رئيس التحرير
عصام كامل

مصر.. هل كانت ثم أصبحت؟!! ‏

18 حجم الخط


انتقلت مصر الثورة شامخة فى الآفاق تبرز عزتها وكرامتها، وتبسط جناح العزة على المستوى الإقليمى والدولي، فهى ‏التى تلقى الخطابات النارية الخاصة بالشأن السوري، وهى التى تعيد تقييم أوضاعها مع الدول العربية والإسلامية ‏وتفتح صفحة جديدة مع إيران ضاربة - أو هكذا يبدو- بالمعارضة الأمريكية للوجود أو النفوذ الإيرانى عرض الحائط. ‏ثم تتدخل بثقل جديد لم تعهده من قبل - أو هكذا يبدو- لإنهاء حرب غزة والاعتداء الإسرائيلى عليها، ليزهو بعض أبناء ‏الشعب بهذه الروح الجديدة التى تسرى فى شريان الوطن الجديد، بغض النظر عن مد الأيدى لكل من هب ودب طالبة ‏الدعم والعون، ووضع بعض الكيانات فى مصاف الدول الفاعلة والراسمة لخريطة وسياسة المنطقة حتى ولو كانت ‏هذه الكيانات لا تستطيع حتى الدفاع عن نفسها فى مواجهة مجموعة مسلحة بالعصى. ‏

دخلت مصر منافسة لم تدخلها من قبل، ليس لأنها فى هذه الحالة نظرت للعلا والمجد، ولكن لأنها نزلت للقاع، فهناك ‏بعض المناصب كانت مصر تحصل عليها بالتزكية أو ما يقاربها، مثل منصب الأمين العام لجامعة الدول العربية مثلا، ‏فلم يكن أحد يرشح أحدا لمنافسة مرشح مصر، إلا فى هذه الدورة، تطاولت قطر وضغطت لإبعاد المرشح المصرى ‏الدكتور مصطفى الفقى، وهو من هو فى عالم السياسة والعلاقات الدولية، وتقدمت بمرشحها رئيس وزرائها، ‏واشترطت لسحبه تغيير المرشح المصرى، وتم الرضوخ لهذا الطلب!!‏
ثم كانت الكارثة الكبرى، وهى الترشح لرئاسة البرلمان العربى فقدمت مصر النائب على فتح الباب لمنصب رئيس ‏البرلمان العربى، وتكون المفاجأة القاتلة، وهى حصول سيادة النائب على 3 أصوات، أعتقد أن من بينها صوته ‏شخصيا!! وحصول منافسه الإماراتى على 43 صوتا، ليعكس ذلك مستوى قابلية مرشح مصر وسمعته داخل البرلمان ‏العربى، كما يعكس مدى سعى مصر لتزكية مرشحها والضغط لدى الأطراف الفاعلة، وكأن مصر تعرض بضاعة ‏كاسدة فلا تجد من يشتريها.‏
فإذا كانت هذه هى مكانة المرشح لدى أعضاء البرلمان العربى فما هو معيار اختياره من المسئولين فى مصر.‏
أما عن دور الخارجية والرئاسة فى مصر فى هذه الكارثة فإما أنها لم تتدخل لتزكية مرشحها، وفى هذه الحالة يتبين لنا ‏أن الخارجية والرئاسة لا تسعى بحال من الأحوال لرفع مكانة مصر على المستوى العربى ولعلها لا تدرك أن ذلك من ‏مظاهر الريادة، أو أنها تدخلت ولكن لم يعرها أحد اهتماما، وهذا يعكس أيضا مدى تأثير مصر فى العالم العربى، وهو ‏كما يتضح تأثير بالسلب.‏
وأنتقل من باب التذكير لمصر لعلها أخرى أو هي هي، ولكن حدث لها شيء ما، وهو تمثيل مصر خارجيا، فقد تم ‏اختيار الدكتور بطرس بطرس غالى أمينًا عامًّا لمنظمة الأمم المتحدة 1992 إلى 1996، وسعت مصر لمساندته بكل ما ‏تملك، كما حصلت على رئاسة الاتحاد البرلمانى لمنطقة الدول الإسلامية الأعضاء سنة 2000، وعضوية اللجنة ‏البرلمانية التمهيدية لمؤتمر رؤساء برلمانات العالم 1999، ورئاسة الاتحاد العربي‎ ‎‏ 1998- 2000، ورئاسة الاتحاد ‏البرلمانى الدولى 1994 – 1997، ورئاسة اتحاد البرلمانات الأفريقية‎ ‎‏1990- 1991. وغيرها كثير من التمثيل فى ‏المناصب العليا، ولا يمكن تجاهل رئاسة الدكتور البرادعى للوكالة الدولية للطاقة الذرية من 1997وحتى 2009.‏
هل كانت كل هذه الدول التى قبلت مصر فى أشخاص ممثليها فاسدة؟ أم أن مصر قامت برشوتهم جميعا؟ هل يعقل أن ‏هذه الحال هي ما ننتظره لمصر الثورة؟ أم أنها سياسة التجريف تعم مصر، أم أن مصر "كانت ثم أصبحت"، لا أدرى، ‏ولكن فى القلب مرارة، وفى النفس غصة، وربى عالم ليس غافلا.‏
محمد حماد سليم
‏ ‏


الجريدة الرسمية