رئيس التحرير
عصام كامل

ممثل منظمة الأغذية والزراعة: مصر أكبر منتج للتمور في العالم.. وتونس تصدر 4 أضعافها

فيتو

  •  طفل من كل 3 أطفال يعانى التقزم
  •  خبراؤنا ساهموا في مساعدة الحكومة في مشروع الـ1.5 مليون فدان
  • معايير دستور الغذاء العالمى تحسم سلامة الغذاء للإنسان 
  •  الزيادة السكانية في مصر أكلت ارتفاع إنتاجية المحاصيل.. وضعف التصنيع الزراعى تحدٍ كبير
  •  نحتفل بمرور 40 عاما على وجودنا في مصر أبريل المقبل
  •  1.5 مليار جنيه.. قيمة مشروعات «فاو» في مصر خلال 40 عامًا 
  •  1.3 مليار طن طعام تُهدر سنويا في العالم.. و815 مليون إنسان يعانون الجوع


نادرًا ما يتحدث الدكتور حسين جادين، ممثل منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو".. فور أن تجالسه لدقائق ستعلم أنك أمام رجل صاحب تجربة ليست بالهينة، وسيتكشف ذلك أمامك من مخزون المعلومات الذي يحتفظ به هذا الرجل في رأسه.
أطلعنا "جادين"، خلال حوارنا معه، على التحديات التي تواجه مصر لتأمين غذائها، وكشف لنا الطريقة الأفضل لجلب العملة الصعبة من خلال الإنتاج الزراعي، إلى جانب حسم بعض الملفات التي أثارت الجدل.. وإلى نص الحوار:


 بداية ما التحديات التي تواجه مصر في سبيل توفير الحد الآمن من الغذاء؟
- هناك تحديات عدة تواجه مصر في هذا الطريق وأخطرها ضيق مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في مصر، وما يقابله من زيادة مطردة في تعداد السكان الذي وصل إلى 104 ملايين مواطن منهم 10 ملايين في الخارج و94 مليونا في الداخل، وهو رقم ضخم مقارنة بالموارد الطبيعية المتوفرة من الأرض والمياه، فلك أن تعلم أن أراضي وادي النيل في مصر تمثل 4% فقط من المساحة والبقية أراض هامشية، وخلاف ذلك لدينا تحد آخر وهو التغيرات المناخية التي تتسبب في غرق مساحات من الدلتا وارتفاع درجات الحرارة وما يتبعه من زيادة نسبة تبخر المياه ونقص إنتاجية المحاصيل.

 في ذكرى مرور أربعين عامًا على عمل منظمة الأغذية والزراعة "فاو" في مصر.. ماذا قدمت الفاو خلال تلك السنوات؟
- قدمت "فاو" الكثير منذ افتتاح مكتب التمثيل القطري للمنظمة في جمهورية مصر العربية في 5 أبريل عام 1978.. وسنحتفل في أبريل المقبل بمرور أربعين عامًا على إنشاء مكتب الفاو في مصر، وأود الإشارة إلى أنه خلال السنوات الأربعين الماضية، تعاونت الفاو مع جمهورية مصر العربية، وشاركت في معظم أنشطة التنمية الزراعية والريفية التي تلبي احتياجات مصر، وتقدم المنظمة الدعم الفني الذي يسهم في رسم سياسات النهوض بالزراعة المستدامة ووضع الاستراتيجيات والبرامج الداعمة لتحسين الإنتاجية وتطوير نظم الزراعة، والمحافظة على الثروة الحيوانية والداجنة، والحد من الأمراض العابرة للحدود، وتوطين الممارسات الزراعية الجيدة.. فعلى سبيل المثال لا الحصر قدمت "الفاو- مصر"، خلال العقود الثلاثة الأخيرة، حزمة من البرامج والمشروعات الهادفة للنهوض بالزراعة تزيد على 180 مشروعًا بلغت قيمته الإجمالية نحو 1.5 مليار جنيه مصرى، ولا تكمن مساهمة الفاو في هذه القيمة النقدية فقط، وإنما فيما تقدمه من دعم مؤسسي يهدف إلى بناء وتنمية القدرات وإرساء الأساس العلمى المنظم للعمل المؤسسي، فضلًا عن المساهمة في التنسيق الفعال بين الجهات المختلفة لخدمة قضايا الزراعة.

