رئيس التحرير
عصام كامل

عزل منى البرنس.. وبطلان تأديب أساتذة الجامعات!


تحظى وظيفة أستاذ الجامعة بأهمية ومكانة عالية في جميع أنحاء العالم، وترجع أهمية هذه الوظيفة إلى الدور الذي يقوم به الأستاذ الجامعي في إعداد الأجيال للقيام بوظيفتها في المجتمع، فضلا عن تشكيل عقول وثقافة الشباب، وتكوين فكرة المثل الأعلى لديهم.


وقد شهد الشهر الماضي، صدور قرار رئيس جامعة قناة السويس بـ"عزل" الدكتورة منى البرنس، المدرس بقسم اللغة الإنجليزية، بكلية الآداب، على خلفية اتهامها بنشر مقطع فيديو لها، وهي ترقص على سطح منزلها، وذلك ببث هذه المقاطع عبر صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي"فيس بوك".

وجاء قرار الجامعة بناء على تحقيقات، انتهت بصدور حكم من "مجلس التأديب"، المختص بتأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعة، وقانونا يحق للدكتورة منى البرنس اللجوء للقضاء بالطعن على قرار الجامعة، وللقضاء القول الفصل في هذا الأمر.

قضية منى البرنس، تطرح من زاوية أخرى التساؤلات، حول هذه المجالس التي تختص بتأديب أعضاء هيئات التدريس بالجامعات، وتشكيلها، والصلاحيات الممنوحة لها.

وقد وضع الْمُشرع تنظيمـًا جامعـًا مانعـًا أحاطهُ بسياج من الإجراءات الْواجب إتباعها لتأديب أعضاء هيئة التَّدريس بالجامعات المصرية لا لَبْس فِيهِ ولا غموض، بهدف توفير الْحماية والاطمئنان لهَذِهِ الْفئة حال أن يُنسب إِلَيْهِمْ ثمة مُخالفات لواجباتهمْ.

وحدد فِي الْمادتين (105) و(106) من قَانُون تنظيم الْجامعات رقم 49 لسنة 1972 السُّلطة الْمُختصة بإحالة أعضاء هيئة التدريس إِلَى التَّحقيق بحَيْثُ أناطها برَئِيس الْجامعة وحده دون غيره، وحدد المشرع أيضًا وظيفة وصفة ودرجة من يجري التَّحقيق مَعَ الْمُحال، بحَيْثُ اسندها لأحد أعضاء هيئة التَّدريس بكُلية الْحقوق بالْجامعة، أو بإحدى كُليات الْحقوق فِي جامعة أُخْرَى، إذا لَمْ توجد بالْجامعة كُلية حقوق.

ومنح المشرع رَئِيس الْجامعة سُلطة وَقْف عُضْو هيئة التَّدريس عَن عمله احتياطيـًا إذا اقتضت مصلحة التَّحقيق ذلِكَ، محددًا الآثار الْمُترتَّبة عَلَى ذلِكَ ماليـًا ومآل ذلِكَ فِي حالة الحُكْم ببراءته أو إدانته.

وأوضح فِي الْمادتين (107)، (108) من قانون تنظيم الجامعات الإجراءات الْواجب اتباعها من جانب رَئِيس الْجامعة فِي حالة إحالة عُضْو هيئة التَّدريس إِلَى مجلس التَّأديب، وحدد حق عُضْو هيئة التَّدريس فِي الإطلاع عَلَى التَّحقيقات الَّتِي أُجريت ليَكُون عَلَى بَيِّنَةٍ من أمره وتهيئة أوجه دفاعه، وحدد فِي الْمادة (109) من الْقَانُون الْمُشار إِلَيْهِ تشكيل مجلس تأديب أعضاء هيئة التَّدريس حَيْثُ نصّ عَلَى أن "تَكُون مساءلة جَمِيع أعضاء هيئة التَّدريس أَمَام مجلس تأديب يُشكّل من:

أ ــ أحد نواب رَئِيس الْجامعة يعينهُ مجلس الْجامعة سنويـًا "رئيسـًا.
 
ب ــ أُستاذ من كُلية الْحقوق أو أحد أساتذة كُليات الْحقوق فِي الْجامعات الَّتِي لَيْسَ بِهَا كُلية للْحقوق يعينهُ مجلس الْجامعة سنويـًا.

ج ــ مستشار من مجلس الدَّوْلَة يُندب سنويـًا.

والْمُشرع أناط بمجلس تأديب أعضاء هيئة التَّدريس ولاية تأديب هَؤُلَاء الأعضاء، عَمَّا يقع مِنْهُمْ من إخلال بواجبات وظائفهمْ وفقـًا لتشكيله الْمنصوصّ عَلَيْهِ فِي الْمادة الْمُشار إِلَيْهَا، وأنهُ لَمَّا كَانَ الاختصاص بالتَّأديب يُعد من النِّظام العَام، وبالتَّالي فإنَّ اشتراك من لَمْ يقصدهمْ "الْمُشرِع" فِي تشكيل مجلس التَّأديب، إنما يُعد تدْخُلًا فِي ولاية التَّأديب من شأنه بُطلان تشكيل مجلس التَّأديب، وتبعـًا لذلِكَ بُطلان إجراءات الْمساءلة التَّأديبية الَّتِي تمت أمامه والقَرَار الْمطعون فِيهِ الصَّادر منه.

ومن الْمقرر أيضـًا وفقًا للقانون أن قرارات مجالس التأديب الَّتِي لا تخضع لتصديق من جهات إدارية عُلْيَا هِيَ أقرب فِي طبيعتها إِلَى الأحكام التَّأديبية مِنْهَا إِلَى الْقرارات الإدارية، لذا فإنها تُعامل مُعاملة هَذِهِ الأحكام، ومن ثمَّ يتعيّن فِيهَا مُراعاة الْقواعد الأساسية للأحكام، والَّتِي من بينها أن يصدُر الحُكْم من هيئة مُشكّلة تشكيلًا صحيحـًا طبقـًا للْقَانُون، ويَتَرَتَّب عَلَى مُخالفة هَذِهِ الْقواعد بُطلان الحُكْم لتعلُق ذلِكَ بالنِّظام العَام.

ولذلك فإن الأساتذة الْمُتفرغين ممنوع عَلَيْهِمْ تقلُد الْمناصِب والْوظائف الإدارية طبقـًا لصريح نصّ الْقَانُون، ومن باب أولى لا يسوّغ قانونـًا اشتراكهمْ فِي عضوية مجلس تأديب أعضاء هيئة التدريس بالجامعات أو إجراء التحقيق مع أساتذة الجامعات بشأن المخالفات المنسوبة إليهم حتى لا تتعرض قرارات مجالس التأديب للبطلان.. وللـحـديـث بـقـيـة.
الجريدة الرسمية