رئيس التحرير
عصام كامل

خبراء: المدنيون «الهدف القادم للإرهابيين».. كدوانى: نواجه إرهابا دوليا والأمن بريء.. بان: أتباع الزرقاوى وراء تفجير «الروضة».. رجائى: أقترح تشكيل «جيش رابع» وإبعاد الشرطة

عوض الحطاب و أحمد
عوض الحطاب و أحمد رجائي عطية

أجمع المراقبون والمحللون على أن عملية اغتيال الركع السجود في مسجد الروضة بشمال سيناء تعتبر عملية نوعية بكل المقاييس، فهى أول علمية تكفيرية تستهدف مسجدا، فضلا عن العدد غير المسبوق للضحايا والمصابين، كما أكد أن المرحلة المقبلة قد تشهد عمليات إرهابية أكثر عنفا تستهدف المدنيين، ما يستوجب الحذر واتخاذ ترتيبات أمنية مشددة على جميع الأصعدة.

اللواء يحيى كدواني، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي في مجلس النواب قال : إن العملية الإرهابية الأخيرة التي استهدفت المصلين في بيت من بيوت الله، وتسببت في استشهاد عدد كبير من المصريين، تعتبر تغيرا نوعيا، قد يستتبعها عمليات أخرى في أماكن لا نتوقعها، موضحا أن الجماعات الإرهابية تهدر دم من يخالف رأيها حتى وإن كان مسلما فهو مهدر دمه.

ووصف ما حدث بأنه نوع من الاستبداد الفكري المنحرف، الذي يرفع شعار: " إن لم تكن معي تتفق مع كل أفكاري وآرائي فأنت مهدر دمك ومالك وكل ما تملك"، منوها إلى أن الكرة الآن أصبحت في أيدي أهالي سيناء.. وعليهم أن يتكاتفوا مع قوات الأمن من الجيش والشرطة في تعقب الإرهابيين والإبلاغ عنهم.

واستطرد كدوانى: لا يجب تحميل الأمن مسئولية كل شيء، فهم يقومون بدورهم على أكمل وجه ولا يجب توجيه اللوم عليهم، لأننا نواجه إرهابا دوليا تدعمه أنظمة بالكامل مثل قطر وتركيا، وغير معلوم مناطق الاستهداف التي يخطط لها، حيث لم يقف الأمر عند قوات الجيش والشرطة، بينما وصل الأمر إلى المصلين في بيوت الله، لذا فبدلا من توجيه اللوم لقوات الأمن يجب أن يكون هناك تنسيق دائم وكامل بين الأهالي وقوات الأمن، ليكون للعمليات العسكرية لتطهير سيناء أو أي مكان في مصر ظهير شعبي للقضاء على البؤر الإجرامية.

وأضاف كدوانى: لا تستبعد على هذه الجماعات أي شيء فهي لم تراع حرمة بيوت الله وقتلوا المصلين في المساجد فلا نستبعد استهداف المدارس والجامعات وحتى أماكن تجمع المصريين في أي مكان، لذلك فنحن في مرحلة حرب يجب على الجميع أن يقوم بدوره على أكمل وجه، وبدون التنسيق لن تنجح مصر في القضاء على هذا الإرهاب.

من جانبه.. يقول اللواء "أحمد رجائي عطية"، مؤسس الفرقة 777 لمكافحة الإرهاب الدولي: إن التعامل مع الإرهابيين ليس بالسهولة التي يتوقعها الكثيرون، مشيرا إلى أن الساحة مازالت مفتوحة أمامهم أكثر، وخاصة أن تلك العناصر اتخذت من الصحراء الغربية بؤر ارتكاز ومغارات تحت الأرض يصعب اكتشافها، يتدربون بها على كل فنون القتال، وبها كل أنواع الأسلحة والمفرقعات.

وتابع قائلا: "العناصر الإرهابية تعاملت في تلك العملية بغشم وغباء، خسروا خلالها غطاء الإسلام الذي يستندون عليه، في أول عملية يستهدفون فيها مسجدا، وجاء ذلك في صالح المقاومة، منوها إلى أن العناصر الأمنية لم تكن على الاستعداد الأمثل للتعامل مع تلك المواجهة، حيث أصابها عنصر المفاجأة.

وحذر من الخطوات اللاحقة للعناصر الإرهابية، قائلا: "فتح الباب على المدنيين، انتكاسة جديدة أمام الأمن القومي، لأنه بذلك من المتوقع تعامل العناصر الإرهابية مع كل التجمعات المدنية من ملاهٍ ومقاهٍ ومؤسسات تعليمية، وتلك هي الإستراتيجية التي كان الإخوان يتبعونها في الخمسينيات، بوضع القنابل في السينمات.