 إذا هل تعمل الدولة المصرية بشكل جيد لمواجهة تلك التحديات؟
- بالتأكيد مصر تعمل بشكل جاد منذ فترات طويلة لزيادة إنتاجية المحاصيل التي ارتفعت إلى عشر مرات في السنوات الأخيرة من نفس وحدة الأرض والمياه، باستخدام الممارسات الزراعية الجيدة وطرق الري الحديثة والبحث العلمي المستمر والتوسع في استصلاح الأراضي، لكن كل ذلك مردوده ضعيف بسبب عدم التركيز على نظم التصنيع الزراعي لوضع قيمة مضافة للحاصلات الزراعية وتصديرها لجلب العملة الصعبة.. وسأطرح عليك التمور كمثال، فمصر هي أكبر منتج للتمور في العالم بـإنتاجية 1.5 مليون طن سنويا، لكن غياب الممارسات الزراعية الجيدة ومحدودية الإمكانات في التصنيع تسبب في أن تصدر مصر 38 ألف طن فقط من التمور سنويًا بقيمة 40 مليون دولار، بينما دول مجاورة كتونس تصدر 200 ألف طن سنويًا، وهو ما يثير التساؤلات حول كيفية استثمار تلك الثروة الضخمة لجلب العملة الصعبة لتعويض نقص إنتاجية القمح الذي تستورد مصر 60% من احتياجاتها منه وتدفع مقابل ذلك نحو 3 مليارات دولار أي 1% من الدخل القومي.


 وما الدور الذي تلعبونه لمساعدة مصر في النهوض بمحصول التمر وتصديره؟
تقوم الفاو حاليا بتمويل وتنفيذ مشروع بتكلفة تزيد على 7 ملايين جنيه يهدف إلى "تطوير سلسلة القيمة للتمور في مصر" في واحة سيوة والواحات البحرية والوادي الجديد وأسوان. وسوف يسهم هذا المشروع عند الانتهاء من تنفيذه إلى تمكين مصر من زيادة صادراتها من التمور خلال الـ5 سنوات القادمة إلى 150 مليون دولار، وتحسين الأصناف ومساعدة المزارعين على حصاد المحصول بشكل صحيح وتحسين ممارسات سلامة الغذاء في المصانع لضمان تصدير المنتجات. وحتى الآن تم تدريب ما يزيد على 2000 مزارع وعامل في كل مجالات إنتاج التمور، ويمكن لهذا العائد المتوقع أن يوفر العملة الصعبة اللازمة لاستيراد القمح، حيث تستورد مصر 60% من احتياجاتها وتدفع مقابل ذلك نحو 3 مليارات دولار أي ما يعادل 1% من الناتج القومى الإجمالي.

 على ذكر سلامة الغذاء.. ما رأيك في منظومة السلامة في سلاسل إنتاج الغذاء في مصر؟
- أعتقد أنه يجب العمل على تغيير نمط سلامة الغذاء في مصر بالحرص على إنتاج حاصلات زراعية تناسب الشروط الصحية للدول المستوردة لأن ذلك يزيد من نسبة الصادرات، خاصة أن مصر لديها فرص جيدة في تصدير حاصلاتها، وهناك أيضًا هيئة سلامة الغذاء ورغم كونها كيانا ناشئا لكنها أصبحت المسئولة عن كل المعايير والشروط الخاصة باستيراد وتصدير الأغذية لحماية المواطن وزيادة الصادرات.

 البعض قال إن فاو روجت إلى سلامة القمح المصاب بالإرجوت على خلاف الحقيقة؟
- هناك إجابة واحدة على هذا الأمر وهو الفاو تعمل وفقا لمعايير واضحة وشفافة من خلال نظام الكودكس أو ما يعرف بالدستور الغذائي الذي وضعته الفاو بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، وهو مجموعة من المواصفات والخطوط التوجيهية ومدونات الممارسات التي اعتمدتها هيئة الدستور الغذائي لغرض حماية صحة المستهلك وتشجيع الممارسات الجيدة في مجال الأغذية، وتلعب الفاو دورًا كبيرًا في تقديم الدعم الفني للدول الأعضاء ومنها مصر حتى تتمكن من تطبيق تلك المواصفات والممارسات وتحسين مستويات سلامة الغذاء.

