رئيس التحرير
عصام كامل

«ونس» الفائز بجائزة باريس للسينما العربية.. ولنا في الخيال حياة (فيديو)

فيتو


في مطلع يوليو الماضي فوجئ المخرج الشاب "أحمد نادر" بفوز فيلمه الروائي القصير الأول "ونس"، بجائزة أفضل فيلم روائي قصير مناصفة مع الفيلم العراقي "أرض الآباء"، في مهرجان السينما العربية الذي ينظمه معهد العالم العربي في باريس، عندما عاد في ثوبه الجديد بعد غياب دام نحو 12 عاما.

"كانت بالنسبالي خطوة مهمة إني اتشاف في فرنسا وفي مهرجان كبير زي معهد العالم العربي، وأفوز بأفضل فيلم روائي قصير وسط 30 فيلما جميعهم حصدوا جوائز من قبل في مهرجانات كنت متقدما فيها ولم يحالفني الحظ"، يتحدث "نادر" معبرا عن سعادته بهذه الجائزة.


تكللت بذلك أولى خطوات نادر الاحترافية في مجال الأفلام الروائية القصيرة، بنجاح لم يتسن لعقله استيعابه في بداية الأمر، استطاع حفر اسم فيلمه في واحد من ضمن المهرجانات العريقة، بعد أن سبق وفاز بالتانيت البرونزي في مهرجان "قرطاج السينمائي" في نوفمبر 2017، وتوالت التكريمات في مهرجانات الأقصر وهيباتيا بالإسكندرية، وأحد المهرجانات السورية.

ويجد "ونس" الذي يتناول قصة سيدة ورجل تجاوزا الثمانين من عمرهما، يعيشان معا في منزل واحد تبحث فيه الزوجة عن "أنيس" لها بعد مرض الزوج، مكانه بين أكبر الأفلام الروائية القصيرة في العالم العربي، رغم محدودية تكلفته وتصويره في يوم واحد مدة 16 ساعة بإحدى شقق منطقة المنيل: "التقيت بالمسئولة الأولى عن مهرجان معهد العالم العربي للسينما في باريس خلال مهرجان قرطاج، وأخبرتني بأن فيلمي سيعرض على لجنة تحكيم المهرجان وفي يونيو من العام ذاته تم إخباري بقبول الفيلم في المهرجان، وبعد ذلك فوزه لكن مقدرتش أسافر بنفسي لباريس بسبب الفيزا وما إلى ذلك".


انطلق "أحمد نادر" الشاب السكندري الذي درس علوم الاجتماع في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، حياته الإخراجية والفنية والتي برزت معالمها منذ عام 2008، من بوابة إنتاج الأفلام الوثائقية وبيعها للشركات المتخصصة، يقول أحمد: "اشتغلت أول ما نزلت القاهرة مونتاج للأفلام الوثائقية وكنت ببيعها للشركات وكان بيخاف من اللوكيشن والإخراج بشكل عام لذلك اعتمدت على المونتاج في تعلم الإخراج بشكل أسرع وتكوين رؤية عندي".

وفي 2013 أخرج أول فيلم وثائقي حمل عنوان "البحث عن رشدي" الذي يعد تجربة ذاتية للمخرج تتناول رحلة قصيرة من البحث عن مهنة مصور الشاطئ من خلال المصور رشدي، و"صيد الخريف" في الفيوم، لكنهما لم يحالفهما الحظ ويحصدا الجوائز المحلية أو العالمية. يدرس نادر منذ عامين فنون الإخراج السينمائي ويستعد لإنتاج أول أفلامه الروائية الطويلة واضعا نصب عينيه النتيجة غير المتوقعة للتجربة الأولى "ونس".


