رئيس التحرير
عصام كامل

حادث مارمينا وعلاقته بالتلمسانى والهضيبى.. والنخبة المغيبة!


أصبح يوم الجمعة ليس عيدا وأجازة للشعب المصرى كما كان، بل أصبح يوما نترقب فيه وقوع جريمة إرهابية هنا أو هناك، كما أصبحت أعياد مصر موعدا يتم حشد القوات ونشر الطوارئ في الشوارع ترقبا وخوفا من عمل إرهابى مجرم من أعداء الإنسانية، وأصبح عيد ميلاد السيد المسيح عليه السلام موعدا لقربان من أرواح المصريين لتطهير مصر من تجار الدين وعملاء الصهيونية العالمية، مع هذا فإن كل قطرة دم من أبناء مصر تزيد إيمان الشعب المصرى بوحدته، وأنه لن تنجح كل مؤامرات أعداء الإنسانية من تجار الدين من الداخل، وأعداء مصر من الخارج، ويأتى حادث الاعتداء على كنيسة حلوان صباح الجمعة جزءا من مخطط لن يتوقف ضد الشعب المصرى من أعداء مصر في الداخل والخارج!


بالأمس فقط كنت أراجع أوراقا عن جرائم الإخوان المسلمين قبل ثورة يوليو 1952، اندهشت حقيقة مما هالنى، قتلوا القاضى أحمد الخازندار في حلوان، واغتالوا اثنين من رؤساء وزراء مصر في فترة وجيزة أحمد ماهر وهو أحد أبناء الوفد قبل تأسيس حزب السعديين، ثم محمود فهمى النقراشى أحد قادة ثورة 1919، وأيضا تم إنقاذ محكمة الاستئناف بباب الخلق من التفجير، ولكنه أدى إلى مقتل خمسة وعشرين من المدنيين أمام المحكمة، وغير هذا من جرائم تفجير عدد من أقسام الشرطة والمحال، والذي أزعجنى أن الملك فاروق كان يدعم الجماعة من منطلق أنهم مجرد دعوة دينية، أما الوفد فكان متعاونا مع هذه الجماعة الإرهابية..

التعاون الأول عندما اتفق مصطفى النحاس عند توليه رئاسة الوزراء مع حسن البنا ألا يدخل الإخوان الانتخابات  مقابل مزايا تعطى للجماعة، وبالرغم مما حدث منهم من جرائم يعود الوفد إلى التعاون معهم في عام 1950، ويكرر الوفد التعاون معهم للمرة الثالثة في الثمانينيات في تحالف سياسي لم يدم طويلا -(والمعروف أن الإخوان تحالفوا سياسيا مع حزب الأحرار ثم حزب العمل الاشتراكى، أما التحالف الأسوأ فكان مع الحزب الوطنى سرا لدرجة أنه كان هناك اتفاق مع الدولة على 100 عضو يدخلون مجلس الشعب في عام 2005 وبالفعل نجح 88 عضوا إخوانيا )- أعود إلى نقطة في غاية الأهمية بمناسبة الجريمة التي وقعت على كنيسة حلوان، متى بدأت إثارة الفتنة بين المصريين؟ وهل السادات الذي كان يعلم كل جرائم الإخوان على علم ووعى بفكر الإخوان وكل الجماعات الفكرية الإرهابية؟

التاريخ يؤكد للأسف تورط السادات في ترسيخ الفكر الذي يحاول شق وحدة الشعب المصرى، بعيدا عن تصريحاته الخاطئة بكلمة عنصرى الأمة، نجد في عام 1974 تصريحا غريبا ومستفزا لمرشد الإخوان الذي اعتبره أخطرهم على الإطلاق بعد البنا، ماذا قال؟ عمر التلمسانى: على الأقباط أن يدفعوا الجزية وهم صاغرون!

