رئيس التحرير
عصام كامل

حماس والإخوان.. وإشكالية الاعتراف

18 حجم الخط


ما بين 1948، حيث إعلان قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين، و2012 حيث بداية الصعود للتيارات الإسلامية ‏تغيرت دول وأنظمة وأفكار، وبقى المشهد العربي.‏

ضاعت الأرض في غفلة أو تشرذم أو غباء من أهلها، المهم أنها ضاعت.‏
اعتدنا في العقود الماضية على صراع داخل المجتمعات العربية بين الأنظمة الحاكمة والتيارات الإسلامية بشأن ‏الاعتراف بإسرائيل، الأنظمة متهمة بالعمالة لأمريكا والصداقة الظاهرة أو الباطنة لإسرائيل، وبالتالي العداء للإسلام، ‏وبين ضرورة حل المقاومة لأن العدو ليس له علاج إلا البتر.‏
تغلي الدنيا في شوارع مصر مثلا لمجرد اعتقال شخص فلسطيني، وتعلو النداءات المطالبة بفتح الحدود، وخيبر خيبر ‏يا يهود ويزداد اتهام الأنظمة.‏
وبمجرد صعود التيار الإسلامي في مصر اقتحمت باحة الأقصى ثلاثة أيام متتالية، وفي كل يوم كنا نسمع عن شهيد أو ‏مصاب في غزة جراء اعتداء إسرائيلي، والشارع المصري هادئ، فلم أجد مظاهرة واحدة، ولا تصريحًا من أحد، ‏الهتافات، وحينما تسأل عن موقف الرئاسة أو الحكومة أو التيارات الإسلامية تشتعل الشجارات، فقررت الصمت، ومن ‏هنا أخذت أفكر في الوضع الراهن: هل يمكن أن تكون المواقف قد تغيرت، والمعارضة كانت لمجرد المعارضة؟ أم ‏أنها الضغوط والمسئوليات؟ أم ماذا حدث؟ ‏
وسارعت إلى ذهني قضية تتعلق بالموضوع، وهي قضية الاعتراف.‏
أعني اعتراف الأنظمة الإسلامية بإسرائيل، واعتراف أمريكا بهذه الأنظمة، وموقف حماس من إسرائيل في ظل ‏الأنظمة الإسلامية.‏
لقد اعترفت أمريكا بالنظام الإسلامي بعد عداء له، ولا تكتفي بالاعتراف ولكنها تغازل الثورات في بقية الدول العربية، ‏وهي تعلم أن الثورات في الغالب سوف ينتج عنها نظام إسلامي، لسيطرة الإسلاميين سواء في الشارع أو في الثورات ‏نفسها. ‏
كما اعترف الإخوان بأمريكا كطرف فاعل في المسرح العالمي وتبادلوا الوفود بينهما، كذلك اعترفوا بالاتفاقيات مع ‏إسرائيل، وهذا يتضمن اعترافًا ضمنيًا بها، وسعت في الأزمة الأخيرة لدى إسرائيل بصورة مباشرة، وهذا يضع حركة ‏حماس في مواجهة إشكالية الاعتراف بإسرائيل، فإما عدم الاعتراف وساعتها يثور تساؤل: هل أخطأ الإخوان وانحرفوا ‏عن المنهج باعترافهم، أم أن حماس متشددة ويصدق عليها اتهام أمريكا بأنها إرهابية؟.. وربما تعترف حماس بالكيان ‏الإسرائيلي، وبالتالي تكون قد فقدت سبب وجودها الذي بني على مقاومة المحتل، ولم يعد هناك فارق بينها وبين حركة ‏فتح التي تعتمد أسلوب المفاوضات لآخر نفس.‏
إن الأنظمة القديمة أصبحت كالجواد الكسير لا يصلح للرهان عليه، فليست لها قاعدة شعبية تناصرها، وهذا يسبب ‏اضطرابات في المنطقة قد ينتج عنها إحراج الموقف الأمريكي نفسه.‏
ومن هنا ربما كان البديل لأمريكا هو النظام الذي ينتمي للتوجه الإسلامي، فهو أكثر التيارات شعبية وتنظيمًا، وأعتقد ‏أن أمريكا قادرة على ترويضه، هذا إذا لم يكن هو مستعدًا لذلك من تلقاء نفسه، وهذا يجعل الصورة أكثر هدوءًا، ‏والاعتراف أكثر شعبيةً، وتبقى القضية العربية.‏



الجريدة الرسمية