رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

صيد العصاري.. «كيف ومتعة» تقرير مصور

فيتو

"عملت صياد سمك.. وصيد السمك غية".. وما يحلى الصيد إلا في وقت العصرية، على نيل القاهرة يظل الصياد بعدته "صنارة وشنطة وكرسي لقعدته"، بالساعات ينتظر حنين النهر، يفوت الوقت والصياد صبره غالب، تغمز صنارته "قراميط.. قراقير.. بني.. مبروكة.. أو بلطية.. أحمدك يا رب يا رازق.. كله خير وعطا من عند العالم بالنية"، لكن الأكيد أن حب الصيد في الأول والأخير هو الطلب وهو الغية.

بمجرد أن يتردد آذان العصر في الأرجاء وبينما تخفت حدة أشعة الشمس الذهبية، يتوافد الصيادون على كباري القاهرة، يتخذ كل منهم مكانه المفضل، يعد عدته ويخرج أدواته، ويتجه بعينه صوب النيل يلقي فيه همومه ينسى الدنيا بما فيها يصفي قلبه من الواقع ومرارته ويسافر من مكانه إلى عالم لا ضغط فيه ولا قلق أو توتر.


وهناك على كوبري الجلاء، كان "سمير" في مكانه المعتاد بجوار أحد الأعمدة التي تحمل الكوبري يعد عدته يضع كرسيه الصغير ويجهز صنارته وطُعمه استعدادًا ليوم طويل من الصيد: "أنا عندي 55 سنة وبشتغل سباك وبقالي 30 سنة بصطاد من نفس المكان"، خبرة سمير الطويلة في الصيد هي ما دفعته لاختيار هذا المكان من الكوبري.. فالسمك يجتمع حول هذا العمود ويكثر في محيطه".


"أنا بحب الصيد.. تعلمت منه الصبر وراحة الأعصاب.. كل لما أكون متضايق بنزل على الكوبري وأنسى الدنيا"، لا يهمه كثيرًا كمية السمك التي يعود بها إلى منزله فغيته هي الصيد في حد ذاته، "أنا بكون هنا من العصر لحد 11 بالليل.. السمك اللي بطلعه باكله مش ببيعه وعلى حسب النيل ما يحن ممكن يطلعلي بلطي أو شلب أو هنومة أو حتى سمكة الرعاش اللي بتكهرب.. وأهو كله حلو".


وعند بداية كوبري قصر النيل وبالقرب من دار الأوبرا المصرية، كان "منير" هو الآخر منغمسًا في النظر إلى صنارته التي ألقاها في النيل منتظرًا أن "تغمز" وتأتي إليه بصيد ثمين، "أنا عندي 57 سنة.. تاجر وساكن في شارع الجمهورية وبصطاد من 40 سنة كنت بطلع اصطاد في القناطر والمناشي وعلى كوبري أكتوبر، بجرب حظي في كل مكان"، يخرج منير عادة من الثالثة عصرًا ولا يعود إلى منزله إلا الفجر وأحيانًا حتى تُعلن الشمس عن بدء يوم جديد.


"أنا عندي حساسية من السمك ومش باكله إلا قليل بس بصطاده كيف ونزاهة ومتعة وغالبًا السمك اللي بصطاده بهديه لجيراني وقليل لما ببيعه"، ويحكي منير عن أكثر الأسماك التي سعد بصيدها: "عمري ما هنسى أول مرة اصطدت فيها ثعبان البحر.. كنت فرحان بيه جدًا"، لكن خير النيل "قل" كما أكد منير، فالأعشاب التي كان يتغذى عليها الأسماك في النهر لم تعد كسابق عهدها وهو ما أثر على كميتها التي اختلفت عما كانت عليه في الماضي.


"أنا وأنت لوحدنا.. حسدونا في حبنا.. ويا ريتهم زينا"، صوت فريد الأطرش يتهادى في وقت العصاري على أسماع المارة بكوبري قصر النيل صادر عن راديو صغير، أمام "عبد المنعم"، الذي يبلغ من العمر 61 عامًا، جاء من الوراق إلى هذا الكوبري منذ عام بعد أن خرج على المعاش "قريبي علمني الصيد وأنا جربت أصطاد في أماكن كتير لكن ما لقيتش حظي غير على الكوبري ده وطلعت منه بأسماك حلوة".

كان عبد المنعم يعمل مع فريق الأمن بالجامعة الأمريكية لكن بعد المعاش وجد أن الفراغ أوشك أن يقتل روحه وازدادت مشكلاته مع من حوله ووجد في الصيد ملاذه.


"أنا دلوقتي مرتاح نفسيًا، بطلع للصيد من العصر لحد 11 بالليل معايا أكلي وشربي، بسمع أحلى أغاني الزمن الجميل واحنا صحبة حلوة"، وأكثر الأسماك التي اصطادها عبد المنعم ولن ينساها سمكة "الهنومة" التي كانت من نصيبه في أحد الأيام وأخرجها بمساعدة صياد آخر بسبب حجمها الكبير "عملتها صينية وعملت عليها حفلة لكن عمومًا صيده أحلى من أكله".


أما مصطفى فقد كان أصغر صياد على كوبري قصر النيل وأحدثهم عهدًا بالصيد، فهو يبلغ من العمر 20 عامًا وبدأ الصيد فقط منذ أسبوع، انقطع عن التعليم لظروف مادية منذ الإعدادية، ومؤهلاته لم تساعده في إيجاد عمل مناسب فقرر ألا يضيع وقته على الإنترنت وفيس بوك خاصة أن معظم أصدقائه منشغلين في الدراسة والعمل، وابتاع صنارة بـ100 جنيه وقرر أن يأتي يوميًا من بولاق الدكرور إلى الكوبري ليتعلم ممن سبقوه في هذه الهواية ومن لهم باع فيها، "بصطاد على ما ألاقي شغل وبدل قعدة البيت.. كل الناس هنا كبيرة في السن لكن احتضنوني وبيحاولوا يعلموني"، روح جميلة تجمع بين الكبير والصغير تجعل الوقت يمر "هوا" ومع صحبتهم يحلى صيد العصاري.

Advertisements
الجريدة الرسمية