ما هذا الشطط والإرهاب والغباء من رجل يدعى أنه رجل دين؟! ولم تفعل له الدولة شيئا، بل أتاحت له الحركة في ربوع مصر وعمل مؤتمرات جماهيرية، والأسوأ أنه أتيحت له الحركة في جميع جامعات مصر والحوار معهم، كل هذا بدعم من الدولة المصرية وعلى رأسها السادات، مؤكد كان ينقل أفكاره المسمومة إلى الشباب، ومنها أفكاره تجاه أهلنا من المسيحيين، ويأتى دور الهضيبى الابن ليصرح قائلا: على الأقباط دفع الجزية ومنعهم من الالتحاق بالجيش أو تقلدهم لمناصب أو القضاء، لأنه لا ولاية لهم على المسلمين، باعتبارهم عملاء الغرب المسيحى!

تخيل صديقى القارئ أن هذه الأفكار التي يؤمن بها قيادات الإخوان وتبث في المجتمع منذ 1974 ومن خلال رجالهم وخلاياهم السرية والعلانية.. ماذا يمكن تنتج من عقول تربت على السمع والطاعة!؟ 

مؤكد النتيجة ما شاهدناه في مهزلة أطفيح والاعتداء على مبنى حتى ولو كان غير قانونى، فليس من حق الغوغاء والإرهابيين الاعتداء عليه، واليوم يتم الاعتداء على كنيسة مارمينا في حلوان، وبالأمس حرقوا عشرات الكنائس بعد 30 يونيو، ومن قبل القديسين، و...إلخ، هذه الأعمال الإرهابية ليست عملا فرديا ولكنها خطة ممنهجة فكريا، لأن جميع من خرج من عباءة الإخوان يؤمنون به، ناهيك عن السلفيين الذين تعد أفكارهم أكثر تخلفا وغباء وجهلا!

في الوقت الذي يخطط أعداء مصر لها ماذا شغلنا هذا الأسبوع فقط: الدكتور جابر عصفور: الإلحاد حق لكل مواطن! شيرين رضا: الزواج مشروع فاشل وأؤيد العلاقات المفتوحة بين الرجل والمرأة.. وصوت المؤذن "جعير"!...محمود حميدة: إذا كان الدور يستلزم أن أظهر الجسد عاريا لا مفر.. وهذا أخلاقيا خطأ.. وسينمائيا يجوز!.. الإخوانى أحمد علوان: زواج القاصرات حلال ومن يحرمه فقد حرم ما أحله الله.. السلفى زين العابدين محمد: اتهم شيرين رضا بتهمة ازدراء الاديان لأنها سخرت من الأذان، تجاهلت ضجيج البائعة الجائلين واصوات سيارات الأفراح.. إلخ.. وزارة الأوقاف: اعتراض شيرين غيرة منها على الإسلام! وكأننا نترك الأهم وننفذ فكر وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس عندما نادت ودعت إلى الفوضى الخلاقة في العالم العربى.

في نفس الوقت الذي هناك مؤامرات تحاك لنا ونحن نخلق معارك معظمها وهمية، ألم يشعر أو يدرك النخبة في جميع المجالات ماذا يدبر لمصر؟ ألم يشعروا أن التعاون يتزايد بين أعدائها؟ ألا يشعرون أن هناك حلفا غير معلن يذكرنا بحلف بغداد، وإن تغيرت أسماء الدول هدفه هو الإيقاع بمصر؟! الحلف بقيادة تركيا وبتمويل قطرى، وفى عضويته إثيوبيا والسودان، وهناك محاولات لضم إيران معهم؟! ألم يشعروا بالخطر عندما تستولى تركيا على جزيرة سودانية لتكون قاعدة عسكرية وشوكة في ظهر مصر؟! متى سننتبه إلى الاخطار الحقيقية التى تهدد الكيان المصرى؟! ناهيك عن أن هذا كله يشغلك تماما عن تهويد القدس وجعلها عاصمة للكيان الصهيونى؟! متى سندرك حجم الخطر الذي يحيط بنا؟! للأسف النخبة تؤكد قول السفير الأسبق حسين هريدى: استطاع أعداء مصر أن يخلقوا نخبة مصرية تتحدث وتنفذ ما يريدون!
الجريدة الرسمية