 ما معايير الفاو لنشر الأبحاث العلمية التي تكشف ظهور أفات نباتية أو أمراض بيطرية في دولة ما؟
- قولًا واحدًا.. فاو لا تعتمد على أي أبحاث تصدر من جهات بحثية أو أفراد، لكن الدول هي المسئولة عن تقديم الأبحاث ولو هناك أي أمراض فدور فاو أن تساعد الدولة على تقصي المرض ومواجهته بناء على طلب الدولة، وبناء على ذلك ننشر التقارير التي تتضمن نتائج تلك الأبحاث، ولا ينتهى الأمر عند ذلك بل نقدم الدعم المادي والمشورة الفنية في مواجهة الأمراض والآفات، فمثلا ساعدنا مصر ببرنامج ممول من المعونة الأمريكية بـ 25 مليون دولار عن إنفلونزا الطيور وقمنا بدورنا في مساعدة الهيئة العامة للخدمات البيطرية في تقصى البؤر، وغيرها من إجراءات تقصي المرض ومقاومته، وهو أيضًا ما يتم في مجالات الزراعة والاستزراع السمكي والإنتاج الحيواني، فنحن ننظر لكل الأمراض العابرة للحدود، وننظر لكل ما يساعد الدولة على تحسين الأمان الحيوي، وعمل إطار للأمان الحيوي بشكل عام داخل مصر، هذا هو شكل العمل لدينا لأن "فاو" مؤسسة قائمة على الأعضاء المؤسسين فمصر كانت أول دولة يتم تأسيس فيها مكتب خارج روما عام 1948، بينما بدأت باقي التمثيليات الأخرى عام 1978 ونحتفل في 5 أبريل المقبل بمرور 40 عامًا على تأسيس الفاو في مصر.

 النمط الغذائي للسكان إحدى المشكلات التي تواجه مصر.. هل لدى فاو خبرات يمكن تقديمها في هذا الأمر؟
- بالتأكيد خبراتنا كمنظمة تختص بالغذاء تشمل تغيير الأنماط الغذائية، فالنمط الغذائي في مصر يعتمد على السكريات والنشويات أكثر من أي شيء آخر وهناك تعويضات كثيرة جدًا فمصر بحاجة إلى ذلك، فنسب السمنة بسبب هذا النمط الغذائي مرتفعة بالذات بين النساء والأطفال، لكن فاو تعمل وفقا للبرنامج القطري وهو إطار يتفق عليه بين الدولة وفاو ويتم وفقا لأولويات الدولة ونحن نسير وفق ذلك، وانتهينا مؤخرًا من البرنامج القطرى لمصر من 2017 وحتى 2022، وسيوقع قريبًا مع وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، ويعتمد البرنامج على أولويات الدولة التي حددتها مصر بإستراتيجية التنمية المستدامة 2030 ويتضمن 3 أهداف رئيسية هي: تحسين الإنتاجية، زيادة الأمن الغذائي من السلع الإستراتيجية، الإدارة المثلى للموارد الطبيعية.

 قبل عام شارك جوزيه دا سيلفا المدير العام للفاو في مؤتمر لشركة الريف المصري لمساهمة المنظمة في مشروع الـ1.5 مليون فدان.. كيف سارت الأمور؟
- قبل هذا المؤتمر الذي نظم في شهر مارس العام الماضي، جاءنا طلب من الحكومة المصرية للمساعدة من فاو في مشروع المليون ونصف المليون فدان عام 2015 وفي 2016 أرسلت الفاو بعثة متعددة التخصصات في المياه والتربة والنباتات والمناخ وغيرها ومكثوا أسبوعًا وأجروا زيارات كثيرة لجهات الدولة المشتركة في المشروع ووضعوا تقريرًا فنيًا حول المشروع بناء على خطط الحكومة ووصل التقرير إلى شركة الريف المصري.

 هل انتهى الأمر عند ذلك؟
- لا.. حين حضر المدير العام جوزيه دا سيلفا لحضور مؤتمر الريف المصري في مارس 2017 عرضنا مقترحا للتمويل من صندوق المناخ الأخضر وصندوق تمويل المناخ العالمي، وهما أكبر الممولين للمشروعات التي تسهم في تقليل تأثير التغيرات المناخية، عملنا على فكرة مشروع أساسية لمساعدة الحكومة المصرية في تأهيل منطقة المغرة بمحافظة مطروح وعملنا تحليلا جيدا لكل المدخلات وجلسنا مع مسئولي الريف المصري ووزارة البيئة وحدثت مناقشات كبيرة حول الأفكار التي طرحناها، وعرضنا عليهم فكرة تم مراجعتها من كل النواحى وقدمناها لهم.

