رئيس التحرير
عصام كامل

أحمد جلال البدرماني يكتب: عرفات وفرحة العيد

أحمد جلال البدرماني
أحمد جلال البدرماني

قضت حكمة الله تعالى ورحمته بوجود العيد للمسلمين من أجل الترفيه عن النفس والتسامح والتصالح وصلة الرحم بين الناس بعضهم بعضا وتقديم التهنئة في أبسط صورها لكي يذهب ما في النفوس من تشاحن وكره وغيره بالماضي من بعضهم بعضا.


العيد في الإسلام شعيرة ساميةٌ متكاملة وموفيةٌ لحاجات الروح والجسد، فالعيد يأتي متوجًا لشعائر عظيمة جليلة مما شرعه الله في رمضان وأشهر الحج من أنواع العبادات العظيمة، ولقوله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ) وقد فرح صلى الله عليه وسلم بالعيد وأمر أن نفرح به.

فعن عائشة رضي الله عنها قالت دخل أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار تغنيان بما تقاولت الأنصار يوم بعث، قالت: وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ - وذلك في يوم عيد - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر إن لكل قوم عيد وهذا عيدنا، فالنبي صل الكريم يرسل رسالة هامة، هي أن أعيادنا للفرحة والسرور والتقارب والتسامح والجلوس مع أبنائنا وأهلينا لنسعدهم ولنصل الأرحام.

عيد الأضحى بعد أداء فريضة الحج، فنعم المولى الذي يرحم ويعطي ويجعل عباده في اتقاء وارتقاء بأشياء بسيطة في -قبضة أيدينا- فعلها وتقديمها في أجمل صورها خالصة لله تعالى، إن كان عمل أو صيام أو أضحية أو إحسان أو صلة أرحام أو طاعة لرب الأنام، وممن ينشرح له الصدر ويحن له القلب ويجل له تقديرًا ومهابة وإجلالًا ومعرفة هو المشهد الذي ينتقل عبر شاشاتنا شاشة الأمة وإن لم نكن من الحضور، فتكن أرواحنا حاضرة في هذا الجمع الحافل الغافر الكريم، الذي تتنزل عليه الرحمات والبركات والسكينة، إنه يوم عرفة يوم التهليل والتكبير والدعوات وخلع ما بالنفوس ووقوف العبد خاليًا العقل والقلب والخواطر خالصًا لله لا يكن به سوى حال يتجلى به رب العباد بعباده من تهليل وتكبير وانكسار لله ليذهب بالذنوب والمعاصي ويمحو السيئات.

وحث النبي _صلى الله عليه وسلم_ على صيام يوم عرفة حيث قال: (صيامُ يومِ عرفةَ، أَحتسبُ على اللهِ أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه. والسنةَ التي بعده) فسبحان ربنا الرحيم نعصيه دهرًا وفي لحظة يسبب لنا كامل الغفران بصيام يوم يمحي الله سنة ماضية وسنة قادمة حقت لنا السعادة والسرور برب غفورًا رحيم ونبي شفيع تفضل علينا بكل جميل.

وحين قال أحمد شوقي وتغنت أم كلثوم بكلمات عبرت أراوحنا وسكنت بها، إلى عرفات الله يا خير زائر.. عليك سلام الله في عرفات ويوم تولى وجهة البيت ناضرا.. وسيم مجال البشر والقسمات على كل أفق في الحجاز ملائكة.. تزف تحايا الله والبركات لدى الباب جبريل الأمين براحة.. رسائل رحمانية النفحات وفي الكعبة الغراء ركن مرحب.. بكعبة قصاد وركن عفات وزمزم تجري بين عينيك أعينا.. من الكوثر المعسول منفجرات لك الدين يارب الحجيج جمعتهم.. لبيت طهور الساح والشرفات أرى الناس أفواجا ومن كل بقعة.. إليك انتهوا من غربة وشتات تساووا فلا الأنساب فيها.. تفاوت لديك ولا الأقدار مختلفات، ويا رب هل تغني عن العبد حجة.. وفي العمر ما فيه من الهفوات وتشهد ما آذيت نفسا ولم أضر.. ولم أبغ في جهلي ولا خطراتي.. ولا حملت نفسا هوا لبلادها.. كنفس في فعلي وفي نفساتي وقدرت زاري وذلي وخشية.. وجئت بقلب شافعًا وشكات وأنت ولي العفو فأمحو بناصع.. من الصفح ما سودت من صفحات..سائلًا العلي القدير إن يمدنا بمائدة أمن وأمان وسعادة وسلام لوطننا الغالي العزيز مصر وسائر بلاد المسلمين وكل عام وأنتم بكل سعادة وخير وبلدتي بصعيد مصر بكل سعادة وخير وسلام... حفظ الله مصر شعبًا أصيلًا ونيلًا كريمًا.
الجريدة الرسمية