رئيس التحرير
عصام كامل

محافظ بني سويف نموذجا!!


بصحبة الصديقين المفكر الدكتور محمود عمارة، والصديق عصام كامل رئيس تحرير فيتو،‎ سافرنا إلى محافظة بني سويف لحضور حصاد محصول "الكينوا"، وهو نبات غير منتشر في مصر، ويطلق عليه حبوب المستقبل لأنه ينمو تحت ظروف بيئية صعبة، ويستهلك مياه قليلة وملوحة عالية وفوائده الغذائية عظيمة، ويضاف للقمح بنسبة 20% وبالتالي يوفر مليارات الجنيهات التي تنفقها الدولة على الاستيراد..


منذ خروجنا من المعادي على طريق الأتوستراد حتى موقع الحدث في منطقة" سنور" في بني سويف أكثر من 200 كيلو(طريق الجيش) أرض صحراء جرداء لا زرع ولا ماء إلا من بعض المحاولات الفردية البسيطة للمواطنين، وحقيقة ليس هذا الطريق فقط، ولكن كل الطرق الصحراوية فنحن 100 مليون نشغل 6% من أرضنا، المهم وصلنا إلى موقع الحدث وسط الصحراء القاحلة واحتفالية كبيرة من أصحاب المشروع (شركة ايروجيبت لاستصلاح الأراضي) وفرحتهم بنجاح تجربتهم، وكان موعد الحصاد الساعة 12 ظهرًا بحضور محافظ بني سويف ومندوبين عن وزارتي الزراعة والري، الذين وصلوا مبكرًا وانتظرنا ساعتين ولم يأت المحافظ رغم تأكيده على الحضور، ولم ينوب عنه أحد..

الحفل بدأ متأخرًا وسمعنا كلامًا يشرح القلب من أصحاب المشروع حول نجاح التجربة التي تعتبر مثالًا محترمًا للتعاون المتميز بين القطاع الخاص والبحث العلمي في معهد البحوث الحقلية بوزارة الزراعة وقطاع المياه الجوفية بوزارة الري، أحد المتحدثين قال إن لدينا 230 مليون فدان أرض صحراء ومشكلتنا الحقيقية في المياه، ولذلك فإن زراعة مثل هذه الأنواع من النباتات التي لا تحتاج مياه كثيرة وتتحمل نسبة ملوحة عالية ولها فوائد عديدة تعتبر الحل السحري لكثير من مشاكلنا، وأنا بدوري أقول للمتحدث الكريم إنه ليس لدينا مشكلة في المياه، ولكن في بعض العقول العقيمة التي ما زالت تتولى مناصب مهمة في البلد..
ومحافظ بني سويف مجرد نموذج..

فهؤلاء لا يؤمنون بأهمية الاستثمار ودور القطاع الخاص في التنمية وليس لديهم رؤية اقتصادية، بل يعتبرون حضور افتتاح مشروع خاص شبهة وتشجيع المستثمرين جناية ودعهم فساد، كل محافظة لديها مقومات اقتصادية كثيرة ومتنوعة، ومع ذلك تزداد فيها نسبة الفقر والجهل والمرض والبطالة والأسعار، وسوف يستمر الحال هكذا طالما ظلت تحكمها العقول الفاسدة التي لا تحاول استغلال مقوماتها الاقتصادية، وتعتمد كلية على موازنة الدولة وجباية الرسوم واستجداء المنح والمساعدات من العاصمة..

الدولة أنفقت المليارات على البنية الأساسية مثل الطريق الذي كنا نسير عليه، ولكن للأسف الخراب يحيطه يمينًا ويسارًا بل سمعت عن محاولات فردية لبعض المواطنين للزراعة والتعمير، ولكن الحكومة أزالتها بحجة أنها أملاك الدولة، وكأن هؤلاء المواطنين من دول معادية أو أن مهمة بعض مسئولينا تخريب التعمير وليس تعمير الخراب فهم لا يرحمون ولا يتركون رحمة ربنا، ماذا تستفيد الدولة من أملاكها الكثيرة إذا كانت تعيش عالة على الآخرين؟ مثل المليونير الفقير لديه ثروة ضخمة ويتسول طعامه وشرابه!

الصحراء طوق نجاة من يعمرها يستحق الدعم والتكريم، حتى لو كان مغتصبها لأنه يقوم بعمل جبار وفي ظروف غاية في الصعوبة، فالمكان الذي كنا فيه ببني سويف (يهج منه القرود) تكلفة تعميره باهظة جدًا والمعيشة فيه غاية في الصعوبة، أعلم جيدًا بالجهود الكبيرة التي يبذلها رئيس الجمهورية لتهيئة مناخ الاستثمار وزيارته لواشنطن كان المحور الاقتصادي هو الأهم، واصطحب معه المجموعة الاقتصادية (وزراء الاستثمار والتعاون الدولي والصناعة والتجارة والمالية) ووزارة الاستثمار تحاول، ولكن كل هذه الجهود يفشلها آخرون، بسبب جهلهم بأهمية القطاع الخاص..

ولذلك فإن مصر تحتاج إدارة اقتصادية لكل مؤسساتها، خاصة منصب المحافظ، فلا تنقصنا الموارد بل العقلية التي تستطيع استغلال هذه الموارد.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية