رئيس التحرير
عصام كامل

دلع المواطنين


من حق كل مواطن يعيش على هذه الأرض أن يعلن عن عدم رضاه عن قرارات الحكومة برفع الدعم عن الطاقة وأن ينزعج من زيادة أسعار البنزين والسولار، وأن يشتكى من الضغوط الكثيرة التي أصبحت تلاحقه في كل مكان فالشكوى أبسط حقوق المواطن، ولكن أن يتم اتهام كل من يرفض قرارات الحكومة بأنه لا يعرف معنى الوطنية أو أنه خائن وعميل ولا يقدر الظروف التي تمر بها البلاد ولم يشرب من مياه النيل وأنه ليس من المواطنين الشرفاء وأنه يشترى علبة السجائر بــ40 جنيها ويشرب حجر الشيشة بــ25 جنيها فهذا غير مقبول وهذه تفاهة ممن يروجون لهذا..


لابد من الصراحة، هكذا تقول الحكومة دائمًا إنها لابد أن تكون صريحة مع الشعب في المقابل لابد أن يكون الشعب صريحًا معها دعك من نغمة لابد من التضحية فإذا كنت تملك هذه الرفاهية وتتنازل عن السجائر والمعسل فهذا أمر جيد ولكن أولادك لا يمتلكون رفاهية التنازل عن الطعام والشراب والدروس الخصوصية وملابس الشتاء والصيف ومستلزمات المدارس والمصروفات الأخرى..

شراء كيلو السكر بــــ15 جنيها وباقى قائمة الاحتياجات الطويلة في كل منزل والتي أصبحت أضعاف أسعارها والحكومة ملتزمة الصمت تشاهد شكوى المواطنين على القنوات الفضائية ولا تفعل شيئًا.

المواطنــون لا يشتكون غلاء الأسعار من باب الرفاهية ولا يعترضون على قرار خفض الدعم من باب الدلع ولا يعترضون على قرارات الحكومة التي لا تعرف عنهم شيئًا من باب الغلاسة والسخرية منها على "فيس بوك"، ولكن يعترضون لأنهم لم يعد لديهم ما يدفعوه الحكومة تركتهم فريسة سهلة للتجار والمحتكرين وقطاع طرق الأسواق يتلاعبون بهم في كل شيء وكأنهم شعب لاجئ ليس لهم حكومة تحميهم وتمنحهم حقوقهم.

الحكومة أكدت مع إقرار قانون القيمة المضافة أن هذا لصالح الشعب وأقسمت مع تحرير سعر الجنيه أن هذا لصالح محدودى الدخل وحلفت بأغلظ الأيمان مع خفض دعم المنتجات البترولية أن هذا في صالح الفقراء.. مع أن الفقراء لم يجدوا شيئًا في صالحهم حتى الآن شخصيًا.. أعرف مواطنين تنازلوا عن الضروريات مثل الفواكه واللحوم والخضراوات وأعرف آخرين يقطعون مسافات طويلة ذهابا وإيابا إلى عملهم من أجل توفير ثمن المواصلات.

لا يوجد أحد عاقل ضد مصلحة وطنه ولا يوجد أحد يمتلك شيئا يستطيع أن يقدمه ويرفض الوقوف بجوار بلده في محنة وهناك قطاع كبير من المواطنين مع خفض دعم الطاقة ولكن في المقابل من حقه أن يرى ما يدفعه في الطاقة وزيادة الأسعار في كل شيء يعود إليه في التعليم ولا يضطر لدفع عشرات الآلاف لأولاده في المدارس الخاصة فالمدارس الحكومية تتجاوز بها الكثافة في بعض المدارس 100 طالب فهل هذا تعليم؟

ومن حق المواطن أن يرى خفض الدعم في الصحة عندما يداهمه المرض ويذهب إلى المستشفى يجد له مكانا وعناية مركزة إذا تتطلب الأمر ولا يجد أمامه سوى طرق أبواب المستشفيات الخاصة التي يدفع فيها آلاف الجنيهات في الليلة الواحدة فهل هذه تسمى صحة؟ ومن حق المواطن أن يسير في طريق يحفظ له آدميته ويحافظ على سيارته التي يضطر لركوبها ليس وجاهة لا سمح الله ولكن لتحميه شر الطرق ومذلة المواصلات العامة وبلطجة سائقى الميكروباص الذين يحددون التسعيرة التي يريدونها دون أن يسألهم أحد لماذا؟

من حق المواطن أن يجد رقابة حكومية في الأسواق ويجد وزارة التموين حاضرة عندما يريد التجار سلب كل ما معه من أجل وجبة لأسرته.. من حق المواطن أن يطالب بثبات الأسعار ولا يجد كل ساعة سعرًا للسلعة التي يعيش عليها ولا يستطيع الاستغناء عنها.. من حق المواطن أن يرى رئيس وزراءه بجواره في السراء والضراء وليس رئيس وزراء لا يعرف ثمن ساندوتش الفول وقتها فقط لن يعترض المواطن على خفض الدعم.
الجريدة الرسمية