 ما تفاصيل المشروع الذي عرض على الريف المصري؟
- ملخص مشروعنا بالمشاركة مع صندوق المناخ الأخضر أن هناك أراضي ستغمر بمياه البحار في الدلتا وفقًا للنماذج المناخية الموضوعة لعام 2060، وسننقل المزارعين الموجودين بها إلى منطقة المغرة ونعطيهم مدخلات زراعية وآليات تحلية مياه بالطاقة الشمسية ونكون منهم نموذج للممارسات الجيدة لاستصلاح الصحراء ونعمم هذا النموذج، وقلنا إنه يمكننا أن نستصلح 12 ألف فدان ونؤسسها كمدينة النوبارية بالتعاون مع الصندوق الدولي للتنمية الزراعية– إيفاد- كون الصندوق شارك في تخطيط وإنشاء النوبارية.

 هل يعانى المصريون من الجوع؟
- مصر لا تعاني من الجوع تمامًا!! العام الماضي صدر تقرير أممي كشف أن هناك 815 مليون نسمة حول العالم يعانون من الجوع أي لا يستطيعون إطعام أنفسهم ومصر لم تذكر فيه، ومعايير قياس الجوع تتعلق بنصيب الفرد اليومي من الدخل معادل بالدولار، وهل يمكنه من خلاله الحصول على ما يكفيه من الطعام أم لا، لكن المشكلة في مصر تتركز في سوء التغذية ونعمل مع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء للحصول على البيانات الجديدة التي تفيدنا في تقديم المساعدة، وهناك أرقام حول سوء التغذية بين الأطفال وتعرضهم للسمنة بسبب نمط الغذاء المعتمد على السكريات.

 مصر تسعى لتحسين موقعها كدولة منتجة ومصدرة للزيتون.. هل طلبت الحكومة المساعدة من فاو؟
- إذا كانت الدولة ترغب في مساعدة فاو في تحسين وضع زراعة الزيتون فنحن على جاهزية، لكننا نقوم بدور مهم أيضا فيما يخص ذلك في مصر، من خلال اتخاذ إجراءات احترازية لمنع دخول بكتيريا الزيتون إلى مصر فالمرض ظهر في إيطاليا وإسبانيا وقضى على كميات كبيرة من الزيتون ولأننا نعلم أن شمال أفريقيا منطقة زراعة زيتون فلذلك نعمل في منطقة مطروح مع المزارعين الزيتون والتين لنشر الممارسات الزراعية الجيدة للإنتاج، تقدم الفاو الدعم من خلال المشروع الإقليمي في مجال محصول الزيتون وتجدر الإشارة إلى أن مصر تعتبر إحدى الدول الأعضاء في هذا المشروع.

 مشكلة هدر الطعام مشكلة عالمية.. ما الدور الذي تلعبه الفاو في هذا الصدد؟

الغذاء الذى يتم انتاجه عالميا يكفى لاطعام كل سكان الارض، ويعتبر الهدر في الطعام من اهم المشكلات التي تهدد الامن الغذائي والتغذية في دول العالم. حيث انه وفقا لاحدث احصائيات الصادرة من الفاو 1.3 مليار طن من الطعام يتم هدرة سنويا. ويمثل القدر من الطعام المهدر حوالى ثلث الطعام المنتج ويكفى عند توفيرة لاطعام ما يقرب من 150 مليون انسان. تعتبر مصر من الدول التى تعانى من ارتفاع معدلات الفاقد فى الطعام.

ويقدم مكتب الفاو بمصر الدعم الفنى المستمر من خلال تطبيق حزمة من المشاريع لتقليل الفاقد فى الحاصلات الزراعية مثل القمح والطماطم و العنب وكذلك فى الاسماك. وحاليا يقوم مكتب الفاو في مصر بالتعاون مع وزارة الزراعة المصرية بتنفيذ مشروع يهدف الى تقليل الفاقد والهدر في الغذاء وتطوير سلسلة القيمة لضمان الأمن الغذائي. ويهدف المشروع الى توفير المعلومات والأدوات وبناء القدرات لتقليل حجم الفاقد والهدر في الغذاء خصوصا في محصولي الطماطم والعنب وكذلك اعتماد اساليب تكنولوجية للحد من الفاقد وتحسين جودة الغذاء. كما يقوم مكتب الفاو بمساعدة الحكومة المصرية لإنشاء وحدة متابعة وتقييم للفاقد من بعد الحصاد في المحاصيل الإستراتيجية.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الجريدة الرسمية