رئيس التحرير
عصام كامل

هنوا أمير رمزى


هو المستشار أمير رمزي، الذي طلب من أصدقائه المسلمين أن يهنئوه بعيد القيامة. وقال على قناة المحور مع عمرو الليثي، أول أمس، إنهم يهنئونه فقط بعيد الميلاد. والسبب كما هو متوقع أنهم لا يؤمنون بقيامة السيد المسيح، طبقاً لما جاء بالقرآن الكريم.


والحقيقة، أن الأمر هنا لا علاقة له كما يشيع المتطرفون بالدين، سواءً كان مسيحياً أو إسلامياً أو غيره من الأديان. لأنه بذات المعيار لا يجب أن أتعامل مع المصريين الذين يعتنقون عقائد لا يعترف بها الدين الإسلامي. واذا كنت مسيحياً فلا يجب التعامل مع الدين الإسلامي لأنه لم يأت ذكره في الأناجيل.. وهكذا. وهذا معناه أن نقسم البلد إلى كانتونات طائفية.

لذلك فالأمر لا يجب أن يكون له علاقة بالحلال والحرام ولكن له علاقة بأمرين في غاية الأهمية:

الأول: لا يجب أن ينظر أي منا إلى الآخر من منظور عقيدته. لأنه لو فعل، فسوف يكره بدون شك الآخر. فلا يوجد دين على وجه الأرض يرى أن هناك ديناً آخر أفضل منه. ولا يوجد على وجه الأرض مؤمنون بدين يرون أن هناك أفضل من دينهم. وإذا حدث ذلك فسوف يغيرون دينهم على الفور. وبالتالي لا أظن أنه من الصواب أن تحكم على دين غيرك من خلال دينك، لأنهم في هذه الحالة سيكونون حتماً كفرة. وستصل حتماً إلى أنه لا يجوز، ليس فقط تهنئتهم، ولكن حتى التعامل معهم مثلما يقول المتطرفون. لذلك فالأفضل أن تنشغل بالتعامل الحياتي مع المختلفين معك، ولا تنشغل بماذا يؤمن غيرك من الناس.

الأمر الثاني، هو المواطنة: بمعنى الإيمان المطلق بأننا جميعاً مصريون لنا ذات الحقوق وذات الواجبات. وأن المصريين مثل كل شعوب الأرض فيهم أديان وعقائد وثقافات وأعراق متنوعة. وأن من حق كل مصري أن يعتنق ما يشاء دون أن يجعله ذلك منبوذاً أو يتعرض لأي شكل من أشكال التمييز. وبما أننا نعيش على ذات الأرض وبما أننا متساوون، وبما أننا مضطرون للتعامل معاً، فلا يجب أن يتصور أي منا أنه صاحب حق في هذا الوطن أكثر من غيره، حتى لو كان من الأغلبية.

هذا ينقلنا إلى ثالثاً وهي أن قبول التنوع والاختلاف ليس اختياراً، ولكنه جوهر الحياة. والأسباب كثيرة أولها أن الله جل علاه هو الذي خلق البشر مختلفين، بل وأرادهم كذلك. بل وهذا الاختلاف هو المعيار الأهم لكونك إنساناً. ومن ثم فتهنئة الأصدقاء المسلمين للمستشار الجليل أمير رمزي، لا تعني موافقتهم على عقيدته، ولكنها تعني ترحيبهم به كإنسان، وترحيبهم في حقه المطلق أن يكون مختلفاً عنهم.

الجريدة الرسمية