خبيرة: يجب الرد بشكل صارم على كل السلوكيات العنصرية في ألمانيا
حتى الآن لا يوجد في ألمانيا سجل واضح وممنهج بشأن المواقف العنصرية أو أعمال التمييز العنصري، الخبيرة بيلجين أيتا تحدثت لـDW عن دور حزب البديل في تأجيج مشاعر العنصرية داخل المجتمع الألماني وعن سبل مكافحة التمييز.
تعكس العنصرية الجانب التطبيقي الذي تنطلق منه مواقف عدم المساواة بين المجموعات المختلفة في المجتمع، ويرتبط ذلك بالجنس أو اللون، أو العرق، أو الميول الجنسي، فهل هناك مشاعر عنصرية في ألمانيا، وما هي خصوصياتها؟ لقاء مع الخبيرة بيلجين أيتا (*)
DW: هل هناك عنصرية في ألمانيا؟
بيلجين أيتا: في الحقيقة يتم الحديث عن العنصرية في ألمانيا، عندما يتعلق الأمر بفوارق بيولوجية واضحة المعالم، كما هو الحال مع الجدل الذي أثارته أقوال الكاتب تيلو زاراستين، لكن إذا تم تناول موضوع العنصرية من جوانب أخرى ومن جميع أشكاله، فإن الموضوع يأخذ أشكالاً أخرى، تمس حياة الملايين من سكان ألمانيا، تشمل عدم إمكانية الحصول على عمل أو سكن مثلاً، بسبب اسم الشخص أو لكنته الأجنبية، حينئذ يمكن اعتبار ذلك أيضًا شكلاً من أشكال التمييز في المجتمع.
ماذا يشير إلى وجود عنصرية في ألمانيا؟
حتى الآن لا يوجد سجل واضح عن المواقف العنصرية أو عن التمييز العنصري بشكل منهجي في ألمانيا، نحن لا نتحدث عن العنصرية بشكل واضح بل نستخدم مصطلحات مختلفة.
في إحصاءات الشرطة مثلاً لا يوجد بيانات محددة عن أعمال العنف العنصري، بل يتم التقسيم بين الدوافع السياسية وأخرى إجرامية، وفي القطاع العملي أيضًا، تستخدم الدراسات في الغالب مصطلحات مثل "كراهية الأجانب" أو "المتطرفون اليمينيون" ولا تتحدث عن أصحاب المواقف العنصرية، نحن نعيد بذلك كتابة المشكلة فقط، ولكن لا نسمي الأشياء بأسمائها.
وعلى ماذا يقوم هذا التحليل الدقيق؟
في ألمانيا يتم ربط العنصرية عالبًا بالجانب البيولوجي، كما تتعامل معه العنصرية النازية، ولأن هنالك رد فعل قويًا تجاه العنصرية، يتم استخدام كلمات بديلة أقل انحيازًا مثل، "كراهية الأجانب" أو "كراهية الغرباء".
كما أن هنالك مشكلة أخرى متعلقة بألمانيا، وهي أنه لم يسبق أن كان هناك تعامل جدي مع التاريخ الاستعماري للبلد، إن عدم وجود وعي بتاريخنا الاستعماري العنيف، هو انعكاس لعدم وجود مواجهة مع العنصرية في التاريخ الألماني بعد الحرب.
حاليًا يتم الحديث مجددًا عن موضوع العنصرية، وذلك بسبب تصريحات حزب البديل، ما تأثير تلك التصريحات على المجتمع؟
يوجد هنالك سلوك خطير أثناء النقاش العام بخصوص العنصرية في المجتمع، ويتجلى ذلك في حدود ما يمكن قوله، وما يسمح به، ويتم التغاضي عن هذه الفوارق عمدًا، حيت يتم تدوال تصريحات عنصرية بغيضة وبشكل عنصري مكشوف، ولكن لا تحدث ردود فعل كبيرة في مواجهة ذلك.
وأنا أحذر في هذا السياق من الاكتفاء بإلقاء اللوم على عاتق حزب البديل فقط، في موضوع مظاهر العنصرية في المجتمع، الساسة والمجتمع لديهما مسئولية أيضًا، لأنهما نفيا وجود هذه المشكلة على مدى سنوات.
الإعلام أيضًا يتحمل مسئولية، عندما يعمل على نشر عبارات عنصرية دون فحصها أو يقوم بإطلاقها من تلقاء نفسه، منذ فترة طويلة كان هناك لاجئون وحركة هجرة، ومعارك انتخابية، وتم توظيف اللاجئين فيها، ويجب علينا ألا نفاجأ عند نشأة أشكال عنصرية بيننا، لقد هيئنا لها في السابق التربة والمناخ المناسبين لظهورها.
كيف يمكن منع العنصرية أو الحد منها؟
يمكن للمرء أن يفعل الكثير، المشكلة الوحيدة هي أنه حتى الآن لم يكن هنالك اجتهاد في هذا الشأن، وتتمثل الخطوة المهمة الأولى في إجراء مناقشات مفتوحة ومحددة في ما يتعلق بموضوع العنصرية في هذا البلد، وذلك على جميع الأصعدة، سياسيًا وإعلاميًا وفي المدارس، وذلك لتشمل المجتمع ككل.
إذا عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل عن رفضها لتصريحات جاولاند من حزب البديل، فإن ذلك أمر جيد، ولكن يجب أن يتبع ذلك القيام بأفعال.
لجنة مكافحة العنصرية في الأمم المتحدة ذكرت في مايو 2015 أن ألمانيا لا تفي بالتزاماتها المتعلقة بمكافحة العنصرية، هناك خطة عمل وطنية لمكافحة العنصرية، ولكن يجري العمل بها على نطاق محدود.
العنصرية ليست مشكلة فردية لكنها مشكلة هيكلية، على المرء أن يفحص ويراقب المؤسسات والهياكل التي تحمل مواقف عنصرية في المجتمع، من المهم جدًا أيضًا أن تكون هنالك مركزية وأن تقوم الدولة بتمويل معاهد وأبحاث تتعلق بمكافحة العنصرية.
(*) بلجين أيتا: أستاذة مساعدة في علم الاجتماع السياسي في جامعة بازل السويسرية.
ولدت في مدينة أولم الألمانية، وحصلت على درجة الماجستير في العلوم السياسية بجامعة يورك في كندا، وحصلت على الدكتوراه بجامعة جونز هوبكنز بالولايات المتحدة عام 2011.
هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل
