رئيس التحرير
عصام كامل

أبناء الزواج العرفي بين الرقم القومي والتعليم


جاء دستور 2014 ليمنح المرأة المصرية المزيد من الحقوق، ويؤكد على المساواة بينها وبين الرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والزم الدولة بتوفير الحماية والرعاية للأمومة والطفولة، ليس تقليلًا من الأب ولكن تعظيمًا لشأن الأم ودورها الحيوي والجوهري في تنشئة الأطفال ورعايتهم.


تنص المادة 10 من الدستور على أن الأسرة، أساس المجتمع، قوامها الدين والأخلاق والوطنية، وتحرص الدولة على تماسكها واستقرارها وترسيخ قيمها، كما تنص المادة 11 على أن تكفل الدولة المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفقا لأحكام الدستور، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجًا، وغيرها من المواد الدستورية والقوانين التي سمحت ومكنت المرأة من خوض تولي مناصب قيادية لم تتولاها من قبل.

وأصدرت محاكم مجلس الدولة، أحكامًا قضائية أعلت فيها من شأن الأم المصرية، وأكدت على حقوقها سواء المنصوص عليها في الدستور الجديد، أو تلك التي تنتزعها من واقع المجتمع والقوانين والمبادئ القضائية التي ترسيها المحاكم، وأنصفتها كـ"أم" وأصدرت العديد من الأحكام القضائية التي أرست فيها مبادئ لأول مرة تساوي بين الأم والأب في تقييد أبنائهم ومنح الجنسية وغيرها، كما أكدت على حق الطفل، في التعليم والانتظام بالمدارس، حتى ولو كان نتاجا لزواج عرفي، ولو كان الزوج أجنبي.

من بين ما أصدرته محكمة القضاء الإداري، الحكم الصادر عام 2015، للأم "بسنت" التي تزوجت عرفيًا عام 2007 ووهبها الله طفلها "يوسف"، لكن الزوج تخلى عنها وأنكر نسب الطفل له، فأقامت قضايا عدة للنسب، وكبر "يوسف" وأصبح من اللازم أن يلتحق بالمدرسة كغيره من أبناء سنه، لكن الأم لم تستطع بسبب عدم استخراج شهادة ميلاد له، فأقامت دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري ضد وزيري الداخلية والتربية والتعليم.

ومكنت المحكمة الأم من قيد ابنها باسم والده من واقع ورقة الزواج العرفي وإلى حين صدور الأحكام النهائية من محكمة الأسرة، وألزمت وزير الداخلية باستخراج شهادة ميلاد له، كما ألزمت وزير التربية والتعليم بقيده في إحدى المدارس، وقالت المحكمة أن حرمان الأم المتزوجة عرفيًّا من أن يكون لطفلها وثيقة ميلاد بموجب عقد زواجها العرفي يعد نوعًا من الإيذاء البدني والنفسي للأم وعدوانا على أخص ما منحه لها الدستور من حقوق، والقول بغير ذلك يهدم كل معاني المساواة في الحقوق المدنية والاجتماعية بين الرجل والمرأة.

وفي حكم آخر أكدت المحكمة على أحقية الأم المصرية المتزوجة من أجنبي في منح أبنائها الجنسية المصرية، وقضت بإثبات الجنسية المصرية لكل من "تامر" و"أميرة"، وهم أبناء "حنان" التي تزوجت عرفيًّا من شخص سوداني الجنسية، وأنجبت منه طفلين وتم إثبات ميلادهما لكنهما لم يتمكنا من استخراج بطاقة الرقم القومي بسبب أنهما مولدين لأب سوداني.

كما أصدرت المحكمة حكمها في الدعوى 40015 لسنة 68 قضائية، ضد وزير الداخلية ورئيس مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية، وقالت إنه اعتبارا من تاريخ العمل بالقانون رقم 154 لسنة 2004 أصبح لمن ولد لأم مصرية الحق في التمتع بالجنسية المصرية شأنه شأن من ولد لأب مصري أي يستمد الجنسية المصرية بحق الدم، ولم يضع المشرع شروطا للتمتع بهذا الحق، وحتى ولو كان هذا الزواج زواجا عرفيًا.

وقضت محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية أيضًا، بمنح الأم حق حضانة وتعليم الأبناء في حال الانفصال عن الزوج وتحديد إمكان دراسة الأبناء وفقا لمحل إقامتها وليس إقامة الزوج، حيث أكدت المحكمة على مجموعة من المفاهيم الجديدة لصالح الأم المصرية الحاضنة أهمها أن النظام المدرسي من الحقوق اللصيقة بالطفل وحاضنته وليس وفق هوى الأب وأن انتزاع حق الرعاية التعليمية للصغار من الأم يهدد أمن واستقرار الطفل، وأيدت المحكمة قرار الجهة الإدارية برفض تسليم الملفات الدراسية للطفلين "إسراء"، و"محمد" المقيدين بالصف الأول الإعدادي والسادس الابتدائي، وبقصد تحويلهما إلى مقر إقامة الأب، لوجود صراع بين الأب والأم والجدة للأب والجدة للأم.. ولـلـحـديـث بـقـيـة..

الجريدة الرسمية