رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيس مؤسسة «ماعت» لحقوق الإنسان: "الهيئة الوطنية" خطوة جيدة تضمن نزاهة العملية الانتخابية

فيتو

  • مصر تأخرت كثيرا في اتخاذ قرار تشكيل "الوطنية للانتخابات" 
  • أخلاقيا لا يجوز أن تخالف منظمات حقوق الإنسان القانون 
  • أزمة الدولة مع المنظمات الحقوقية بدأت منذ 2007.. وحجم التمويلات تراجع بعد 25 يناير 
  • القاهرة تواجه حرجا كبيرا أثناء عرضها التقرير النهائي بالأمم المتحدة في مارس ٢٠١٩


الانتخابات الرئاسية.. التمويلات الخارجية.. أداء مجلس النواب، الاتهامات التي تلاحق النشطاء بالعمالة لجهات دولية.. جميعها ملفات وضعناها على طاولة الحوار مع الناشط الحقوقي أيمن عقيل، رئيس مجلس أمناء مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، أحد الحقوقيين الحاصلين على الصفة الاستشارية بمجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

"عقيل" في حديثه عن تلك الملفات، التزم بسياسة الأمر الواقع، لم يتحدث عن "المفترض أن يكون"، لكنه ظل يتحدث في خانة "ما هو كائن"، فلم يلق بالاتهامات على أحد، فعندما جاء الحديث عن الانتخابات الرئاسية، أكد أن الدولة المصرية بتشكيلها "لجنة عليا للانتخابات" تقدمت خطوة كبيرة للأمام، وفى إجابته عن موقفه ورؤيته لأداء مجلس النواب، التزم بـ"الكلام الدبلوماسى"، فلم يحمل أحدًا فوق طاقته، لكنه أعطى كل ذى حق حقه في المسئولية... فإلى نص الحوار لـ "فيتو":


* بداية.. لنتحدث عن دور مرصد الانتخابات الرئاسية التابع لمؤسسة ماعت.. وما أهم محاور عمله؟
منذ عام 2005 و"ماعت" تراقب وتتابع كل الانتخابات التي أجريت في مصر، وفي المنطقة العربية أيضًا، والبعض يقول إن المؤسسة بدأت عملها هذه المرة مبكرًا، إلا أن فلسفة "ماعت" باعتبارها متخصصة في متابعة الانتخابات، تتمثل في أن دورها لا يقتصر على عملية الاقتراع، أو الإجراءات من فتح باب الترشح والتسجيل والدعاية والتصويت والنتيجة والطعون، لكننا نسعى إلى مراقبة البيئة التشريعية التي تجرى فيها الانتخابات من الناحية التشريعية والسياسية والاقتصادية، وفي هذا الصدد أصدرنا تقريرين، الأول عن البيئة التشريعية، والثاني عن البيئة الاقتصادية.

وبالتزامن مع تدشين المرصد، اشتد الحديث عن احتمالية تعديل الدستور، وإذا افترضنا أنه تم تعديل الدستور وامتدت فترة الرئاسة من 4 إلى 6 سنوات لن يكن هناك انتخابات رئاسية في الفترة الحالية، وبالتالي نحن لا نتابع انتخابات فقط، لكننا نتابع المرحلة الحالية، والإجراءات التي نشهدها حاليًا ستؤثر في العملية الانتخابية.

* هل هناك تنسيق بينكم والبعثات الدولية المعنية لمتابعة الانتخابات الرئاسية في مصر؟
فيما يتعلق بالشق الدولي، لدينا العديد من الشركاء سواء في المنطقة العربية أو في أوروبا، وبالفعل هناك حوار حول الأنشطة المشتركة سواء في الآليات الدولية لحماية حقوق الإنسان، أو الراغبين بمشاركتنا متابعة الانتخابات في مصر، وقد أبلغناهم أنه من حقهم تقديم طلب بمراقبة الانتخابات، ولكن حين يتم فتح باب الترشح للانتخابات، وبالنسبة لـ"ماعت" فهي مؤسسة محلية مصرية، وبالتالي من حقها أن تتابع البيئة التي تجرى في ظلها الانتخابات.

