رئيس التحرير
عصام كامل

«الدستورية» تقضي بعدم دستورية قانون الصيدلة

 المحكمة الدستورية
المحكمة الدستورية العليا،

قضت المحكمة الدستورية العليا،برئاسة المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، بعدم دستورية البند (3) من المادة (14) من القانون رقم 127 لسنة 1955 بشأن مزاولة مهنة الصيدلة، فيما تضمنه من استثناء نقل الصيدلية في حالة الهدم من مراعاة شرط المسافة المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون ذاته.


وقالت المحكمة، إنه وإن جاز للدولة أن تتخذ بنفسها ما تراه ملائمًا من التدابير، لتنظيم موضوع محدد، أو توقيًّا لشر تقدر ضرورة رده، إلا أن تطبيقهـــــــــــا مبدأ المساواة لا يجوز أن يكون كاشفًا عن نزواتها، ولا منبئًا عن اعتناقها لأوضاع جائرة تثير ضغائن أو أحقاد تنفلت بها ضوابط سلوكها، ولا عدوانًا معبرًا عن بأس سلطانها، بل يتعين أن يكون موقفها اعتدالًا في مجال تعاملها مع المواطنين، فلا تمايز بينهم إملاءً أو عسفًا.

وأضافت أنه من الجائز بالتالى أن تغاير السلطة التشريعية - ووفقا لمقاييس منطقية - بين مراكز لا تتحد معطياتها، أو تتباين فيما بينها في الأسس التي تقوم عليها، على أن تكون الفوارق بينها حقيقية لا اصطناع فيها.

وأكدت المحكمة أن المشرع راعى بقيد المسافة كشرط للترخيص بالصيدلية العامة مصلحة عامة ترتبط بطبيعة عمل الصيدليات، كونها مراكز للخدمة العامة تؤدى خدمات متنوعة في إسعاف المرضى وتوفير الدواء اللازم لهم، فعمل على انتشارها انتشارًا عادلًا يتناسب وتوزيع الكثافة السكانية، على تقدير أن انتشارها في أماكن متباعدة، على النحو الذي أوجبه.

وأشارت إلى أهمية تأدية هذه الخدمات الضرورية ويقربها من طالبيها دون عنت أو إرهاق، ويحول دون تجمعها كلها أو بعضها في مكان واحد مما يؤدى إلى خلو بعض الأماكن من وجود صيدلية توفر مثل هذه الخدمات الضرورية، ويكبد المواطنين مشاق الانتقال إلى مسافات قد تطول، وكان نص الفقرة الثانية من المادة (30) قد رجح المصلحة التي وجدها المشرع أولى بالرعاية وأجدر بالحماية.

وأكدت أن هذه المصلحة هي جمهور المرضى المحتاجين للدواء في تقريب الصيدليات إليهم عن طريق قيد المسافة، وبما يبعد المزاولين لمهنة الصيدلة عن المنافسة غير المشروعة حفاظًا على الطابع الإنسانى لهذه المهنة النبيلة، الأمر الذي يكشف عن أن هذا الشرط قد بات جزءًا جوهريًّا من تنظيم يرتبط بمباشرة مهنة الصيدلة، تباشر في إطاره الصيدليات عملها لتحقيق الغرض منها لمصلحة الجمهور.

وأوضحت المحكمة أنه ودرءًا لمخاطر المنافسة غير المشروعة بين أبناء المهنة الواحدة. لما كان ذلك، وكان النص الطعين قد واجه حالة هدم العقار الكائنة به الصيدلية، فأجاز نقلها بذات الرخصة إلى عقار آخر، إلا أنه جاوز ذلك إلى استثنائها دون مقتضى من قيد المسافة، مهدرًا المصالح الجوهرية التي سعى إلى تحقيقها من تقرير هذا القيد، والأهداف التي توخاها من وراء ذلك.

وأكدت أن هذا القيد أنشأ تمييزًا غير مستند إلى أسس موضوعية بين التراخيص المنقولة وتلك المبتدأة، على نحو ينال من هذا التنظيم، والغايات التي يرتكن إليها، وينشئ أوضاعًا غير عادلة تتباين فيها حظوظ الصيدليات المرخصة ابتداءً والصيدليات المنقولة بسبب الهدم، فإنه يكون قد أهدر مبدأى العدالة والمساواة التي حرص الدستور على توكيدهما في المادتين (4، 53) منه، مما يتعين معه القضاء بعدم دستوريته.
الجريدة الرسمية