رئيس التحرير
عصام كامل

أسرة للبيع


في الوقت الذي كان يتحدث فيه المهندس شريف إسماعيل، رئيس مجلس الوزراء، أمام مجلس النواب معلنًا عن تحسن أداء الاقتصاد المصرى و"شعور" المواطنين بهذا التحسن الكبير وأن جميع المؤسسات الدولية الكبرى أصبحت تنظر نظرة احترام للاقتصاد المصري، كانت هناك عائلة مكونة من أربعة أفراد تقف أمام مقر محافظة الغربية بمدينة طنطا تتحدث بلسان جزء لا يستهان به من المصريين ترفع لافتة أسرة للبيع موديل 25 _30، من المؤكد أن هذه العائلة لم تفعل هذا من باب الشهرة أو من باب الحصول على أكبر قدر من اللايكات على فيس بوك، بل أقدمت على هذه الخطوة بعد محاولات كثيرة على أبواب المسئولين لعل أحدًا ينصفها أو يصدقها في شكواها، أن جميع أفراد الأسرة في مهب الريح، وأن التغيرات الاقتصادية الأخيرة أنهكت الأب والأم والابن والابنة، وأن الدخل المحدود لم يعد قادرًا على الوقوف في وجه غول الأسعار، وأن رب الأسرة أصابه المرض ولم يجد الحكومة بجواره أو وزارة التضامن تسأل عنه.


هذه الأسرة عندما وقفت معلنة على الملأ عن استعدادها لإتمام عملية البيع لمن يريد ويستطيع أن ينفق على أربعة أفراد، لم تكن تخاطب المحافظ أو وزيرة التضامن بل كانت تريد أن ترسل رسالة للحكومة أن سياستها بها الكثير من الخطأ، وأن هناك الكثير من المصريين يعانون من ارتفاع أسعار الوقود والكهرباء والغاز واللحوم والأسماك والدواجن، وكل ما يعيشون عليه وأن حيائهم يمنعهم من الوقوف بجوار هذه العائلة ومطالبة الحكومة بالنظر إليهم والعطف عليهم.

لو أن هناك حكومة رشيدة تقرأ ما بين السطور لتوقفت أمام هذه الواقعة التي لم تكن الأخيرة ولن تكون الأخيرة، واستمعت لصوت هؤلاء عن قرب وأرسلت إليهم الكثير من المسئولين ليستفسروا عن أحوالهم وعن معيشتهم وعن حياتهم، ويقدمون إليهم المساعدة بدلا من وقوعهم فريسة سهلة في يد الإرهاب، ولكن للأسف الشديد الحكومة لم تلتفت لهؤلاء وواصل رئيس الحكومة عناده وعدم اعترافه بالواقع وحديثه من داخل البرلمان عن ارتفاع نسبة النمو والرقابة على الأسواق ومحاربة الغلاء، وأن المواطن المصرى في ربوع مصر "يشعر" أن هناك تغيرًا حقيقيًا إلى الأفضل، وأن الحكومة تؤدي واجبها على أكمل وجه، هذا ماتقوله الحكومة ردًا على طلبات الإحاطة التي تقدم إليها، والتي لا تغادر أدراج مجلس النواب، أما الواقع فمختلف تمامًا، فالمواطنون ضجوا من الغلاء ووصلوا إلى نهايتهم من قلة الحيلة.. الحكومة التي لا تصدق مواطنيها لا تستحق أن تستمر.
الجريدة الرسمية