* في ضوء اتجاه مصر للآليات الأفريقية لحماية حقوق الإنسان.. اللجنة الاجتماعية الاقتصادية بالـ "إيكو سوك" طالبت الدول الأعضاء بتشكيل 10 لجان.. هل يمكن أن تكشف لنا تفاصيل تشكيل اللجان المصرية؟
الحكومة المصرية ومؤسسة الرئاسة مهتمة جدا بأفريقيا، وهناك تحركات رئاسية وحكومية تجاه الجانب الأفريقي، ويمكن القول إن اللجنة الاجتماعية الاقتصادية في الاتحاد الأفريقي الـ "إيكو سوك"، تعادل المجلس الاجتماعي والاقتصادي الخاص بـ "جنيف"، وكما أن لمصر صفة استشارية في "جنيف" سيكون لها صفة استشارية في "إيكو سوك".

وحاليًا أصبح هناك إلزام على كل الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي، أن تشكل 10 لجان، على غرار الاتفاقيات الدولية بالأمم المتحدة.

مصر تأخرت في تشكيل اللجان، ومن المنتظر أن يتم إعلان تشكل اللجان العشرة كاملة منتصف سبتمبر المقبل، وحاليًا هناك جلسات لتشكيل اللجان، حيث إن كل لجنة متوسط عدد الجمعيات الأهلية الأعضاء باللجنة الواحدة من 5 إلى 10 جمعيات، وبالتالي قد يصل عدد الجمعيات إلى 100 جمعية أهلية مصرية، وسيتم إعلان أسماء الجمعيات، وتم تشكيل اللجان من خلال مؤتمر صحفي ترأسه نجوى متولي، ممثلة جمعية الهلال الأحمر، حيث إنها تمتلك الصفة الرسمية في "إيكو سوك"، و"ماعت" تتعاون معها في تشكيل اللجان، وأشير إلى أن وزارة الخارجية والحكومة ليس لهما علاقة بمسألة اختيار اللجان أو تنظيم المؤتمر.

* من وجهة نظرك.. هل الهيئة الوطنية للانتخابات خطوة حقيقية نحو مناخ أكثر ديمقراطية؟
بالفعل.. الهيئة الوطنية للانتخابات خطوة جيدة ومصر تأخرت كثيرا في اتخاذ قرار تشكيلها، ففي الوقت التي كانت فيه العراق والأردن والمغرب وغيرها من الدول العربية لديهم هيئة للانتخابات، كانت مصر تعتمد على اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات، وهي اللجنة القضائية التي يتم تشكيلها سواء للإشراف على انتخابات الرئاسة أو البرلمان.

كما أن اللجنة الوطنية المشرفة على الانتخابات ستضمن نزاهة العملية الانتخابية، ومهم جدًا أن يتم تدريب الموظفين الذين سيشرفون على العملية الانتخابية، إضافة إلى أهمية أن تكون رواتبهم جيدة حتى لا يكونوا معرضين للضغوط والاستغلال، لا سيما أننا شاهدنا مشكلات من القضاة أنفسهم، فكانوا يتعنتون مع الصحفيين ومشرفي المراقبة، لذلك يجب إخبارهم بالقوانين والقواعد وتدريبهم عليها.

* بالحديث عن المجتمع المدني ما إيجابيات ومساوئ قانون الجمعيات الأهلية من وجهة نظرك؟
القانون توجد به ميزة حاربنا كثيرًا من أجلها، وهي وجود اللجنة التي تفصل في مسألة التمويل بالنسبة للجمعيات والمنظمات، هذه اللجنة بتشكيلها الحالي جيدة للغاية، وتتعرض لانتقادات كثيرة لأنها تضم أجهزة أمنية،، والواقع يقول إن الأجهزة الأمنية منذ عام 1989 هي المتحكمة في نشاط الجمعيات الأهلية لكن دون إعلان الأمر، والآن أصبح معلنًا للجميع، والرافضين له علاقتهم بالأمن مشبوهة.

