مع استئناف لم الشمل.. لاجئون يخشون طول الفراق
أخيرًا وبعد سنوات من مرارة البعد، فتحت ألمانيا باب لم شمل العوائل للأشخاص الحاصلين على الحماية الثانوية، إلا أن بعض أولئك اللاجئين مازالوا يخشون من أن يطول الفراق أكثر، بسبب العدد الكبير من الطلبات.
قبل ثلاث سنوات وصل الطبيب السوري طاهر لاجئًا إلى ألمانيا، تاركًا وراءه زوجته، على أمل أن يلتم شملهما في وقت قريب، لكن حصوله على حق الحماية الثانوية التي لم يكن يسمح للحاصلين عليها بلم شمل عوائلهم من مارس 2016 وحتى أغسطس 2018، جعل السنوات الثلاث تمر وما يزال الزوجان بعيدان عن بعضهما.
ورغم فتح باب لم الشمل للحاصلين على الحماية الثانوية بدءًا من اليوم، إلا أن طاهر ليس متفائلًا بإمكانية لم شمل زوجته. يقول طاهر لمهاجر نيوز: "من كثرة الوعود التي قطعتها لزوجتي بقرب لمّ الشمل، فقدت الثقة بي وطلبت الطلاق"، ويتابع: "ورغم جميع محاولاتي بأن نبقى سوية، إلا أنها ترفض بسبب عدم وجود أيّ بصيص أمل لإمكانية لمّ شملها".
وقد يكون سبب تشاؤم طاهر من إمكانية لم شمل زوجته بسرعة هو العدد الكبير من الطلبات التي قدمها الحاصلون على الحماية الثانوية للمّ شمل عوائلهم، إذ إن هنالك 34 ألف طلب بهذا الخصوص في البعثات الألمانية في الخارج، وخاصة في الدول المجاورة لسوريا، في حين أنه سيتم السماح بقدوم ألف شخص كحد أقصى شهريًا عن طريق لم الشمل.
الأولوية للحالات الإنسانية
وتحدد القواعد الجديدة للم الشمل شروط اختيار القادمين عن طريق لم الشمل من خلال إعطاء الأولوية للحالات الإنسانية، مثل وجود حالة مرضية خطيرة، أو ابتعاد أفراد العائلة عن بعضهم منذ فترة طويلة، أو وجود طفل قاصر تتعرض حياته للخطر، كما يشترط في حالة لم شمل المتزوجين، أن يكون عقد الزواج قد تم قبل اللجوء وليس بعده.
من جانب آخر تعطي القواعد الجديدة الأولوية لمقدم الطلب الذي نجح في مجال عملية الاندماج في ألمانيا، حيث يؤخذ مدى اندماج مقدم الطلب في المجتمع بعين الاعتبار عند دراسة طلبه.
لكن حتى الآن لم يتم تحديد عدد الأشخاص الذي تنطبق عليهم المعايير التي حددتها السلطات الألمانية، وهو ما يقلق اللاجئ السوري أحمد، 42 عامًا، والذي يعيش منذ 3 سنوات في مدينة دورتموند بعيدًا عن عائلته، حسبما يقول لمهاجر نيوز، ويضيف: "بعد فراق دام ثلاث سنوات لا يوجد أيّ ضمان يؤكد أنني سأرى زوجتي وطفلي الذي تركته رضيعًا وحرمت من رؤيته طوال هذه المدة".
ورغم أن لم الشمل للأشخاص الحاصلين على الحماية الثانوية كان معلقًا منذ آب/أغسطس عام 2016، إلا أن اللاجئين الحاصلين على حق اللجوء التام كانوا يستطيعون لم شمل عوائلهم.
أكثر من 50 ألف شخص في عام واحد
ووفقًا لما أعلنته وزارة الخارجية الألمانية يوم الأربعاء (25 تموز/يوليو) فإن نحو 54 ألف شخص وصلوا إلى ألمانيا العام الماضي من خلال لم الشمل.
وكان جميع أولئك الأشخاص الذين وصلوا إلى ألمانيا عبر لم الشمل، من البلدان التي يأتي منها أكبر عدد من اللاجئين، مثل سوريا وأفغانستان وإريتريا والعراق وإيران واليمن.
وقد جاء معظم هؤلاء الأشخاص عبر ما يعرف بـ"لم الشمل المُسهَّل"، والذي لا يحتاج فيه اللاجئ مقدم الطلب إلى أن يثبت قدرته على دفع تكاليف معيشة أفراد عائلته الذين جلبهم إلى ألمانيا، بينما جاء البعض الآخر عبر لم الشمل العادي والذي يتطلب أن يقدم الشخص الذي يرغب بلم شمل عائلته أدلة تثبت قدرته على تأمين تكاليف معيشة عائلته.
ورغم انتهاء تعليق لم الشمل بالنسبة للحاصلين على الحماية الثانوية إلا أن تقييد العدد الأقصى للأشخاص الذين يسمح لهم شهريًا بالمجيء إلى ألمانيا بـ1000 شخص كحد أقصى، يثير انتقادات من المنظمات الإنسانية والحقوقية، حيث وصفت منظمة بروأزول، المدافعة عن حقوق اللاجئين، قواعد لم الشمل بأنها "متشددة جدًا".
وفي وقت تعطي فيه هذه القواعد الأمل لبعض اللاجئين برؤية عوائلهم بعد عدة سنوات، إلا أن اللاجئ السوري طاهر ما زال يعاني من آثار تعليق لم الشمل، ويسعى إلى إقناع زوجته بالبقاء معًا لكي يلتمّ شملهما من جديد، في وقت يتساءل فيه اللاجئ أحمد الذي يعيش منذ 3 سنوات بعيدًا عن زوجته وطفله الرضيع: "هل سيعرفني ابني عندما يراني؟".
دالين صلاحية ومحيي الدين حسين – مهاجر نيوز
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
