رئيس التحرير
عصام كامل

رسالة إلى الرئيس


كتبت وغيري كثيرًا عن الحال الذي آل إليه الإعلام المصري في السنوات الأخيرة، وعن التردي الذي أصاب المؤسسات الصحفية والوهن الذي امتد إلى بعض القائمين عليها، وكتبت وغيري عن العشوائية التي أصابت الشاشة، سواء في مضمون الرسالة الإعلامية أو في اختيار المذيعين أو في المسئولين عن القنوات، حتى أصبحنا فرجة للآخرين، ومادة ثرية للمتربصين، وفي كل ما كتبت.. وكتب غيري.. كنت أطرح التساؤلات: من المسئول عن هذه الأوضاع ؟ وهل هناك تعمد لتسطيح الإعلام بحيث ينصرف عنه الناس؟ ومن المسئول عن اختيار من يطلون على الشاشة ومن يتخذون القرار داخل المحطات التليفزيونية؟


ومع كل مقال لي تتباين إجابات المتفاعلين مع ما أكتب، لكني استشعرت من البعض أن قريبين من النظام هم من دفعوا بالإعلام إلى هذه الحال، ولأنني أثق مثل الملايين في سعة صدر الرئيس وحرصه على أن تظل الريادة الإعلامية لمصر.. رأيت أن أتوجه إليه بالسؤال: من المسئول يا سيادة الرئيس عن الوضع المتردي للإعلام؟ وهل هناك رغبة في إعادة الروح إلى سلاح هو الأقوى في بناء الإنسان والزود عن الأوطان؟

سيادة الرئيس.. لقد انزوى إعلامنا أمام الإعلام المسموم الوافد إلينا من الخارج، وأصبح عاجزًا عن الرد، وإذا فعل.. جاء رده عشوائيًا متشنجًا خاليًا من المهنية وهو ما لا يليق لا بك ولا بمصر التي علمت الجميع فنون الإعلام.

ولا أخفيك سرًا إذا قلت إن الغالبية انصرفت عن الشاشات المصرية، ووجد البعض ضالته في شاشات أخرى أخشى أن يكونوا فريسة لها، لقد دفع المغرضون يا سيادة الرئيس بأنصاف المواهب على الشاشات، وصار الحديث عن الواسطة والمحسوبية في اختيار عناصر صناعة الإعلام هو الأبرز، وأصبحت مقولة (تعليمات عليا) هي الأكثر انتشارًا.

كاذب يا سيادة الرئيس من يدعي أن ما يحدث في الإعلام حاليًا قادر حتى على التسويق لأي إنجاز تحقق، أو مساندة نظام يسعى إلى البناء، أو دولة كانت ولا تزال مطمعًا لإرهاب تدعمه دول وترعاه أخرى، لقد فقدت أغلب الوجوه مصداقيتها وصارت عبئًا عليك وعلى الدولة، والإطاحة بها وبمن دفعها للظهور أصبح ضرورة حتمية.

سيادة الرئيس.. لقد شكوت بنفسك الإعلام أكثر من مرة للشعب، ونبهت في أغلب لقاءاتك على خطورة الأوضاع التي يجب على الإعلام أن يدركها، ولعلك تتذكر الحرج الذي وقعت فيه مصر مع دول شقيقة بسبب سطحية بعض المذيعين، والقضايا التي ناقشها آخرون بعشوائية فكان مردودها سلبيًا على علاقاتنا الخارجية.

سيادة الرئيس.. أعلم أن العبء ثقيل، وأن التحديات كثيرة، وأن ملف الإعلام يجب ألا يشغلك عن ملفات أهم تتعلق بأمن مصر وتوفير حياة أفضل للمواطنين، لكن الإعلام يا سيادة الرئيس هو أخطر الملفات حتى لو كان أقلها من حيث الأولوية، فما من رئيس إلا وكان الإعلام العنصر الأبرز في تقييم فترة حكمه.

احتكم يا سيادة الرئيس إلى خبراء وطنيين يترفعون عن مصالح شخصية ضيقة، سيقولون لك أن صناعة الإعلام تدهورت بسبب جهل القائمين عليها، وأن محتواه تم تشويهه بسبب جهل مقدميه، الذين فشلوا في توعية المواطن بدقة وخطورة الوضع الراهن.

سيادة الرئيس.. أعلم أن صدرك سوف يتسع لرسالتي، وأنك ستقدر غيرتي على مهنتي، وأنك على يقين أن كثيرا من المتصدرين للمشهد الإعلامي من محترفي القفز من المراكب، لذلك وفقوا أوضاعهم مع السابقين، ومستعدون لتوفيق أوضاعهم مع اللاحقين، ومع كل قفزة تتغير مبادئهم وفقًا لمصالحهم، كما أنني على يقين من أنك تشم رائحة المنافقين والمزايدين، وعلى يقين أيضًا من أن هذه السطور لا تقبل المزايدة لا على مصر ولا على تقديرنا لك.
Basher_hassan@hotmail.com
الجريدة الرسمية