* ما مصير الجمعيات الرافضة للقانون ؟
تلك الجمعيات إذا مارست النشاط دون الالتزام بقواعد القانون ستتعرض للجزاء، لكن المشكلة في الجزاء نفسه، حيث إن هناك توافقًا على أن الجزاءات التي يتضمنها القانون كثيرة متعسفة، وهذا ضمن اعتراضاتنا على القانون، فالحبس وصل لـ 5 سنوات، والغرامة المالية تصل لمليون جنيه، في حين أنه من الممكن أن يكون الجزاء بالإحالة إلى قانون العقوبات دون الحاجة لوجود عقوبات، ولا سيما أنه عمل تطوعي، بناء الثقة بين المجتمع المدني والحكومة أمر مهم جدًا، حيث إننا طوال الوقت نرى الحكومة ظالمة ومخطئة وتنتهك حقوق الإنسان، والحكومة تنظر لنا على أننا منظمات تتعامل مع جهات دولية وننفذ أجندات خارجية ونتلقى تمويلا أجنبيا، ولم نصل إلى نقطة اتصال خاصة مع الوزارات الحقوقية؛ لأن الوزارات الاقتصادية والتنموية لا تجد أي تضارب أو خلاف معنا، لذلك نحتاج إلى إعادة بناء الثقة بين الحكومة ومنظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان.

ومن الناحية الأخلاقية لا يجوز أن تكون منظمات حقوق الإنسان التي تدعي طوال الوقت للحفاظ على القانون أن تخالفه، وقانونًا لا يمكن أن تدعو أي منظمة لإيقاف العمل بالقانون، فهناك مادة به تجرم الدعوة لإيقاف العمل به، ولذلك أرى ضرورة الالتزام بالقانون، وإذا كان هناك اعتراض على بعض المواد علينا أن نسلك الطرق القانونية للطعن على تلك المواد.

* طبيعة العلاقة بين الدولة ومنظمات المجتمع المدني تأخذ طابعا عدائيا.. إلى ماذا يرجع هذا العداء؟
هناك بعض المنظمات خلطت بين العمل الحقوقي والعمل السياسي، وإذا عدنا لنشأة هذه المنظمات، سنجد أنهم فشلوا في أن يكونوا أحزابًا سياسية، وبالتالي لجئوا إلى تدشين شركات للدراسات والأبحاث للتعبير عن آرائهم من خلالها، وذلك بالتحايل على القانون بسبب ما تعرضوا له من تضييق، فبدل من أن يعمل في إطار حزبي، أصبح يعمل في إطار شركة تضامن أو مساهمة ليمارس العمل السياسي.

الأزمة الثانية بين الحكومة والمنظمات، هي مسألة التمويلات التي تحصل عليها تلك المنظمات، فقد تكون الجهة المانحة شرعية، والمنظمة المحلية شريعة، وحصلت على التمويل بشكل شرعي، لكن تم إنفاقه على أنشطة غير شرعية فيتعرض للمحاكمة فورًا، وقد تكون المنظمة المحلية شرعية وتحصل على الأموال لتنفقها في أنشطة شرعية، لكنها حصلت على الأموال من جهة مانحة غير شرعية، وبالتالي تكون وقعت في خطأ وتتعرض للمحاكمة أيضًا، وهناك حالة أخرى، وهي أن تحصل مؤسسة محلية غير شرعية على الأموال، ومعنى مؤسسة محلية غير شرعية بالنسبة للحكومة هو أنها شركة محلية غير هادفة للربح، رغم أن معظم المنظمات كانت في البداية شركات واستطاعت توفيق أوضاعها، وتحصل على التمويل بشكل شرعي تمامًا، فإن كل شركة لديها بطاقة ضريبية، والجهة المانحة ترى أن تلك الشركات أماكن شرعية، والدولة لا تراها شرعية.

* في رأيك لماذا ترى الدولة التمويل الأجنبي أمرًا غير شرعي في حين أنها تحصل على تمويلات أجنبية في شكل منح وقروض؟
الدولة ليس لديها مشكلة مع الجهة المانحة، فالجهات المانحة التي تحصل منها المنظمات الحقوقية على الأموال، هي نفس الجهات التي تحصل منها الدولة على الأموال، لكن أزمة الدولة حقيقة يمكن القول إنها بدأت منذ عام 2007 حين بدأت منظمات المجتمع المدني تحصل على جزء من المعونة الأمريكية التي تأخذها الدولة، وفي الفترة من عام 2006 وحتى عام 2010 حصلت منظمات المجتمع المدني على أكبر تمويل خارجي، وليس بعد ثورة يناير كما يقول البعض، وبعد الثورة التمويلات الكثيرة التي تقول الدولة إن بعض المنظمات حصلت عليها لم تدخل بشكل شرعي وهذا الأمر لا نعلم به، لكن الحكومة هي المسئولة عن هذا الأمر.

