات الدينية في العالم لعام 2017" أن ألفي شيعي يتواجدون في المغرب. في حين لا توجد إحصائيات رسمية بهذا الخصوص بالنسبة لتونس مثلا، إلا أن محمد التيجاني السماوي وهو أحد رموز التشيع بالبلد قدر عددهم بمئات الآلاف، حسب ما تناقلته منابر إعلامية مختلفة. أما في الجزائر، فيُقدر عدد المتشيعين بنحو 75 ألف شيعي.

تنامي عدد الشيعة في بلدان المغرب العربي كما يقر الباحث التونسي، لا يعني وجود ظاهرة التشيع بالمنطقة، وهو ما يذهب إليه زعيم الشيعة المغاربة أيضا، ويؤكد أن التشييع في تزايد مستمر، الشوكراني أرجع تخمينه بخصوص تزايد عدد الشيعية في المستقبل لعدة اعتبارات منها؛ أنه "مذهب متسامح وإنساني، كما أنه يفهم احتياجات المرأة...".

بالمقابل يعتبر سامي براهم أن التشيع مظهرا مسيسا يرتبط بإيران أكثر مما هو ملتصق بالسياق الثقافي والديني المحلي للبلدان المغاربية. الباحث التونسي، يرى أن جزءً ممن انتقلوا لاعتناق المذهب الشيعي اختاروه عن قناعة شخصية، لكن الجزء الثاني منهم مرتبط بالعائدين من سوريا والعراق وإيران والمتأثرين بالمذهب.

سياسة أم عقيدة؟
تُوجه أصبع الاتهام عند الحديث عن "التشيع" إلى إيران. كثيرون يعتقدون أن هذا البلد هو الداعم الرسمي "للمد الشيعي" بالمنطقة المغاربية. خاصة وأن العلاقات التي تجمع طهران ببعض العواصم المغاربية متأزمة، كما هو الشأن بالنسبة للمغرب مثلا، لكن تنفي جهات أخرى كل هذه الاتهامات، وتصرح أنها سبقت إيران إلى اعتناق مذهب الأئمة، وأن لا علاقة لهم بإيران، كما أفاد الشوكراني في تصريحه. زعيم "أتباع الحسين" بالمغرب، أكد أن "إيران ليس لها يد نهائيا في تشييع المغاربيين، في حين توجد منظمات إيرانية تنشط في الشرق الأوسط".

وفي الاتجاه الموازي، توجد بعض "المراكز الثقافية الإيرانية النشيطة على المستوى الثقافي والتواصلي، في تونس على الأقل، بشكل يعطي الانطباع أن هذه الندوات والمؤتمرات... ليست تلقائية لأنها لا تعبر على المجتمع وليست جزءً من الثقافة المغاربية وإنما هي وافدة"، في إشارة من سامي براهم إلى ارتباط التشيع بإيران وجهات أخرى.

هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل


الجريدة الرسمية