وعن الخطوة المفترض اتخاذها لاحقا، وإمكانية وضع قوات تأمين على المساجد قال اللواء رجائي: صعب جدا.. القاهرة وحدها بلد الألف مئذنة ووصلت حاليا لألفين، كيف يمكن تأمين الأضرحة والمآتم وكافة المساجد والتجمعات؟!، لا توجد أي قوة تستطيع فعل ذلك.

وأشار إلى أنه لا بد من فصل الشرطة عن كل التعاملات العسكرية، لأن رجال القوات المسلحة على أعلى تدريب للتعامل مع العناصر الإرهابية، يمرون بأكثر من كتيبة عسكرية من مدفعية وطيران وعمليات وغيرها من تدريبات تفوق بكثير تلك التي تدرب عليها رجال الشرطة، لذلك لابد أن يقتصر دور الشرطة على مهامها الرئيسية فقط، وزيادة عناصر القوات العسكرية، حتى وإن كان بتكوين جيش رابع.. فهذا هو الحل.

أما الباحث في الإسلام السياسي أحمد بان فيرى أن العملية الأخيرة تعكس إفلاس التكفيريين في سيناء منوها إلى أن مثل هذه التنظيمات حينما تفتقر إلى مواجهة العناصر الأكثر قوة، تلجأ إلى الأهداف الرخوة التي تضمن أن من فيها سيكونون عزلا، ولن يتمكنوا من مواجهتهم.

وأضاف بان أن جماعة ولاية سيناء أصبحت تسير على منهج "أبو مصعب الزرقاوي" الذي استهدف مساجد شيعة العراق في 2003 بحجة أنهم مخالفون لهم أيديولوجيًا،منوها إلى أن سابقة أعمال التنظيم في سوريا والعراق وأفغانستان تضمنت تفجير بعض المساجد، كنوع من الفوضى وتصدير الرعب بين المواطنين حتى في أكثر المواقع أمنا.

واستطرد: التنظيم يريد تصدير الرعب عن طريق هذه الفكرة، ومنذ البداية وهو يسعى إلى ذلك لأنه من وجهة نظره يفزع السكان ويستميلهم نحو فكره أكثر، ولكن في الواقع هو لا يستطيع الآن أن يوسع رقعته للمباني والمؤسسات الحكومية، هو يريد فقط أن يوصل هذا المعنى، لكنه لوجيستيا وماديا لا يمكنه تنفيذ عمليات على نطاق أوسع من ذلك، وأتصور أن القوات المسلحة ستطارد فلول التنظيم حتى القضاء عليه بشكل كامل.

وعن رؤيته لبيان ولاية سيناء التي أعلنت تبنيها الحادث وزجت فيه بـ "الشيعة"، أوضح "بان" : هذه وصية بن جوريون لهذه الجماعات أن يشعلوا فتنا مذهبية بين المسلمين تبرر قتالهم، أما ما قيل عن أن المرجعية الصوفية للمصلين كانت السبب، هذا ليس صحيحا.. هو مجرد "فخ"، والدليل أنه ليس كل من كانوا داخل المسجد صوفية، والرصاص توجه إلى كل المصلين ليس فئة دون أخرى. وفي حقيقة الأمر المتصوفة ليست فرقة خارجة أو مبتدعة كما يزعم هؤلاء.

وتابع "بان": "بن جوريون" كما ذكرت كان يعتمد فكرة إشعال حرب بين المسلمين وبعضهم تحت دعاوى الخلاف المذهبي، الفكرة تطورت وتشعبت من خلال ما فعله "أبو مصعب الزرقاوي" من خلال استهداف الشيعة في العراق عام 2003، وتطور المفهوم لدى داعش لكي ينال من كافة الطوائف، يبدأ بالأقليات وينتهي بالجميع، لذلك منهاج أبي مصعب الزرقاوي كان المحرك الأساسي للجماعة في حادث "الروضة".

أما عوض الحطاب القيادي السابق بالجماعة الإسلامية فقال إن هجوم تنظيم داعش الإرهابي على مسجد الروضة بالعريش، ووقوع هذا العدد الكبير من الشهداء والمصابين، يهدف في المقام الأول إلى تعطيل خطة الرئيس عبد الفتاح السيسي، الرامية إلى تعمير سيناء موضحا أن الخطة الموضوع للمنطقة تسير على قدم وساق بغض النظر عن هذه الأحداث الدموية التي يعرف القاصي والداني مقاصدها ومن يقف خلفها..

ويرى "الحطاب" أن بصمات "داعش" بالطبع واضحة على العملية، كما أن النيابة العامة المصرية، أشارت في بيانها عن المتسبب في الواقعة وهم نحو 30 متطرفا من عناصر داعش، هاجموا مسجد الروضة بشمال سيناء، وبالتأكيد وضح لأجهزة الأمن والنيابة عبر التقصي أن الإرهابيين من المنتمين إلى التنظيم الإجرامي، خصوصا أن هناك شهود عيان قالوا إن المعتدين كانوا يحملون أعلام داعش.
الجريدة الرسمية