ومع ذلك هناك منظمات ومنها "ماعت" حصلت على تمويل من منظمات أجنبية بعد الثورة، بشكل شرعي، فمثلًا في عام 2011 نفذنا مشروع "صوت المواطن" بتمويل من مؤسسة المستقبل في الأردن، وفي عام 2012 نفذنا مشروع "دمج وتأهيل" بتمويل من جهة مانحة سويسرية اسمها "دروسيس"، وفي عام 2015 نفذنا مشروع بتمويل من الاتحاد الأوروبي، وكل هذا بحسابات بنكية وموافقات الدولة والحكومة، ولا بد من الإشارة إلى أن حجم التمويلات تراجع بشكل كبير بعد الثورة عن فترة قبل الثورة.

وأريد أن أشير هنا إلى أنه ستظل الأزمة موجودة بين الدولة والمنظمات الحقوقية؛ لأن المنظمات تعمل على رصد الانتهاكات التي ترتكبها الدولة، فأمر بديهي أن تظل حالة الاحتقان موجودة بين الحكومة والمنظمات، وعلى المنظمات الحقوقية أن تتعامل بنوع من الذكاء مع الدولة، فمثلًا في الخارج لم نجد أي منظمة حقوقية تهاجم رئيس الدولة بـ"سب" أبيه وأمه، إنما يقف ممثل المنظمة ويقول له سيدي الرئيس، ثم يفند له نقاط المسألة التي يريد مناقشته فيها، ولكن المنظمات الحقوقية هنا تفتقد طريقة التعامل مع الدولة.

* ما العقبات التي ستواجه مصر في عرضها النهائي لتقرير الاستعراض الدوري الشامل أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان بجنيف؟
من المؤكد أن الدولة المصرية ستواجه حرجًا كبيرًا أثناء عرضها للتقرير النهائي عن حالة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في مارس ٢٠١٩، لا سيما أنها لم تحرز أي تقدم في ملفات شائكة كـ"المجتمع المدني والقانون المنظم لعمله، التعذيب، أحكام الإعدام، حرية الرأي والتعبير، التظاهر، وحرية عمل الصحفيين"، وإلى جانب آخر هناك تقدم إيجابي في بعض الملفات الأخرى.

* هل هناك ملفات أخرى أحرزت فيها الدولة المصرية تقدمًا من الممكن أن يعمل على تخفيف حدة الموقف الدولي تجاهها؟
نعم، هناك ملفات أخرى من الممكن أن تضاف لمصر، وهي أن هناك لجنة حكومية، شكلت بقرار من رئيس الوزراء لمتابعة تنفيذ التوصيات التي تعهدت بها مصر أمام المجلس الدولي لحقوق الإنسان، وتتواصل معها منظمات المجتمع المدني، وكذلك تفعيل قطاع حقوق الإنسان، وتعديل المادة العاشرة من قانون التظاهر، هذا يعد انتصارا كبيرا، فضلا عن انتهاء ثقافة التستر على المسئولين الفاسدين والمخطئين، وذلك في حد ذاته نقلة نوعية، في تعاطي مؤسسات الدولة مع حقوق الإنسان، وهو ما شاهدناه في إحالة الضباط المتورطين في قضايا قتل إلى المحاكمة، وعلينا ألا نغفل في هذا الصدد أن مصر أكبر وأول دولة عربية صدقت على عدد من المعاهدات والاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان.

* ما تقييمك لأداء البرلمان بعد دوري انعقاد.. وكيف ترى أداء لجنة حقوق الإنسان تحديدا؟
غير راضين عن أداء البرلمان، القوانين التي سنها منذ انعقاده، غير مطابقة لتعهدات مصر الدولية، ولا شك أن جزءا كبيرا منه مسيس وأن هناك تيارًا هو من يسيطر باعتباره أغلبية وأنه يتجه لخدمة السلطة التنفيذية وليس المواطن، أما عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان لم تصل للمواطن.

الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"..
Advertisements
الجريدة الرسمية