رئيس التحرير
عصام كامل

هشام النجار الباحث بالشئون الإسلامية: الصوفيون أصحاب مبدأ «السياسة نجاسة» وغير مؤهلين لدخول معتركها

فيتو

  • الصوفيون يعيشون انتصارا تاريخيا وفشلت محاولات عدة أنظمة لدمجهم بالحياة السياسية 
  • الخصومة بين الإخوان والسلفيين من جهة والصوفيين من جهة أخرى تعبر عن صراع تاريخي 
  • الصوفية لها تصور مختلف عن الإخوان والسلفية في قضايا الخلافة والحاكمية والجهاد

يرى هشام النجار الباحث في شئون الجماعات الإسلامية أن الطرق الصوفية، غير مؤهلة لدخول معترك السياسة، مشيرا في حوار لـ "فيتو" حول تداعيات رئاسة شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالهادي القصبي لائتلاف دعم مصر، إلى أن الصوفيين عاشوا لسنوات طويلة يعتبرون السياسة نجاسة وفشلت محاولات عدة أنظمة مختلفة لدمجهم في الحياة السياسية.

واعتبر النجار رئاسة شيخ مشايخ الطرق الصوفية عبدالهادي القصبي لائتلاف دعم مصر، مجهودا فرديا يحسب للرجل وليس للصوفية بشكل عام، مشيرا إلى أنه يمكن الاستفادة من الصوفيين في نشر قيم التسامح والرقي الأخلاقي.
 
وإلى نص الحوار: 

*كيف تنظر لتصعيد عبد الهادي القصبي على رأس ائتلاف دعم مصر؟
جهد فردي من القصبي ليس أكثر من ذلك، بالفعل الطرق الصوفية مرشحة للدخول في المجال السياسي ولكنهم غير مؤهلين لذلك، كما أنهم فوجئوا بهذا التطور، وكانوا غير مستعدين للانفتاح على عالم السياسة، وإذا جازفوا ودخلوه سيفشلون فشلا ذريعا مثل غيرهم، وسيخسرون شعبيتهم. ولا أعتقد أن الدولة تنظر إليهم باعتبارهم قوة يمكن الاعتماد عليها في الحشد السياسي ولكنهم في كل الأحوال يحظون برضا سياسي كامل بدليل تمهيد الطريق لشيخ مشايخ الطرق الصوفية عبد الهادى القصبى وتصعيده سياسيا على هذا النحو.

*هل تمتلك الصوفية القدرة التنظيمية مثل الإخوان والسلفيين؟
الصوفية لا تملك القدرة على التنظيم أو الفعل السياسي المنظم، رغم أن لها حضورا وشعبية مهولة وطاغية، لا تقارن بأكثر تنظيم حركي كتنظيم الإخوان، فلو كانت الطرق الصوفية تملك القدرة التنظيمية لتمكنت من السيطرة على مقاليد الحكم بأكملها وليس البرلمان فقط، فمع هذه الجماهيرية والشعبية يتمكن أي تنظيم من السيطرة على المناصب بأكملها، والفرصة كانت سانحة أمامهم الفترة الماضية.

*كيف كان الطريق مفتوحا أمام الطرق الصوفية الفترة الماضية؟
بعد انهيار الإخوان وفشلهم، الذي كان السبب في كراهية الشعب لهم، كانت الفرصة سهلة أمامهم، خاصة أن الصوفيين أعلنوا عن تأسيس بعض الأحزاب في 2011، وهناك عدة أحزاب سياسية لها طابع صوفي منها «النصر، التحرير، نهضة مصر»، وجاء تأسيس تلك الأحزاب كرد فعل من جانبهم على تصاعد نفوذ جماعة الإخوان والتيارات السلفية في مصر، ولكنهم فشلوا بسبب الحاجة إلى تجديد الخطاب السياسي، والحاجة إلى حدوث مراجعات فكرية، والصوفية تهتم بالفرد حيث تركز على سمو الفرد روحيا بالنسبة للتقى والورع، فهذا هو الهدف الرئيسي للصوفية، إلى جانب الطقوس التي تنظمها في المناسبات المعروفة عنهم.

*هل استفادت الطرق الصوفية من شعبيتها العالية؟
الفكرة ليست في العدد، الأهم أن يبتعد الصوفيون عن فكرة العزلة عن المجتمع، وبالتالي إخراج أشخاص فاعلين، قادرين على نشر الرسالة الصحيحة عن الدين، وتصحيح المفاهيم الخطأ لتعاليم الدين الإسلامي، على أن يكون دورهم مقتصرا على التهذيب النفسي، والتوجيه إلى الفكر الصحيح، هذه الجموع الغفيرة للصوفيين لديها قدرة على دعم مؤسسات الدولة في تحقيق ذلك.

