رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

ناقد.. تحت الطلب


لم يعدْ في مصرَ نقادٌ فنيون أو أدبيون موضوعيون، النقدُ أصبحَ على المزاج، ومهنة منْ لا مهنة له، لا علاقةَ له بمعاييرَ أو ضوابطَ فنيةٍ أو أدبيةٍ أو أخلاقيةٍ، بعضُهم ينقدُ رافعًا شعار: "خالفْ تُعرفْ"، وبعضُهم يحكمُه مبدأ "أبِّجنى تجدْنى"، لذا فقد النقدُ جدواه، وفقدَ المنتسبونَ إلى مهنةِ النقدِ أقدارَهم.. إلا قليلًا.


النقدُ غالبًا مُغرضٌ ولا يخلو منْ "شخصنة".. سوفَ أضربُ لك مثالينِ على حالِ النقد الفنىِّ والأدبىِّ في بلادِنا، الأولُ: لقدْ علا ضجيجُهم وتهافتتْ كتاباتُهم وتوالى انتحابُهم على خلفية حذفِ التليفزيون المصرىَّ لقطةٍ لا تستغرقُ أكثرَ من ثانيةِ، منْ فيلم "أميرة حبى أنا"، وتحديدًا منْ أغنيةِ "الدنيا ربيع"، رأى من حذفها أنها "خادشةٌ للحياء"، ما يعكسُ خواءَهم ويكشفُ سطحيةَ أفكارِهم، ويبرزُ تفاهة قناعاتِهم، ويؤكدُ رُخصَ بضاعتِهم.

والثانى: عشراتُ المقالاتِ والمُطوَّلات التي كُتبتْ بحقِّ "علاء الأسوانى" وروايتِه الجديدة: "جمهورية كأن"، حيث طغى الخلافُ السياسىُّ، بشكلٍ لافتٍ، مع "الأسوانى" على التقييمِ الفنىِّ للروايةِ التي لم تخرجْ عنْ سياقاتِ رواياتِه السابقة من تدنٍ في اللفظِ وقُبحٍ في الصورة، ورداءةٍ في الخيالِ.. والمؤسفُ أن النقادَ الذينَ أهالوا التراب على "جمهورية كأن"، هم أنفسُهم منْ كانوا يمتدحونَ: "عمارة يعقوبيان" و"نادي السيارات"، رغم ما تكتظان به منْ بذاءاتٍ، ولكنَّ الرجلَ، يومئذٍ، كان على يمينِ النظام، وليس يسارَه.

إذن.. المعاييرُ الحاكمة للنقدِ في بلادى قائمةٌ على السطحيةِ والشخصنةِ.. تذكرونَ بطبيعةِ الحال، الممثلَ المجتهدَ "محمد دسوقى" الذي أتقنَ تجسيدَ شخصية "الناقدِ الأدبىِّ" في فيلم: "مرجان أحمد مرجان"، الذي غيَّر رأيه في ديوانِ "أبيعُ نفسى" من أقصى اليمينِ إلى أقصى اليسارِ، فورَ حصولِه على هديةٍ ثمينةٍ منْ رجلِ الأعمال الذي كان سارقاَ للديوانِ وليسَ مؤلفَه، وهو مشهدٌ كاشفٌ بجلاءٍ لواقعِ العمليةِ النقديةِ التي طالها من الشُبهات ما طالها في السنواتِ الأخيرة.

انتبهْ جيدًا، عزيزي القارئ، عندما تطالعُ نقدًا مكتوبًا أو مسموعًا أو مرئيًا، لعملٍ فنىٍّ أو أدبىٍّ، أو حتى مباراةِ في كرةِ القدم، ولا تصدقْه ولا تقتنعْ به، حتى تختبرَه بنفسِك، لأنه قد يكونُ مدفوعًا مُقدمًا.. ففى الكواليسِ يدورُ ما لا يصدقُه عقلٌ، ولا يخطرُ على قلبِ بشرٍ، فربما كانَ هذا النقدُ مشوبًا بخلافٍ سياسىٍّ، فـ "علاء الأسوانى" الذي كانوا يضعونه في مصافِّ عمالقةِ الرواية تزويرًا وتدليسًا ومُجاملةً، صارَ كاتبًا تافهًا مُبتذلًا، ليسَ لأنَّ رواياتِه تستحقُّ هذه الأوصافَ فعلًا، ولكنْ لأسبابٍ سياسية بحتةٍ.. فهلْ هكذا تستقيمُ الأمورُ أمْ أنَّ النقدَ والنقادَ أصبحوا تحتَ الطلبِ؟!
Advertisements
الجريدة الرسمية