رئيس التحرير
عصام كامل

الموت المجاني


لا توجد عائلة في مصر بطولها وعرضها من القاهرة إلى أسوان ومن العريش إلى مطروح إلا ويوجد لها ضحية أو أكثر لحوادث الطرق ما بين قتيل ومصاب.. حوادث الطرق في مصر أصبحت الخبر الرئيسى الذي يقاسم المصريين حياتهم صباحًا ومساءً، فمصر تعد من بين أسوأ 15 دولة في العالم من حيث ارتفاع معدلات حوادث الطرق التي تؤدى إلى الوفاة.. فعدد حوادث الطرق في مصر قارب من 14 ألف حادث في عام 2015 بزيادة قدرها 1% على العام السابق.. وقدرت الخسائر المادية التي خلفها هذا العدد الهائل من حوادث السير بمليارات الجنيهات، وبلغ عدد ضحايا تلك الحوادث على مدى العام الماضى قرابة 25 ألف شخص بين قتيل وجريح.


هذا الواقع المؤلم والمأساوى لم يدفع الحكومة للتفكير في طرح هذا الملف على أجندة اهتمامتها، والبحث عن حلول مقبولة للتنفيذ على أرض الواقع وكأن هؤلاء الموتى والمصابين كمالة عدد وحاجة زائدة، فلم نسمع أن البرلمان تحرك لوضع نهاية لهذه المأساة، ولم نر وزارة النقل الجهة المعنية الأولى بهذا الملف عقدت اجتماعًا واحدًا لوضع تصور لهذا الانفلات على الطرق، ولا شاهدنا رئيس الحكومة يعمل على وضع تصور لفوضى الطرق.

البرلمان يعتبر الأمر لا يخصه والنقل ترى أن وضع نهاية لمعدلات حوادث الطرق رفاهية ليست في وقتها، المهم توفير الطرق ومن يموت فهذا قضاء وقدر.. الحكومة تعتبر أن مقتل المصريين على الطرق ضريبة لابد أن يدفعوها عن طيب خاطر، ألسنا أفضل من العراق وسوريا واليمن وليبيا فهذه الجملة الحاضرة بسبب ودون سبب.

وفاة وإصابة 25 ألف مصرى على الطرق سنويا من المؤكد أنها ليست رغبة الضحايا، بل بسبب الطرق السيئة، وعدم الصيانة، وعدم الإضاءة، وفواصل الكبارى التي أصبحت مصائد موت يومية، وثابتة للمصريين دون أن يفكر أي مسئول في الإصلاح وكأن هذه الكبارى والطرق لا يسيرون عليها ولا تخضع لولاياتهم.

لا أحد يستطيع أن ينكر أن الطرق الجديدة والكبارى التي نفذتها القوات المسلحة خلال العامين الماضيين غيرت واقع الطرق في مصر وأصبحت طرقًا آدمية تشعر من يسير عليها بالراحة.. ولكن يبدو أن المرور اعتقد خطأ أن هذه الطرق تابعة للقوات المسلحة، وليس له ولاية عليها فغابت رقابته عليها، وأطفأ الرادارات، وأعطى الضوء الأخضر للجميع أن يفعل ما يشاء دون رقابة من أي نوع، فكثرت الحوادث وارتفعت أعداد القتلى والضحايا حتى أصبحت تتفوق على ضحايا الحروب في البلاد المجاورة.

الأمر لا يحتمل رفع لافتة القضاء والقدر مع كل حادث.. وفى كل كارثة القضاء والقدر يقع بسبب إهمال المسئولين وعدم اللامبالاة، وعدم الصيانة، وانعدام الرؤية، وغياب المرور.. لابد من الاهتمام بالقضية وأن تكون على رأس أولويات البرلمان في دور الانعقاد المقبل، وأن يتم وضع ضوابط صارمة لمتجاوزى السرعة تصل لحد سحب رخصة القيادة في حال تكرار المخالفة وغيره من الضوابط حتى نحمى 25 ألف مصرى من القتل والإصابة على الطرق.
الجريدة الرسمية