*هل تؤيد تدخل الصوفية في العمل السياسي؟
لا أرجح توظيف الدين في السياسة، الكيان الديني لو تم توظيفه في السياسة سنكرر نفس خطأ الجماعات الإسلامية السابقة بعدما استغلت الدين في العمل السياسي، وهذا هو أكبر خطأ، لأن السياسة غير مضمونة ومتغيرة ولها تقلباتها الخارجية، كما أنها تحترم أي شيء بسبب صفة التغيير التي تميزها، ولكن الدين يتميز بأنه ضمن الثوابت، وبالتالي من الممكن توظيفه لأغراض أخرى.

*هل تتوقع تغلغل الطرق الصوفية الفترة القادمة في السياسة؟
لا أعتقد أنها ستخوض التجربة السياسية، فهم أصحاب مبدأ «السياسة نجاسة والبعد عنها غنيمة»، فقد ظلت الحركة الصوفية في مصر، على مدار عقود بعيدة عن الانغماس في الشأن السياسي بشكل مباشر، وهو موقف ظل ثابتا رغم حرص الأنظمة الحاكمة التي توالت على حكم البلاد، على التواصل معهم، ربما لأنهم يمثلون كتلة كبيرة.

وإن حدث وتدخلت في السياسة سيكون ذلك بشكل فردي كترشيح صوفي في الانتخابات أو المشاركة في تحالف، ولكن لن تعمل في جماعات كما فعل الإخوان أو السلفيون، وهو أفضل طريق لنجاحهم، وأنا أؤيد أن يتعاملوا ليس ككيان ولكن بطريقة فردية، كأفراد نخبويين لهم مرجعية فكرية، ويمتلكون من المؤهلات والقدرات ما يمكنهم من التعامل السياسي.

*ما الحضور المطلوب من الطرق الصوفية؟

الفاعلية والتأثير في المطلق يمكن تشبيههم بالجامعات، تعلم الطلاب، ليفيدوا المجتمع عند التخرج، وهو ما ينبغي أن يحدث مع الطرق الصوفية، فكان لا بد أن تتحول لمكان للعلم وتخرج شبابا بارعين، يتم تربيتهم على سمو الأخلاق والتعاليم الصحيحة للإسلام، ولكن ما تفعله الطرق الصوفية أخذ الناس من المجتمع وعزلهم عنه.

*كم يبلغ عدد الصوفيين في مصر.. وكم تقدر نسبة شعبيتهم؟
يبلغ عدد الصوفيين في مصر 13: 15 مليونا، كما أنهم ليسوا في مصر فقط ولكنَّ لهم امتدادا خارجيا في دول كثيرة كتركيا وإندونيسيا وغيرهما، مما أعطاهم حضورا شعبيا كبيرا، فالبعض يعتبرهم امتدادا للأزهر الشريف.

*ماذا تحتوي مكاتب الطرق الصوفية من تراث، وهل يتم تجديده؟
أي تراث فكري بحاجة إلى تجديد، وخاصة إذا كان يخص عقلية البشر، ما عدا النصوص المقدسة والثوابت، وما دون ذلك لا بد من تجديده ليتلاءم مع التطور والمصلحة العامة ويتواكب مع متطلبات العصر، وما يعيشه من إصلاحات، لذلك تسعى الدولة لتجديد الخطاب الديني ما بين الحين والآخر، أما الطرق الصوفية فهناك طرق صوفية، تقليدية، لا يمكن التغيير فيها ولا يقبلون التجديد، وهناك من يسعى للتجديد كما يفعل "علي جمعة" مفتي الجمهورية الأسبق.

*ما موقف الطرق الصوفية الخارجية من التطوير؟
الطرق الصوفية لها نفوذ كبير في السودان وتركيا وإندونيسيا والمغرب والصومال، والكثير من الدول الأفريقية، لها حضورها ومريدوها وطرقها، والتي تختلف درجتها من دولة لأخرى.

*كيف تنظر للموقف الحالي للصوفية في ظل خسائر الإخوان والسلفيين؟

الخصومة بين الإخوان والسلفيين من جهة والصوفيين من جهة أخرى تعبر عن صراع تاريخي، منذ مئات السنين، فالصوفية لها تصور مختلف عن الإخوان والسلفيين في قضايا الخلافة والحاكمية والجهاد، والصوفية الآن في موقف أفضل مما كانت عليه في المرحلة التي كان فيها حضور للإخوان والسلفيين، لأن الجماعتين كانوا يشوهون صورة الصوفية، لذلك تشعر في الوقت الحالي أنها في مرحلة انتصار تاريخي.
الجريدة الرسمية