رئيس التحرير
عصام كامل

مظاهرة حمقاء لهدم القضاء!


أليس فى هذه الجماعة وأقصد الإخوان المسلمين رجل رشيد؟
منذ أن تولى الإخوان الحكم فى البلاد ورئيس الجمهورية يصدر قرارات باطلة دستورياً وقانونياً. وحين تحكم المحاكم ببطلانها يضطر إلى سحبها، ولكن يعود مرة أخرى بعد حين لكى يسلك نفس السلوك المضاد للأعراف الدستورية وللقواعد القانونية المستمرة.


لماذا هذا الإصرار العنيد على خرق القانون؟ وما هذا الذكاء السياسى النادر الذى يجعل قادة جماعة الإخوان المسلمين يعادون كل فئات الشعب المصرى؟

هم يعادون رفقاءهم فى ثورة 25 يناير من الفصائل الثورية والسياسية، وهم يشنون حرباً ضد الإعلام المقروء والمسموع والمرئى بطريقة فاقت نظام "مبارك" الذى كانت تشكو منه الأحزاب باعتباره يقمع الحريات، وهم يهاجمون بغباء شديد القوات المسلحة بطرق ملتوية وحين يصفعهم الجيش على وجوههم يتراجعون بطريقة مهينة مثل تراجع الفأر الإخوانى صاحب القصيدة الركيكة والتى تضمنت سباً وقذفاً فى الجيش ولم يخجل من أن يزعم أنه كتبها قبل الثورة، ولو كان هذا صحيحاً لماذا أنشدها بصوته الرخيم هذه الأيام، ولكنه يرد بلا حياء ولا خجل يقول إنه أدخل عليها تعديلات تشير إلى أنها من إنتاج الزمن الماضى؟ ما هذا التخبط والذى هو أساس الفشل الذريع لحكم الإخوان المسلمين؟

لقد سبق لنا منذ سنوات بعيدة أن وجهنا النقد لجماعة الإخوان المسلمين حين كانت "جماعة محظورة"، وقلنا إن هذه الجماعة لا تمتلك أى مشروع فكرى، كما أن شعارها الأثير "الإسلام هو الحل" هو شعار فارغ من المضمون!

وتدور الأيام ويشاء القدر فى غفلة من عين التاريخ الساهرة أن تقفز جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة فى مصر، لدرجة أن رئيس الجمهورية كان رئيس حزب الحرية والعدالة الإخوانى.

وقد وعد الرجل بأنه فى المائة يوم الأولى من حكمه الرشيد سيحل أكثر المشكلات جسامة والتى يعانى منها الشعب.

ولم يحل الرئيس أى مشكلة كما وعد، وأسوأ من ذلك أن المشكلات زادت وتراكمت، حتى بالنسبة لأبسط السلع الضرورية والتى يتوقف على توفرها دوران عجلة الإنتاج فى عديد من القطاعات، وأهمها على الإطلاق البنزين والسولار، وقبل ذلك رغيف العيش.

أين شعار "الإسلام هو الحل" إذن؟ ولماذا يوضع الإسلام بمقاصده العليا وقيمه السامية على مستوى حل مشكلات لا تحتاج إلا إلى رؤية استراتيجية متكاملة وإرادة سياسية وإعلاء للصالح العام على صالح الجماعة؟

هذه الجماعة أفسدتها مخططات أخونة الدولة وأسلمة المجتمع. ولم تقف جهود قادتها عن حدود تسريب عدد من الوزراء أو المحافظين أو كبار الموظفين ليشغلوا مناصب فى مفاصل الدولة، ولكنهم استهدفوا القضاء المصرى الشامخ الذى كشف عن عوراتهم الدستورية والقانونية.

وتعددت المحاولات لأخونته، ابتداء من عزل النائب العام السابق "عبد المجيد محمود" وتعيين أحد أنصارهم نائباً عاماً إلى تسريب أخبار بأنهم ينوون تعيين ثلاثة آلاف محام إخوانى لكى يصبحوا قضاة!

وبالرغم من أنهم كذبوا هذا الخبر الذى جاء على لسان أحد قادتهم الكبار، إلا أن المظاهرة الحاشدة التى نظموها مطالبين بتطهير القضاء ليست إلا محاولة فجة وعقيمة وفاشلة لإسقاط القضاء ومحو مبدأ استقلال السلطة القضائية.

بل إن إحدى اللافتات التى كانت مرفوعة تقول "يسقط القضاء"، هكذا تخطط الجماعة لإسقاط مؤسسات الدولة، ولكن فى مصر قضاة يتسمون بالجسارة والجرأة والاحترام ولن يسمحوا أبداً لجماعة الإخوان المسلمين أن يهدموا صرح القضاء الشامخ.

ويكفى فى التعبير عن خيبتهم السياسية أن وزير العدل المستشار "أحمد مكى" وهو إخوانى الهوى صرح بوضوح أن محاولة تعديل القانون لإحالة القضاة ممن تعدوا سن الستين تعد عدواناً صارخاً على استقلال السلطة القضائية!

ولكن من يسمع ومن يفهم ومن يدرك أنه بأخطائه القاتلة إنما يحفر لنفسه حفرة عميقة عنوانها الفشل التاريخى فى حكم مصر، بعد ثمانين عاماً من الادعاء الكاذب أنهم يحملون الخير لمصر!
eyassin@ahram.org.eg

الجريدة الرسمية