رئيس التحرير
عصام كامل

العدل في الاختيار أم في التطبيق!


انتشر تساؤل بتوجس لعدة أيام في المجتمع المصري، من سيأتي خليفة للمستشار الزند كمسئول عن حقيبة وزارة العدل!
وما بين خائفين من المستشار الجديد، والمتفائلين بمجرد إقالة المستشار القديم، يقف المصريون متأهبين لملاحقة تصريحات الوزير الجديد، منهم الآملين بعصر جديد للعدل، ومرحلة مختلفة لتداول القضايا في المحاكم، والطامعين في العدالة المكفولة لجميع أبناء الوطن على حد سواء، والطامحين في تغير جوهري لمنظومة القضاء في مصر.


أقف أنا متسائلة "أين هو العدل حتى نبحث له عن وزير"!

تكهنت وكالات الأخبار والصحف ووسائل الإعلام الفضائية وشبكات التواصل الاجتماعية من فيس بوك وتويتر وإنستجرام عن الوزير المقترح المنوط به الجلوس على عرش وزارة العدل، متناولين أسماء بعينها، مستعرضين تدرجهم الوظيفي، وتاريخهم المهني، وميولهم السياسي، وتصنيفهم مع أو ضد أو محايد للسلطة.

وبالفعل تم اختيار وزير عدل جديد بشروط موضوعة منذ عقود، على كل من يقع عليه الاختيار لذلك المنصب الحساس في عدله بين أبناء الوطن.

وأظل أبحث أنا عن تطبيق العدل لا على وزيره!

في منظومة الدول، يوضع القانون ويأتي بمن سيطبقه ويفرضه على عامة الشعب، ولكن هناك منظورا لبعض الدول حيث إنهم يختارون من سيفرض القانون قبل وضع القانون، ويأتون بمن يكتب القانون قبل تحري عدل ذلك القانون!

على من يطبق القانون!
على الشعب وأبناء الوطن وبين جميع أطياف وأبناء الشعب.
ولما وضع القانون!
ليخدم الشعب وأبناءه.
وماذا يحتوي القانون!
"العدل"
وأين العدل!
في محاكم تستنفذ عمر المتقاضين للبت والحكم بين أطراف متنازعة، في قضايا تغير إحرازها لتبرئة متهم واتهام بريء!

في سرعة البت في قضية دعارة لفنانة مشهورة، في حين يظل شباب معارض قيد السجن الاحتياطي لسنوات!
في اقتراح مسودات قوانين تعمل جاهدة للتضييق على الشعب في حرياتهم ومحاسبة ذوي المتهمين كأنهم شركاء في الجريمة!

في تعالٍ فج يعمل به منذ سنوات برفض أبناء قطاعات مهنية معينة للالتحاق بالسلك القضائي أو النيابي.

في قضاة انقسموا على أنفسهم بين موالي لنظام قديم ورافض له!

في قضاة يستشعرون الخوف "وليس الحرج" من أطراف عدة في أحكامهم مما يجعل قضايا الدولة المصيرية معلقة مثيرة بلبلة وضجة مجتمعية رافضة لعدم تحقيق لعدالة ناجزة ترحم أبناء الوطن من التهميش والملاحقة بتشويههم معنويا ومجتمعيا في قضايا لم يبت فيها لسنوات.

أين الكرسي الذي سيجلس عليه الوزير!
على عرش العدل أم على أعناق البسطاء!
وأين العدل الذي سيطبق!

في القوانين أم في اختراقها حيث يعامل الشعب بمكيالين في سرعة البت والفصل والمساواة وعدم استشعار الحرج وعدم مهابة تبعية الأحكام إلا من الله والضمير والقانون الذي يجب في أساسه أن يطبق على المواطن والقاضي ووزير العدل.

فهل نختار العادل لمنصب الوزير، أم نختار الوزير الذي سيطبق العدل!

منظومة تستند في أصلها على الاختيار العادل لوزير يطبق القانون النافذ على الجميع، فعرش العدل له قواعد وثوابت يقام عليها العدل بين الناس، إن صلحت جلس المطبق في وزارة العدل بأريحية مطلقة من المواطنين، ومن تهاون في أحد قواعد العدل نجد عرش العدل يتهاوى به ليكون ملاحقا بعد أن كان يوما يلاحق الخارجين عن القانون.

ونختم هذا الحديث الشائك وحتى لا تطالنا مسائلة قانونية، بالتعجب من بلاغات في جوهر العدل:
حيث قدمت في وزير العدل السابق بلاغات للنائب العام فور إقالته!
ولن نتطرق ونتساءل ونتعجب ونقول:
لماذا قدمت البلاغات فور إقالته وليس أثناء توليه منصبه!

وكيف لجليس كرسي وزارة العدل من اختراق قوانينها وانتهاكها بدلا من حماية تلك القوانين وإرساء العدل على نفسه قبل الشعب!

لن نستطيع الفصل والإجابة عن تساؤلاتنا الكثيرة فيما قدم ضده، لأننا ببساطة نتحرى العدل ولا نحكم على الشخص إلا بعد ثبوت اتهامه، وذلك سيحدث فقط حينما نتمكن من مثوله أمام القضاء "إن استطعنا".
الجريدة الرسمية