رئيس التحرير
عصام كامل

وداعًا نعيمة عاكف.. "لهاليبو" السينما المصرية

فيتو

ولدت نعيمة عاكف، فى أكتوبر عام 1922 فى مدينة طنطا، حيث كان سيرك والدها يقدم عروضه خلال ليالى الاحتفال بمولد السيد البدوى، وخرجت "نعيمة" إلى النور لتجد نفسها بين الوحوش والحيوانات والألعاب البهلوانية مثل سائر أفراد أسرتها، ولما بلغت سن العاشرة تزوج والدها من أخرى غير والدتها التى اضطرت إلى ترك السيرك مع أولادها لتستقر فى شقة متواضعة بشارع محمد على.


انتقلت "نعيمة" بعد ذلك إلى ملهى الكيت كات الذى كان يرتاده معظم مخرجى السينما، فالتقطها المخرج أحمد كامل مرسى وقدمها كراقصة فى فيلم ست البيت ومنه اختارها المخرج حسين فوزى لتشارك فى بطولة فيلمه العيش والملح، وبعده تعاقد معها على احتكارها فى الأفلام التى يخرجها لحساب نحاس فيلم، وقامت بأول بطولة سينمائية لها فى لهاليبو، وبعدها تزوجت من المخرج حسين فوزى ونقلها من شارع محمد على إلى فيلا بمصر الجديدة وامتلكت سيارة وأصبح لها رصيد فى البنوك، وشعرت بأنها لم تحصل على قسط كاف من التعليم، فاستعانت بمدرسين تلقت منهم دروسا فى العربية والإنجليزية والفرنسية وبذلك أصبحت تتحدث ثلاث لغات.

وفى عام 1956 اختارها زكى طليمات بطلة لفرقة الفنون الشعبية فى العمل الوحيد الذى قدمته هذه الفرقة، وكان أوبريت بعنوان "يا ليل يا عين"، تأليف يحيى حقى، وتوالت أفلامها ولمع نجمها فى السينما من خلال أفلام: بلدى وخفة، بابا عريس، فتاة السيرك، جنة ونار، تمر حنة، يا حلاوة الحب. وبعد عشرة أعوام من الزواج انفصلت نعيمة عن زوجها فى هدوء شديد.

سمع على الكسار عن بهلوانات الشوارع فاتفق مع نعيمة مقابل اثنى عشر جنيها فى الشهر لتعمل هى وشقيقاتها فى فرقته، وظهرت نعيمة فى مسرح الكسار فبهرت الأنظار وهذا ما جعل بديعة مصابنى تعرض عليهن العمل فى فرقتها مقابل خمسة عشر جنيها، وكان ضمن فرقة بديعة فتاة تدعى تيشى تلقى مونولوجات على حركات رقص الكلاكيت، فأحست نعيمة بالغيرة منها وقررت أن تتعلم رقصة الكلاكيت وإلقاء المونولوجات.

وفى أحد الأيام انتهزت فرصة غياب تيشى ودخلت حجرتها وسرقت الحذاء الذى كانت ترقص به، ودهشت من قطع الحديد الموجودة فى هذا الحذاء، ووضعته فى قدميها وبدأت فى تقليد الرقصة، وبعد ساعتين من التدريب المتواصل تعلمتها، وأخذت الحذاء معها وذهبت إلى عامل أحذية وطلبت منه أن يضع فى حذائها قطع حديد مشابهة، وفى اليوم التالى أعادت الحذاء إلى مكانه وبدأت التدريب بحذائها، وبعد أسبوع ذهبت إلى بديعة مصابنى وطلبت منها أن تتيح لها فرصة تقديم رقصة الكلاكيت، وبعد تردد سمحت لها وهى غير مقتنعة، وعندما أنهت الرقصة صفقت لها بديعة بحرارة مع الجمهور.

فى شهر سبتمبر من عام 1956 سافرت نعيمة مع البعثة المصرية إلى الصين لتقديم الأوبريت، وفى عام 1957 سافرت إلى موسكو لعرض ثلاث لوحات استعراضية كانت الأولى تحمل اسم مذبحة القلعة والثانية رقصة أندلسية والثالثة حياة الفجر، وحصلت نعيمة على لقب أحسن راقصة فى العالم من مهرجان الشباب العالمى بموسكو عام 1958.

تعثرت الحياة الزوجية بينها وبين زوجها حسين فوزى، فوقع الطلاق بهدوء عام 1958  بعد أن أخرج لها 15 فيلما آخرها فيلم أحبك يا حسن، وبعدها بعام ارتبطت بوالد نجلها صلاح الدين عبدالعليم، وكان أول ما قام به زوجها الجديد هو اعتقال بدلة الرقص فى دولاب ملابسها.

وفى عام 1966 فاضت روحها بعد رحلة مع المرض، حيث هاجمها وحش المرض وأنهى حياتها المفعمة بالحيوية والنشاط والفن والسيرك، ونقلت إلى المستشفى ثم تحسنت صحتها لكن المرض عاودها من جديد فتقرر سفرها للعلاج فى الخارج لكن صحتها لم تكن تسمح بعد أن تدهورت حالتها، وماتت نعيمة عاكف وهى لم تتجاوز الخمسة والأربعين من عمرها.
الجريدة الرسمية