المؤمنون يجالسون الله في «سوق الجنة»
ليست الجنة خمولًا ولا جلوسًا دون ذهاب وإياب، بل في الجنة سوقًا يذهب إليه أهل الجنة كل يوم جمعة، يرون فيه ربهم في هذا اليوم، وذلك ما ورد في كتاب "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح" لابن قيم الجوزية، حيف وصف في الباب الستين سوق الجنة تحت عنوان "في ذكر سوق الجنة وما أعد الله تعالى فيه لأهلها".
وجاء بالكتاب حديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم في سوق الجنة، "قال مسلم في صحيحه، حدثنا سعيد بن عبد الجبار الصيرفي،حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني،عن أنس بن مالك،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة لسوقا يأتونها كل جمعة فتهب ريح الشمال فتحثو في وجوههم وثيابهم فيزدادون حسنا وجمالا فيرجعون إلى أهليهم وقد ازدادوا حسنا وجمالًا فيقول لهم أهلوهم والله لقد ازددتم بعدنا حسنا وجمالًا فيقولون والله وانتم لقد ازددتم بعدنا حسنًا وجمالًا "، رواه الإمام أحمد في مسنده عن عفان عن حماد بن سلمة،وقال: "فيها كثبان المسك فإذا خرجوا إليها هبت الريح".
مقاعد من لؤلؤ
وقال ابن أبي عاصم في كتاب "السنة"،حدثنا هشام بن عمار،حدثنا عبد الحميد بن حبيب بن أبي العسر عن الأوزاعي عن حسان بن عطية عن سعيد بن المسيب، أنه لقي أبا هريرة، فقال أبو هريرة: "أسأل الله أن يجمع بيني وبينك في سوق الجنة"، فقال سعيد: أو فيها سوق"، قال: "نعم، أخبرني رسول الله أن أهل الجنة إذا دخلوها نزلوها بفضل أعمالهم، فيؤذن لهم في مقدار يوم الجمعة عن أيام الدنيا فيزورون الله تبارك وتعالى، فيبرز لهم عرشه ويتبدى لهم في روضة من رياض الجنة فيوضع لهم منابر من نور ومنابر من لؤلؤ ومنابر من زبرجد ومنابر من ياقوت ومنابر من ذهب ومنابر من فضة، ويجلس أدناهم وما فيها دنى على كثبان المسك والكافور ما يرون أن أصحاب الكراسي بأفضل منهم مجلسًا، قال أبو هريرة: وهل نرى ربنا عز وجل.. قال: نعم.. قال: هل تمارون في رؤية الشمس والقمر ليلة البدر، قلنا لا قال فكذلك لا تمارون في رؤية ربكم، ولا يبقى في ذلك المجلس أحد إلا حاضره الله محاضرة حتى يقول يا فلان ابن فلان أتذكر يوم فعلت كذا وكذا فيذكره ببعض غدراته في الدنيا فيقول بلى أفلم تغفر لي فيقول بلى فمغفرتي بلغت منزلتك هذه".
الكرامة
واستطرد ابن الجوزية في وصف سوق الجنة في كتاب "حادي الأرواح"، "قال: فبينما هم على ذلك إذ غشيتهم سحابة من فوقهم فأمطرت عليهم طيبًا، لم يجدوا مثل ريحه شيئا قط، قال ثم يقول ربنا تبارك وتعالى قوموا إلى ما أعددت لكم من الكرامة فخذوا ما اشتهيتم، قال فيأتون سوقا قد حفت بها الملائكة فيها ما لم تنظر العيون إلى مثله ولم تسمع الأذان ولم يخطر على القلوب، قال فيحمل لنا ما اشتهينا ليس يباع فيه ولا يشترى، وفي ذلك السوق يلقى أهل الجنة بعضهم بعضًا.
قال فيقبل ذو البزة المرتفعة فيلقى من هو دونه وما فيهم دني فيروعه ما يرى عليه من اللباس والهيئة فما ينقضي آخر حديثه حتى يتمثل عليه أحسن منه وذلك أنه لا ينبغي لأحد أن يحزن فيها، قال ثم ننصرف إلى منازلنا فيلقانا أزواجنا فيقلن مرحبًا وأهلا بحبنا، لقد جئت وإن بك من الجمال والطيب أفضل مما فارقتنا عليه، فتقول إنا جالسنا اليوم ربنا الجبار عز وجل وبحقنا أن ننقلب بمثل ما انقلبنا.. ورواه الترمذي في صفة الجنة عن محمد بن إسماعيل عن هشام بن عمار رواه ابن ماجة عن هشام بن عمار وليس في هذا الإسناد من ينظر فيه إلا عبد الحميد بن حبيب وهو كاتب الأوزاعي.
وعن أنس بن مالك قال: إن في الجنة سوقًا كثبان مسك يخرجون إليها ويجتمعون إليها، فيبعث الله ريحًا فتدخلها بيوتهم فيقول لهم أهلوهم إذا رجعوا إليهم قد ازددتم حسنا بعدنا، فيقولون لأهليهم قد ازددتم أيضا بعدنا حسنا".