قلق واضطراب، تمكن من المخرج الشاب قبل أخذ خطوته الأولى نحو إخراج الأفلام الروائية القصيرة، بعد أن اعتاد على إنتاج الأفلام الوثائقية، والمونتاج، فلم يكن الأمر ميسورا أمامه، ليتمكن من إقناع الفنان القدير عبد الرحمن أبو زهرة، والفنانة رجاء حسين، من خوض التجربة: «كنت مرعوبا لأن لسه محدش يعرفني في الوسط فتوقعت منهم الرفض»، كان الهدف من «ونس»، مواكبة الأفلام الروائية الطويلة من الناحية الاحترافية، من خلال الاستعانة بمدير تصوير، ومدير للإنتاج لديهم خبرة ليست قليلة بالمجال، وكان أمام «نادر» خيارين، إما الاستعانة بممثلين مبتدئين بالمجال «عادة ما تستعين بهم السينما المستقلة»، أما الاقتراح الثاني، فكان لممثلين أقوياء ليضعوا الفيلم في المكانة التي يستحقها، وساعده مدير الإنتاج «مدحت لبيب»، والذي كان همزة الوصل بين الفنانين القديرين، والمخرج الشاب.


«عبد الرحمن أبو زهرة ورجاء حسين مش فنانين ربح، دول ناس بيحبوا مهنتهم بجد»، كلمات قصيرة وصف بها المخرج «أحمد نادر» أبطال عمله، فالأمر بدأ معه بتخيل الفنان «أبو زهرة» بالدور، الذي يحتاج لمسن بأواخر السبعينات، وبداية الثمانينات، لديه ابتسامة جذابة، أما عن الفنانة «رجاء حسين»، فكان وجهها الأقرب للتحاور المضحك مع زوجها «بالخيال»، وقادرة على إظهار ملامح القهر والحزن على زوجها «مريض الفراش»، وبالفعل تمت المقابلة بين مثلث الفيلم المتميز، وافق الفنانان القديران على تمثيل الدور، وتحمسوا لبدء التصوير فورًا.


الزوجة، كانت محور الفيلم الأساسي، حيث اعتادت على وجود زوجها بكل لحظة وركن بحياتها، ولكن كان للمرض رأي آخر، فقد تمكن من جسد زوجها، وأصبح مضطرًا لملازمة الفراش مدى الحياة، ولكن عقلها لم يتقبل الأمر، وبدأ في تخيل زوجها بجانبها مرة أخرى، يداعبها من حين لآخر، يبتسم لها ويضاحكها، يجلسان سويًا لمشاهدة أفلامهم الرومانسية عتيقة الزمن.

أما عن أحداث الفيلم، فتدور في المنزل فقط، الذي استهلك فريق العمل وقتا كبيرا لإيجاده بالمواصفات المطلوبة، ومن عتق تراثه، ونظافة جدرانه «كنت عايزها شقة عجوزة لكن نظيفة لأن الزوجين من طبقة متوسطة»، وقُسم إلى 12 مشهدا تمثيليا، خلال 16 ساعة «الميزانية كانت محدودة، وكنا مضطرين نخلص في يوم واحد، فنبدأ شغل الساعة 2 الظهر، وأنهينا التصوير نحو 3 الفجر».


موت الزوج في أحداث الفيلم، لم يكن مشهد حزين بالنسبة للزوجة، فهمي تخلصت من الجثمان المريض الذي عكر صفو خيالها مع زوجها المبهج، واستسلمت لخيالها مرة أخرى، وبدأت في رسم مشاهد يومها معه مرة أخرى.

أما عن فيلم «حبيبتي» للفنان محمود يس، وفاتن حمامة، فدمجه المخرج الشاب مع أحداث الفيلم القصير، ليكمل القصة، فـ«حبيبتي»، يمثل ماضي الزوجين المسنين، أما عن الحاضر فيمثله أحداث «ونس»، وكان أصعب المشاهد في التصوير مشهد «استحمام الزوج»، فخجل الفنانة القديرة «رجاء حسين»، كان يمنعها من أدائه، لكنها فعلته بشكل مختلف يمس القلوب، حتى تم أخذ كدر المشهد ليكون بوستر للفيلم، وأصبح أفضل مشاهد الفيلم.

الجريدة الرسمية