رئيس التحرير
عصام كامل

البدري فرغلي: البرلمان الحالي حصل على سلطات غير مسبوقة.. والرسم البياني لأدائه في هبوط حاد

فيتو

  • برلمان "عبد العال".. خذلنا لكنه لم يصل إلى مرحلة الفضيحة
  • لن نأتى ببرلمان من السماء أو نواب من أولياء الله الصالحين أو الخلفاء الراشدين
  • أسقطنا عضوية نواب الكيف والقروض بلا ضمانات.. والمجلس دائما يطهر نفسه بنفسه

البدرى فرغلى، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، البرلمانى السابق، يمتلك من الخبرة في الحياة النيابية ما يؤهله لتقديم قراءة واقعية ومحايدة لأداء نواب البرلمان، ليس هذا فحسب، لكنه يضم بين يديه تاريخا طويلا من المواجهات "تحت القبة"، سواء فيما يتعلق بالأداء الحكومى، أو مواجهة الأعضاء – زملائه- الذين حاولوا استغلال حصانتهم لتحقيق مصالح شخصية. 

"البدرى"، الذي واجه نواب "الكيف"، ونواب القروض، لم يعلن الحرب على برلمان الدكتور على عبد العال، ولم يعلق له المشانق، لكنه قدم تحليلا واقعيا لأداء البرلمان، وبعد كل إجابة، يعيد ويكرر أن البرلمان طوال تاريخه "يطهر نفسه بنفسه".. وعن رؤيته تلك وتفاصيل أخرى كان الحوار التالى لـ "فيتو":

*بداية..خلال تاريخك البرلمانى ما هي أشهر الفضائح التي ارتكبها نواب؟
البرلمان دائما يطهر نفسه بنفسه، كان لدينا نواب "الكيف" وأسقطنا عنهم العضوية، وكان لدينا كل من حصل على قروض دون ضمانات، وأسقطنا عنهم أيضا العضوية، حتى من هربوا من التجنيد بالقوات المسلحة أسقطنا عنهم العضوية، لهذا قلت في بداية حديثى إن البرلمان يطهر نفسه بنفسه، لكنه لم يحدث أن أسقط البرلمان عضوية نائب، بسبب أنه كان يتحدث في أي موضوعات أيا كانت.


وأريد أن أؤكد هنا أن النائب لا بد أن يكون حسن السيرة ليس بـ"الفيش والتشبيه" لكن السيرة أيضا، قدمت ما لم يقدمه نائب في تاريخ الحياة البرلمانية أكثر من 45 استجوابا ولم يعاتبنى أو يجرمنى أحد، الآن لا يستطيع النائب أن يقول ما كنت أقوله في البرلمانات السابقة.


*هل واجهت خلال تاريخك البرلمانى نوابا استغلوا مناصبهم لتحقيق مصالح شخصية؟
بالتأكيد هناك من استولوا على أراضى الدولة، ومن باع تأشيرات الحزب، وهناك من حصلوا على قروض من البنوك دون ضمانات، وأيضا نواب الكيف، وهناك الكثير لكن البرلمان عاقبهم بإسقاط العضوية، وكنت من ضمن من وافقوا على إسقاط العضوية إذا كان خروج عن الدستور والقانون والسير والسلوك، وبالطبع وافقت على إسقاط العضوية عن نواب الكيف، وكل من استولوا على أراض أو قروض من البنوك أيضا، لكننا حاليا نسمع عن إسقاط العضوية عمن يتحدث أو يوجه نقدا للحكومة، وهذا هو الخطر الكبير الذي يلاحق البرلمان الآن.


*هل ارتكب البرلمان الحالى ما يمكن أن نطلق عليه "فضائح"؟
البرلمان الحالى ارتكب ممارسات خاطئة، تخالف مواد الدستور لكنه لم يصل إلى الفضيحة، لم نصل لهذه المرحلة، والحل في الممارسات الخاطئة يتمثل في توجيه الإعلام والصحافة عليها، وأن يكون هناك توجيه النقد للبرلمان لتطوير سلوكه، المشكلة في أن توجيه النقد للحكومة أصبح خطأ، وأيضا توجيه النقد لرئيس البرلمان جريمة يعاقب مرتكبها.


*لماذا يتراجع أداء بعض النواب بعد انتخابهم ويتجهون لتغليب مصالحهم الشخصية؟
طبيعة بعض النواب اتجاههم لمصالحهم الشخصية بعد انتخابهم، لكن للأسف الشديد هذا البرلمان لم يعد يملك أن يعين أحدا أو يعالج أحدا، لكن بوجه عام طبيعة المصالح الشخصية طبيعة في البشر، فلن تأتى ببرلمان من السماء، أو من الصالحين والخلفاء الراشدين.


