رئيس التحرير
عصام كامل

حضرة الضابط «فرحة».. رفضت الجنسية الفرنسية وأصرت على تكريمها داخل الوطن.. بنك الخلايا الجذعية أبرز إنجازتها في المنصورة.. وتعليم الأجيال الجديدة مهمة بنت مصر المقبلة

فيتو

معايير العلم حيادية، لا تجامل أحدا سواء في نتائجها أو مع الباحثين، فمن يعطى العلم وقته وجهده يرفعه فوق الجميع، سواء أكان رجلا أو امرأة، والتاريخ حافل بعالمات عبقريات لم يبرزن في العلم فقط، ولكنهن غيرن وجه العالم دون أدنى مبالغة.


مصر مثلها مثل باقى بلدان العالم نبغت على أرضها الطيبة، عالمات شهد لهن القاصى والداني، وخلدن أسماءهن في صفحات التاريخ بحروف من نور، وأبرزهن سميرة موسى عالمة الذرة الشهيرة التي سارت خلفها على الدرب من شرفن أرض النيل في المحافل الدولية.

ومن بين هؤلاء العالمات واحدة نشأت في أسرة مصرية أصيلة، كان جدها الشيخ محمد مأمون الشناوي أحد شيوخ الأزهر الشريف ووالدها كان يعمل قاضيا، زرعت والدتها في نفسها الثقافة والقيم والأخلاق، وعملت على تشكيل شخصيتها منذ صغرها، تمكنت من أن تكون أحد أبرز النساء في المجتمع المصرى، وعلى مستوى العالم أيضا، بعد أن تمكنت من فرض علمها، ليستعين به الجميع.

هي الدكتورة فرحة الشناوي، أستاذ المناعة بكلية الطب، نائب رئيس جامعة المنصورة الأسبق، ومقرر المجلس القومى للمرأة بالدقهلية، التي كرمها ستيفان رومانية السفير الفرنسى بالقاهرة بإهدائها وسام ضابط عظيم، وذلك بعد أن رفضت التكريم بفرنسا، وطالبت بالتكريم داخل وطنها، وذلك نظرا للمجهودات التي قامت بها خلال التعاون المشترك بين الجانبين المصرى والفرنسى، في المجالات الطبية والبحثية والثقافية والاجتماعية.

منحة فرنسية
حصلت فرحة الشناوى على منحة من الحكومة الفرنسية بعد تخرجها في كلية الطب بجامعة المنصورة عام 1983، وكان أول سفر لها وترك ذلك أثرا كبيرا في شخصيتها العلمية والأكاديمية، وتعلمت فيها الكثير، وعملت مع البروفيسور جون دوسيه وهو من أبرز العلماء في مجال المناعة والأنسجة وهذا التخصص، وله تأثير كبير على جميع نواحي الوظائف في الجهاز المناعى، وخلال فترة المنحة الفرنسية كونت العديد من العلاقات العلمية، واستطاعت تكوين روابط بين مصر وفرنسا للمعرفة العلمية الحديثة.

بعد تفوقها في دراستها أثناء المنحة المقدمة لها، عرض عليها أن تحصل على الجنسية الفرنسية من قبل البروفيسور جون دوسيه وتعيش مع أسرتها هناك، لكنها رفضت ذلك، لأن هدفها الأول كان عودتها إلى وطنها، محملة بالعلم وتدريسه للجميع، من أجل تطوير التعليم، ولم تندم على ذلك.

بنك الخلايا الجذعية
تمكنت الدكتورة فرحة الشناوى من عمل تعاون مصرى فرنسى في مجال المناعة، كإنشاء أول بنك من الخلايا الجذعية من الحبل السرى، وهو البنك الأول لحفظ الخلايا الجذعية، لعمل الأبحاث المتعلقة بعلاج السرطان وأنيميا البحر المتوسط، كما أنشأت الكثير من معامل المناعة والبيولوجيا بجامعة المنصورة، وذلك بعد عودتها من فرنسا في عام 1983، وتعلمت على يد أحد الأساتذة في فرنسا والحاصل على جائزة نوبل وهو البروفيسور جون دوسيه، الذي أثر فيها علميا وتعلمت منه الكثير في علم المناعة وتدريسه.

عادت الدكتورة فرحة الشناوى وبدأت تعمل في وطنها وتنقل علمها للأجيال الجديدة، كما تمكنت من إنشاء المدرسة الفرنسية في مدينة المنصورة، من أجل تعليم اللغة الفرنسية، فضلا عن إنشاء المركز الثقافى الفرنسى في مدينة المنصورة، والهدف منه تعليم اللغة الفرنسية للشباب الذين يريدون الحصول على منح دراسية من فرنسا، من أجل تبادل الخبرات التعليمية، وبدأ تعليم الكثير من الأنشطة في المركز مثل الموسيقى والرسم والكثير من النشاطات.

مدرسة فرنسية
بعد أن شاهدت الدكتورة فرحة التعليم في فرنسا للطلاب في صغرهم، قررت إنشاء مدرسة فرنسية في مسقط رأسها بمدينة المنصورة، وبعد التحدث مع السفير الفرنسى والمستشار الثقافى لإنشائها، تم الموافقة وإنشاء المدرسة في عام 1997، وقرر فخر الدين خالد، محافظ الدقهلية آنذاك، بناء المدرسة بتكلفة مصرية كاملة، وقامت السفارة الفرنسية بدعم المدرسة بتخصيص مدير فرنسى بها، فضلا عن تدريب جميع المدرسين بفرنسا، ووجود مناهج فرنسية كاملة.

الشناوى تؤكد دائما أن التعليم الجامعى في مصر لم يختلف كثيرا عن الخارج، ولكن في الدول الأوروبية لديهم الكثير من الإمكانيات والأساسيات، مثل حبهم لبلادهم والتزامهم ووجود العدل بينهم، وتعتمد المناهج على الفهم أكثر من الحفظ، موضحة أن التعليم تم تقسيمه حسب تصنيف بلوم إلى 6 مستويات الأدنى فيهم هو الحفظ والتكرار، وهو الذي نعمل به في مصر، وكان أعظمها الابتكار وهو الذي يعمل به الغرب من أجل تطوير التعليم لديهم.

وترى فرحة أن الجيل القديم في التعليم كانوا يصرون على القراءة في الكتب والبحث عنها، وكانت هي نفس الكتب الذي كان يذاكر فيها الطالب الأوروبي، أما الطلاب في الوقت الحالى فليس لديه حب المعرفة.
الجريدة الرسمية