رئيس التحرير
عصام كامل

الجلوكوز بـ «80 جنيه» يا ريس !


أحد أصدقائي مصاب بالسكري احتاج إلى جلوكوز بشكل عاجل حتى لا تتطور حالته ويدخل في غيبوبة وبعد البحث الطويل وبصعوبة شديدة وبالواسطة حصل على زجاجة جلوكوز بثمانين جنيهًا وكان مستعدًا لشرائها بألف جنيه لإنقاذ حياته، علمًا بأن تكلفة إنتاجها جنيهان وسعرها الرسمي 6 جنيهات، ولكن بسبب الأزمة الحالية في المحاليل وتعنت وزارة الصحة في إعادة تشغيل المصنع- الذي كان يحقق الاكتفاء الذاتي لمصر ويصدر الفائض منه للخارج- حدثت هذه الأزمة..


السوق السوداء في المحاليل تشهد تطورًا يومًا بعد الآخر وهناك مرضى يموتون وعمليات جراحية يتم تأجيلها ومع ذلك السيد الوزير وقيادته ينامون الليل وهم مرتاحوا البال، لا توجد دولة في العالم تغلق مصانعا بسبب خطأ في التشغيل أو في التعئبة والتخزين، مصر الدولة الوحيدة التي تفعل ذلك ويقوم مسئولوها بتدمير صناعتهم الوطنية من أجل فتح باب الاستيراد على مصراعيه..

ليس فقط في قطاع الصحة بل في كل القطاعات من الدواجن والسيارات إلى الغزل والنسيج إلخ.

عودة إلى مشكلة المحاليل والتي تعتبر عارًا على كل قيادات وزارة الصحة، وقد قيل لي أن بعضهم ما زال ينتمي إلى جماعة الإخوان ويجب على الأجهزة الأمنية تحرى ذلك، والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا مشكلة المحاليل عار؟!

لأنها صناعة لا تحتاج لأي تكنولوجيا ولا أموال كثيرة ورغم ذلك لا غنى عنها لأي مواطن ( ماء + سكر أو ماء + ملح )، ومع ذلك هي مثل الملح لا يمكن الاستغناء عنه في الطعام..

ليست مشكلة المحاليل فقط بل كل قطاع الدواء في مصر ما يشهده الآن لم يحدث في تاريخها، وصل بنا الحال إلى مخزون استراتيجي بالأيام والأسابيع من الأدوية بعد أن كان بالشهور والسنوات، وإن لم تتحرك الدولة سريعًا فهناك كارثة منتظرة بعد نفاد المخزون من المواد الخام والذي اشترته الشركات قبل تحرير سعر العملة..

للأسف قطاع الدواء بلا رؤية رغم أن هناك خبراء وضعوا استراتيجية كاملة لإنهاء أزماته المزمنة هذه الاستراتيجية موجودة في مكاتب كبار المسئولين من عام ونصف العام وسوف تأكلها الفئران، ولكن بعد أن تأكل الأمراض أجساد المصريين.

حينما حدثت أزمة في الدواء في عهد الرئيس عبدالناصر، فكانت تعليماته للمهندس عزيز صدقي، رئيس الوزراء حينذاك بإنشاء 9 مصانع للأدوية وخلال شهور وليس سنين كان إنتاجهم يغزو الأسواق المصرية والعربية، وكانت مصر رائدة صناعة الدواء في العالم.. هذه المصانع التي كانت تنتج أكثر من 1500 صنف دواء تم التآمر عليها خلال العقود الماضية من أجل تدميــرها لصالح مافيا الاستيراد..

أيضًا الغريب في كل اجتماعات المسئولين أنهم يتحدثون عن توفير الأدوية للمستشفيات الحكومية وكأن القطاع الخاص (صيدليات ومستشفيات) ليس من مصر أو أنهم يعالجون أعداء الوطن رغم أن المترددين على القطاع الخاص للعلاج والدواء أكثر ممن تعالجهم المستشفيات الحكومية، لذلك يجب الحديث عن توفير الأدوية للمواطنين وليس للمستشفى وذلك من خلال رؤية تعتمد على إنتاج الدواء وليس استيراده وتوفير مواده الخام.. رؤية لا ترتبط بشخص من يتولى منصب وزير الصحة ولا تخضع لأهوائه.

أخيرًا حينما يلجأ الكاتب أو للمواطن إلى رئيس الدولة مباشرة فهذا معناه عدم ثقة في تحرك أي مسئول آخر وفي ذلك خطورة على الرئيس والدولة، فيجب على كل مسئول القيام بواجباته من تلقاء نفسه ويتقي الله في الوطن والمواطنين.
egypt1967@yahoo.com
الجريدة الرسمية
عاجل