كما أن البرلمان جزء من الحالة السياسية التي تمر بها البلاد، وانعكاس للأوضاع السياسية السيئة التي نعيشها الآن، النائب أصبح في هذا البرلمان محاصرا من الحكومة غير قادر على مواجهتها أو حتى خدمة الدائرة التي أتى منها، والأوضاع السياسية تنعكس عليه، إضافة إلى أنهم تقبلوا توغل الحكومة دون محاسبة أو مراقبة، وبالتالى استطاعت الحكومة أن تتوغل في هذا البرلمان وتسيطر عليه.


*من وجهة نظرك.. هل تؤثر أخطاء النائب في ترشحه للدورات المقبلة؟
أعتقد أن الفترة المقبلة ستشهد ظروفا سياسية تختلف تماما عن الظروف السياسية التي أتت بهذا البرلمان، ولا توجد لدينا قوى سياسية حقيقية، والأحزاب أصبحت مشغولة داخل المقار، لا تستطيع أن تتعامل مع الجماهير، ولم يعد لدينا أحزاب حقيقية أو قوى سياسية حقيقية، المواطن بدأ يتراجع الآن في أن يدلى بصوته، وخاصة أن الرياح أتت على غير ما تشتهيه السفن.


*من يراقب النائب حال خروجه عن الإطار بسبب حصانته؟
هناك أجهزة معنية كثيرة تراقبه، هناك النائب العام ووزارة العدل والمحاكم والمواطنون والإعلام، كل هؤلاء يراقبون ويقومون سلوك النائب.


*هل استغلال الحصانة من قبل بعض النواب عيب بداخلهم أم أن الأمر عيب في النظام والقوانين الحاكمة؟
الحصانة ضرورية، ولها أهمية قصوى، لأنها تحمى ممارسات النائب، فالنائب طبيعة عمله تجعله يوجه نقدا للحكومة ويراقبها والحكومة هي السلطة التنفيذية، بالتالى لابد من حماية النائب بالحصانة، لأنه لولا الحصانة التي يمتلكها النائب لتوغلت السلطة التنفيذية في معاقبة أي نائب يتخذ أي إجراء دستورى ضد الحكومة، كمراقب عليها وعلى أدائها،كما أن استغلال الحصانة من قبل بعض النواب هو أمر مستمر منذ فترة، والبعض يستغل الحصانة لأسباب أخرى تحمى ممارسات خاطئة، لكن الدستور حدد هذا الأمر، وهو أن الحصانة تسقط عند التلبس أي نائب متلبس تسقط حصانته دون الحاجة إلى إبلاغ البرلمان لرفع الحصانة عنه، بالتالى فإن الحصانة ضرورية ولها أهمية كبيرة، وهناك أيضا جهات معروفة في الدستور من حقها أن تطلب رفع الحصانة عن أي نائب، سلطة النائب العام ووزير العدل، وهناك إجراءات لرفع الحصانة وإجراءات أخرى لإسقاط العضوية.


*هل التشريعات المتواجدة حاليا كفيلة بردع أي جريمة يرتكبها أي نائب؟
للأسف الشديد.. نواب هذا البرلمان قد حصلوا على سلطات واسعة في الدستور لم يحصل عليها أي برلمان سابق في تاريخ الحياة البرلمانية، ورغم ذلك لم يقدم هذا البرلمان استجوابا واحدا ولم يستطيع أن يراقب الحكومة بل حدث العكس، وهو أن الحكومة هي التي أصبحت تراقب البرلمان، وتراقب أداءه، ووصل الأمر أنها تقدم له التشريعات وهى أيضا ترد على الأسئلة، وعلى طلبات الإحاطة، وبالتالى أصبح هذا البرلمان لا يلبى حقوقه الدستورية ما أخل بالتوازن الموجود.


*هل يمكن أن يأتى اليوم الذي نرى فيه نواب البرلمان قدوة للمجتمع بلا أخطاء أو استغلال للمناصب؟
الأخطاء طبيعة بشرية موجودة منذ فجر التاريخ، لكن البرلمان خذلنا بالفعل في الأداء، بالتالى أصبح يتحمل غضب نسبة كبيرة للغاية من الشعب المصرى، من الصعب تغيير الأخلاق والأخطاء، والمشكلة أن هذا البرلمان يضيق بالنقد، يضيق من الصحافة والإعلام، لكن الأخطر من ذلك كله أنه يضيق من بعض أعضائه، فيسقط العضوية ويهدد الأعضاء وكل من يتحدث بأن تتم إحالته للجنة القيم.


وبالتالى أصبح كل صوت في البرلمان يريد أن ينطق يتم إسكاته وتهديده وتحويله للجنة القيم، وهذا الأسلوب لم نسمع عنه في تاريخ الحياة البرلمانية، نظرا لأن هناك مادة في الدستور واضحة أن النائب لا يسئل عما يردد من أقوال تحت قبة البرلمان، حاليا النائب يسئل عن كل كلمة يقولها تحت القبة، بالتالى أصبح هناك نسبة من الخوف داخل البرلمانيين في أن يوجهوا أي نقد للبرلمان نفسه أو للحكومة.


الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"...
الجريدة الرسمية