رئيس التحرير
عصام كامل

مصر وجيرانها


منذ سنوات لم يفكر أحد في معنى القومية العربية.. وللأسف لم تحقق الجامعة العربية المعنى الحقيقي للترابط العربي والقومية العربية.. لم تسع أي دولة إلى تحقيق هذا الهدف النبيل، بل أصبحت الخلافات تسيطر على ذات الدولة من الداخل لتبعدها دون قصد عن أهداف العروبة.. ورغم ما مرت به مصر من صعاب وثورات ونكسات وانكسارات وانتصارات لم تغفل الدولة المهام التي تحملها على عاتقها لكونها أكبر دولة عربية، وحضارتها تمتد إلى 7 آلاف سنة فضلا عن موقعها الجغرافي المميز خاصة في ظل تواجد سياسة خارجية جديدة مع جيرانها.


فما حدث في دولة فلسطين المحتلة من قبل العدو الصهيوني وإتمام مصالحة بين الأشقاء حركتي فتح وحماس ليس صدفة لكن بترتيب دقيق من الأجهزة المصرية وثقة تامة من الجانب الفلسطيني سواء فتح أو حماس في الوسيط مصر.

مصر أثبتت على مر التاريخ أنها دولة ليست طامعة في حقوق الآخرين، ولا تتدخل في شأن أي دولة أخرى ولا تعبث بأمن جيرانها ولا تخون أصدقاءها، هدفها واضح يتمثل في الحفاظ على أمنها القومي والحفاظ على وحدة التراب العربي، وظهور صور الرئيس عبد الفتاح السيسي في قلب غزة  التي كانت تسيطر عليها حركة حماس وتسليم السلطة لحركة فتح طواعية وإعلان الشكر لمصر ورئيسها بعدما كانت حماس مصر تهديد لمصر مشهد لا بد من التدقيق فيه، فهو نتيجة جهد وعمل شاق للأجهزة المصرية.

حماس أدركت أن مصر عادت من جديد إلى موقعها العربي والريادي وتعمل من منطلق الحفاظ على الوحدة العربية ووحدة للترابط العربي دون أطماع أو أجندات خاصة سوى المصلحة العليا لمصر وفلسطين، لذلك جاءت للقاهرة، وتمت عملية الاتفاق وتنفيذ المصالحة في غزة برعاية مصرية.

كما أصبح لمصر دور فعال في الأزمتين الليبية والسورية، ويتم دعوة مصر للمؤتمرات الدولية في هذا الشأن، وخرجت من عباءات التنديد والشجب إلى إدارة العمل على أرض الواقع والضغط بما تملك من أوراق على جميع الأطراف لتحقيق المصلحة العامة والحفاظ على وحدة التراب العربي.

مصر أول الدول التي رفضت التعامل العسكري في سوريا، وهي أول من دعت للحوار السياسي في ليبيا، والوحيدة الأقدر على حل القضايا الفلسطينية، وتلعب دورا مهما في الأزمة اليمنية، وكان لها دور كبير في إتمام الانتخابات الرئاسية اللبنانية وربطتها علاقات إستراتيجية قوية مع الجزائر وعلاقات صداقة وأخوة وعلاقات إستراتيجية واقتصادية وسياسية مع دول الخليج مصر.. وعادت من جديد إلى الحضن الأفريقي.

مصر العروبة عادت بقوة، ليس عن طريق شعارات رنانة من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والميديا، لكن عادة لتصدق ما سماها أم العرب.
الجريدة الرسمية