رئيس التحرير
عصام كامل

صاحب أشهر صورة في مونديال روسيا يكشف كواليس 7 مباريات صورها من الملعب

فيتو

منذ أكثر من ستة أشهر، وككثيرين من أبناء مهنته حلم المصور المصري محمود خالد بالسفر إلى دولة ورسيا وتغطية مباريات كأس العالم فيفا 2018، من قلب الحدث، ليكون في أقرب نقطة لهذا الحدث الذي لا يتكرر إلا كل بضع سنوات، أراد أن يترك بصمته التي لا يمكن أن تمحى حتى بعد أن ينتهي الحدث ويطويه النسيان.


استحق المصور الثلاثيني خلال المباريات السبع التي تولى مهام تغطيتها، أن يحمل لقب "صاحب اللقطات الفريدة"، فيصبح رواد مواقع التواصل الاجتماعي سواء ممن امتهنوا التصوير أم لا، يشيرون إلى لقطاته التي استطاع أن يتفرد بها، بين عشرة مصورين مصريين، اختارتهم "الـ«فيفا»" لحضور المباريات.

"محمود خالد" الذي يعمل في مجال التصوير الصحفي منذ أبريل عام 2010، من خلال بدايته مع جريدة "الشروق" الخاصة، ثم ما لبث أن أحب العمل الحر، بعيدا عن الروتين اليومي للعمل الصحفي التابع لأية مؤسسة، رأى في حلم السفر إلى روسيا وتغطية مباريات كأس العالم، أمنية بعيدة المنال، فعلى قدر استثنائية الحدث، الذي غابت أجواؤه عن مصر لأكثر من 28 عاما، كان حلم محمود لم يتحول بعد إلى قرار واجب التفيذ، " بدأت أفكر إني عاوز أسافر وأغطي حدث مهم زي ده يمكن ميتكررش تاني، وفي شهر مارس، بدأت خطوات السفر الفعلية، قبلها كان مجرد حلم وأمنية، قبل السفر علشان تطلع لازم تاخد موافقة من الـ«فيفا» أو تصريح إنك هتصور".
هذا الأمر يتطلب من المصور المتقدم بطلب السفر والالتحاق ببعثة المصورين المصريين، أن يكون مصور تابع لإحدى الوكالات الإخبارية العالمية، أو منتدب من اتحاد الكرة التابع لدولته،، "اتحاد الكرة طبعا بيكون له عدد معين من الصحفيين والمصورين ومصر كان متاح لها 10 مصورين فقط، بعشر أكواد، من خلال الكود ده بيتم استكمال إجراءات السفر" يتحدث خالد.

هذا الأمر دفع بمحمود إلى أن يلجأ إلى جريدة الشروق التي بدأ من خلالها مشواره الصحفي، عرض على مجلس التحرير رغبته في السفر لتغطية المباراة، وبالفعل وافق المجلس على مساعدته، ولكن الوقت قد أزِف، واكتمل العدد الذي حدده اتحاد الكرة سلفا، وبات السفر بالنسبة لمحمود أمرا مستحيلا، بعد أن أغلق الباب الأخير في وجهه، " قدمت في آخر يوم وكان العدد اكتمل، اعتذروا لي وقالوا لي مش هينفع تسافر، وقتها قلت أكيد ربنا عنده الخير، كنت رقم 11 وهم محتاجين عشرة، فقررت أشتري تذاكر للمباريات وأصور من المدرجات، على الأقل أحضر الحدث ده، واشتريت بالفعل تذكرة مصر والسعودية".


مر أكثر من شهر على هذا الحدث، كان محمود متهيئا للسفر على حسابه الخاص، وحجز تذاكر المباريات، حتى يتسنى له تصوير المباراة من المدرجات أو حتى يكتفي بالتواجد داخل الحدث فحسب، لكن كانت للقدر ترتيبات أخرى قاربت بين محمود وحلمه في تغطية الحدث تغطية صحفية متكاملة، " بعدها بشهر لقيت كذا حد بيكلمني في مصر قالوا لي إنت لسه عاوز تروح تصور قولتلهم أكيد طبعا!، وفي نفس اليوم قدمت، وبعدها بيومين جت موافقة ومشيت في إجراءات الفيزا وكان فيه شوية عقبات لكنها تيسرت، وأخدت الفيزا وسافرت يوم 12 قبل كأس العالم بيومين".

منذ اللحظة الأولى التي وطأ فيها محمود الأراضي الروسية، قرر أن يترك أثرا وبصمة في هذه البقعة غير المألوفة بالنسبة له، من خلال التركيز عل اللقطات الفريدة والتي لا يكترث بها الكثيرون من مصوري مثل تلك الأحداث الضخمة، فيصبح حديث الكثير من المصريين حتى بعد خروج مصر من كأس العالم، وهزيمتها الأخيرة أمام المنتخب السعودي، الثلاثاء قبل الماضي،" مكنتش متوقع صوري تنتشر لهذا الحد، ولم يكن يعنيني إنها تنتشر أو لا، كان مهم بالنسبة لي هو تعليق حد له باع وثقل في التصوير يبدون رأيهم في الصور، مش مجرد إنها صورة حلوة تاخد عدد لايكات وتعليقات كثيرة فقط".

