رئيس التحرير
عصام كامل
Advertisements
Advertisements
Advertisements

رئيس نقابة الشحاتين لـ«أبو طقة»: فيه دخلاء على المهنة بحجة زيادة الأسعار.. والحكومة نايمة!

فيتو

علاقتى بالمعلم «أحمد أبو حامد» رئيس نقابة الشحاتين المصرية تعود إلى زمن طويل.. حيث نشأنا في قرية واحدة، ولعبنا الكرة الشراب في عز القيالة.. وكانت ترعة القرية هي سبب معرفتى بأبو حامد.. حيث كان أطفال القرية يجتمعون على ضفاف الترعة بصفة يومية.


وذات يوم بينما كنا نلهو على حافة الترعة أنا وأحد أصدقائى الذي لم يشك لحظة في أننى مازلت لم أتقن العوم جيدا.. فإذا به يدفعنى من خلفى للترعة في مكان غزير المياه.. وبدأت أنا في مقاومة الغرق وصديقى يضحك ظنا منه أننى أمثل دور الغرقان.. لكن أحمد أبو حامد قفز ناحيتى وأخذ بيدى حتى خرجت من الترعة في موقف بطولى.. ومن يومها صارت بيننا علاقة تحولت فيما بعد إلى صداقة.. واستمر هذا لمدة عامين قبل أن أشعر باختفائه..

مر أكثر من أسبوع، فقررت أن أذهب إلى منزل أسرته على أطراف القرية فوجدته مغلقا لا أحد فيه.. سألت أطفال الجيران فقالوا لى إنه سافر مع والدته للبلد التي يعيش فيها أخواله، بعد أن مات أبوه منذ أسبوع.. فلا أقارب لهم في القرية ولا ميراث ولا أي مصدر رزق.

مر على ذلك أكثر من عام حتى انتقلت للصف الأول الإعدادى بإحدى مدارس مركز البندر.. فالقرى لم يكن بها مدارس إعدادى، وهناك فوجئت بأبو حامد معى في نفس الفصل.. فرحت به لكنه أصبح أكثر انطواء على نفسه ولا يختلط بأحد.. وآثار الفقر والضيق تبدو على ملابسه وملامح وجهه أيضا.. حاولت أن أعرف السر لكن دون جدوى.. فقط كان يكتفى بنظراته التي ترقب زملاءه، وهم يمرحون ويلعبون دون أي مشاركة منه.

وفى يوم من الأيام ذهبت إلى المدينة ليلا برفقة أخى الأكبر لشراء ملابس العيد، ففوجئت بأحمد يتسول من الناس.. كان يبيع المناديل الورقية، فكانت الناس تعطيه النقود ولا تأخذ المناديل.. تركت يد أخى واتجهت ناحيته، وسألته عن هذا الفعل فقال لى أنا بشتغل بياع مناديل.. فقلت له لكنى أرى الناس تعطيك نقودا ولا تأخذ منك المناديل، قال: أنا ساصارحك بكل شيء.. فمنذ أن توفى والدى ونحن ليس لدينا مصدر رزق، فابتكرت أنا قصة بيع المناديل حتى لا أبدو أمام من يعرفنى أننى أمارس الشحاتة.. فأنا قررت أن أتسول لكن بطرق حديثة حتى أعيش أنا وأمى دون أن يبدو علينا أننا نتسول.. وبالفعل كان أحمد هو أول من مارس فكرة بيع المناديل الورقية كمتسول محترم.. ثم ابتكر أفكارا كثيرة أخرى مستغلا كونه شحاتا مُتّعّلما.

جمع أحمد ثروة طائلة من هذه الأفكار، وأصبح له صبيان بعد أن قرر اختراق عالم الشحاتين حتى ذاع صيته بينهم، وأصبح نقيبا لهم بالانتخاب.. وظلت علاقتى به قائمة لكن لقاءاتنا انحسرت على الصدفة والمناسبات التي يحتاج فيها أحدنا لمهارة الآخر.

منذ أيام اتصل بى وهو غاضب ليقول لى: المهنة بتاعتنا باظت يا أبوطقة بيه.. أنا هتجنن ياجدع.. فنصف الشعب أصبح يمارس الشحاتة بحجة غلاء الأسعار، وقلة الدخل.

فقلت له: معلش ياصاحبى الناس معذورة وتعبانة..
قال: هؤلاء دخلاء على المهنة.. والحكومة نايمة في العسل.. الشحاتة لها نقابة ولازم الناس دى تشحت من خلال النقابة.
فقلت له: دى فرصتك إنك تحتوى نصف الشعب وممكن ترشح نفسك للانتخابات!
قال: آه.. والله فكرة حلوة.. طب اقفل دلوقتى وأنا هبقى أكلمك تانى!
Advertisements
الجريدة الرسمية