خبير أثري: بعض ملوك الفراعنة لم يخضعوا للختان
قال الباحث الأثري عمر السنهوتي، إننا سنظل دائمًا وأبدًا نفخر بأجدادنا قدماء المصريين الذين أبهروا وما زالوا يبهرون العالم المعاصر بحضارتهم القديمة الشامِخة بما حققته من إنجازات راقية يحاول العلم الحديث تحقيق جزء منها وتفسير بعض ظواهرها فلا يستطيع بالرغم من امتلاكه إمكانات هائلة لكنه بالرغم من ذلك يقف عاجزًا أمام تلك العبقرية الفذَّة التي أنجزت بأقل الإمكانات.
وأكد "السنهوتي" في تصريحات صحفية، أن أحد أهم هذه الإنجازات الخالدة التي حفرها التاريخ بحروف من نور وأبقاها الزمان وأورثها لنا حتى الآن عادة اجتماعية دينية هي تعتبر من أهم الطقوس والعادات التي تتم للدلالة على انتقال الأولاد الذكور من مرحلة الطفولة لمرحلة البلوغ والرجولة الكامِلة ألا وهي عادة الخِتان.
وأضاف السنهوتي: أن هذه العادة معروفة أيضًا لدىَ المُسلمين وتتم كنوع من التطهير الروحي والجسدي للإنسان، ولا دليل حتىَ الآن على وجود عادة ختان الإناث في مصر القديمة لكن ذلك لا ينفي عدم وجوده أصلًا، فـــقد تظهر دلائل آثرية ونصية يومًا ما في المُستقبَل تثبت وجوده لكن هناك دليل ضعيف مشكوك فيه من القرن 2 قبل الميلاد، وهو عبارة عن بردية باللغة اليونانية موجودة حاليًا بالمتحف البريطاني.
وأوضح السنهوتي، أن التاريخ يبنىَ على مصادر فمن حيث لا مصادر فلا تاريخ فقد يسأل أحد القُرَّاء ما الدليل المؤكد لوجود هذه العادة بمصر القديمة فنقول له المناظر والنقوش والنصوص المصرية القديمة تؤكد ذلك كالتالي:
-في الدولة القديمة: في مقبرة بسقارة تعود للأسرة السادسة لشخص يُدعىَ (عنخ ما حور) تحديدًا بالممر المؤدي للغرفة السادسة نجد منظرًاً يمثل عملية الختان بواسطة أحد طوائف الكهنة ويدعىَ خادِم "كا" حيث نجد جهة اليمين عملية التجهيز للختان لصبي واقفًا واضعًا يده اليسرىَ على رأس الكاهِن الجالِس أمامه، ويقول له الكاهن ويبشره (سأجعلها هيّنَة) ونجد جهة اليسار مساعد كاهِن "كا" يمسك الصبي من الخلف بينما يقوم الكاهن بعملية الخِتان ويقول لمساعده إمسكه بشدة لا تجعله يرتجف" وقد عثر على تماثيل عديدة من الدولة القديمة تدل على وجود هذه العادة موجودة بمتحف القاهرة حيث يظهر بعضها عاريًا ومن خلال النظر للعضو الذكري نعرف أنه قد تم إختتانهم وهذه العملية كانت تتم لهم ما بين سن العاشرة إلى الثانية عشرة.
-في عصر الانتقال الأول: يوجد نقشان من هذه الفترة يدلان على إنتشار هذه العادة حينذاك وهما (لوحة وِحا الجنزية) ويقول فيها عندما إختُتِنت أنا ومائة وعشرون رجلًا ! و(كتلة حجرية من مقبرة مري رع بدندرة) ويقول فيها "دُفِنَ الشيوخ وإختُتِنَ الفتيان".
-في عصر الدولة الوسطىَ: هناك ثلاثة نصوص تدل على العادة في تلك الفترة الأول غير واضح يشير لصبي دون الإشارة لعمره والثاني للملك سنوسرت الأول يقول فيه أن إله الشمس عينه سيد البشر عندما كان طفلًا قبل إزالة قلفته والثالث يخص خنوم حتب الثاني يقول فيه أن أباه عين حاكمًا قبل أن يحلق شعر العانة وهي أيضًا من علامات البلوغ لدىَ الرجال.
-في الدولة الحديثة:
يوجد ثلاثة مناظر ونص واحدمن الأسرة 18 وهم كالتالي:
• المنظر الأول نراه بغرفة الولادة الإلهية بمعبد الأقصر والمنظر الثاني نراه في بهو الأعمدة الأوسط بمعبد حاتشبسوت بالدير البحري وكلاهما مشوه بشدة لذلك يصعب تفسيرهم.
•المنظر الثالث موجود على كتل حجرية منفصلة بمعبد موت بالكرنك حيث نرىَ في جزئها السفلي إثنين من الصبية الصغار يمثلون الملك القادِم ونفسه/قرينه يقفان أمام إمرئتين ورجل ويجرىَ لهما عملية الخِتان والختان هنا أسطوري رمزي لأن الصبي تعدى مرحلة الطفولة.
•وهناك نص على بردية للوزير وسر آمون خليفة (رخ مي رع) يصف مراسم استقباله أمام الجمهور بواسطة ربما تحتمس الثالث الذي يسأله (كم سنة مضت "على إزالة" قلفتك ؟ ) فيقول وسر آمون (منذ ثلاثين عامًا يا سيدي الملك)
• ومن العصر المتأخر لوحة الملك بي عنخي تقول أن أربعة حكام من الدلتا لم يستطيعوا مقابلة الملك لإظهار الولاء له لأنهم لم يختنوا ويأكلون السمك أما الحاكِم نملوت قابل الملك لأنه كان طاهرًا ولا يأكل السمك
•وهناك نقش بمعبد إيزيس بجزيرة فيلة يقول (تعليمات يُحرَّم دخول المعبد على غير المختون وآكل السمك) ونفهم من ذلك أنه تم المساواة بين الخِتان والطهارة.
•وقد قال هيرودوت أيضًا (كانوا يختنون لأنهم يفضلون الطهارة على الجمال ).
وفي العصر اليوناني الروماني:
أصدر الإمبراطور الروماني هادريان قانونًا يحرم فيه الختان على العامة إلا طبقة الكهنة لأن من شروط الدخول في سلك الكهنوت في مصر القديمة أن يتم إختتان الشخص أولًا ثم يتم إلتحاقه بسلك الكهنوت.
وقد وضع عالم التشريح (أليوت سميث) أول من درس المومياوات الملكية نظرية يؤكد فيها أن كل رجال مصر القديمة مُختتنين لكن لا يمكن إثبات ذلك لأن الإستدلال على إزالة القلفة من خلال دراسة بقايا المومياوات أمر يصعب إثباته وإليك إستعراض لبعض المومياوات التي قامت عليها دراسات لمعرفة ما إن قد تم إجراء الختان لهم أم لا:
الملك والحالة:
توت عنخ آمون: غير مؤكد أنها قد أُجريت له.
أمنحتب الثاني: أجريت له.
تحتمس الرابع: أجريت له.
رمسيس الرابع: أجريت له.
رمسيس الخامس: أجريت له.
أحمس الأول وأمنحتب الأول: لم تجر لهما.