صعوبات كثيرة واجهت خالد خلال تغطيته للمباريات المتعاقبة، بداية من صعوبة التفاهم مع أبناء الدولة الذي لا يجيدون إلا الروسية، عدا صغار السن منهم، "التواصل في المطاعم في التاكسي في الفندق في أي مكان للتعامل اليومي، كان بالنسبة لنا صعب للغاية، فكنا بنشتغل ونعتمد على الإشارة بشكل كبير جدا".

لكن الأكثر ثقلا على كاهل محمود خلال الشهر الذي قضاه في روسيا، كانت المسافات الشاسعة بين المدينة وما تجاورها، أكثر من ثلاثين ساعة متواصلة يستغرقها القطار لينتقل من مدينة لأخرى، ما دفع محمود للإعتماد على الطيران الداخلي في بعض الأحيان، والذي فاق ثمنه ثلاثة أضعاف، المتعارف عليه، ليرتفع من 70 دولار إلى 400 دولار للتذكرة، "في الفترة الأخيرة من السفرية، الإرهاق زاد لأني بدأت أتنقل بالقطار وكنت بصور ماتشات كتيرة، قعدت يومين ونصف مشوفتش سريري، يومي كان القطار لتصوير المباراة دي وبعدين تركب القطر علشان تروح الإستاد التاني تلحق اللقاء اللي بعده، الموضوع مرهق لكنه ممتع جدا".

حكاية صورة "الضربة الحرة" بمباراة فرنسا والأرجنتين
كانت المباراة بين فرنسا والأرجنتين، والتي انتهت بفوز المنتخب الفرنسي على نظيره، أربعة مقابل ثلاث نقاط، هي الوجبة الدسمة بالنسبة لمحمود وزملاءه، فسبعة أهداف في مباراة واحدة حدث عظيم قد لا يتكرر حدوثه كثيرا، ولكن الحظ لم يحالف خالد لتواجده بعيدا عن مناطق احتفالات اللاعبين بكل هدف يحرزونه، "أنا كنت قاعد بجوار الملعب المكان ده كان جديد عليا، كت دايما بصور ناحية الكورنر، وكان تحدي بالنسبة لي إني أصور من مكان أول مرة أصور منه"، ولكن بالرغم من ذلك استطاع أن يلتقط الصورة التي علقت في أذهان عدد من متابعيه ورواد مواقع التواصل الاجتماعي لأيام متتالية، " الصورة دي كانت ضربة حرة لمنتخب فرنسا في الماتش مع الأرجنتين، في العادي لما بيحصل ضربة حرة أو فأول التركيز بيكون على اللاعب أو الحارس، فأنا ركزت ناجية الشبكة، علشان لو دخلت الجول أو الحارس أمسك بها، الحظ إنها جت في العرضة وطلعت بالشكل ده، أنا كنت مركز ناحية الحارس أول ما جت أخذت صورتين، الموضوع كله توفيق من ربنا، مكنتش أعرف إنها هتيجي في العرضة أو هتطلع بالشكل ده".  

 
لحظات عصيبة مرت على محمود أثناء تغطيته للمباريات السبع، التي كان على رأسها مبارايات مصر وأوروجواي، وكانت تلك هي أول مرة يقف في منصة مصوري لقاءات كأس العالم، فضلا عن مباراة فرنسا والأرجنتين، مصر والسعودية، البرازيل وكوستاريكا، تلك المباراة التي يعدها الأصعب على الإطلاق، " أصعب ماتش بالنسبة لي البرازيل وكوستاريكا، لأني كنت أول مرة أقعد من الجنب مش من الزوايا، وده مختلف وتصويره أصعب، والتجربة كانت جديدة. أما لقاء إسبانيا وروسيا فكان الضغط شديد عليا، لأنه حدثت مشكلة بالكاميرا في آخر وقت إضافي للشوط الأول، كان كل ماتش فيه صعوبة أكثر من اللي قبله لأني كان عندي تحدي إني كل مباراة أطلع شغل غير الباقيين ولو فيها اختلاف بسيط أو لا يذكر".


عادة ما يكون خلف أي عمل عظيم يقبل عليه أحدهم، جنود مجهولة وأبطال هم من يمسكون بدفة الأمور، يدفعون بالشخص للأمام دائما. هكذا كانت زوجة محمود وأم طفليه، والتي كانت صاحبة الدفعات المعنوية المتلاحقة لينجح هو في تحقيق حلمه بالسفر إلى روسيا، فكثيرا ما ساهمت في توفير ميزانية السفر وحجز التذاكر، من خلال الاقتصاد في المصاريف اليومية بالمنزل، " في أوقات كنت مضغوط ماديا هي بتوافق وتساعد أشتري معدات وأسافر وتوفر من مصروفات البيت علشان تساعدني اعمل الحاجة اللي بحبها، وأنا بشكرها على ما تفعله من أجلي. فحتى في فترة الأحداث الملتهبة في مصر والخطر اللي كنت بواجهه، هي كانت بتشيل حمل مش حملها".
الجريدة الرسمية
عاجل