رئيس التحرير
عصام كامل

«عنترة» في بنك الائتمان الزراعي

18 حجم الخط

هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ.. سـماؤهـا.. هَواؤهـا.. نسـاؤها.. حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ… كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ… كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ.. كلُّ الميـادين هُنـا، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ".


من يجرؤ على مواجهة "عنترة"، وإنقاذ البلاد والعباد من عربدته؟!

هو الفساد، لا غيره.. فتش عن الفساد في كل الأزمات.. والانتكاسات، والمصائب، والكوارث، والمآسي.. من أول خناقة مصطفى كامل وإيمان البحر درويش.. إلى تدهور قيمة الجنيه، مرورًا بصفاقة برنامج «اللمبي»، واستبعاد «العكش» من البرلمان.

لماذا ننهزم باستمرار أمام كل الأزمات؟! إنه الفساد.. كلمة السر في الفشل المستديم.

الغريب أن كل المسئولين في بلادنا يخافون من "عنترة".. ويجبنون عن مواجهة الفساد.. وفي النهاية يضطرون إلى مهادنته، والبعض يصادقه.. وصنف، ليس بالقليل، يمارسه، عمدًا أو جهلا.. وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية وضيوفهما يلتهمان أسماكًا، وجمبري، و"سي فود" بآلاف الجنيهات، اختلفوا في عددها؛ فتارة هي 14، وتارة 10 فقط، والأرجح أنها تزيد على الرقمين!

وزير الأوقاف، الذي لا يتورع عن الوقوف على منبر الوعظ مرات عديدة، يستحل "تشطيب" شقة يملكها بما يقارب المليون إلا الربع، من أموال هيئة الأوقاف..!

وغير ذلك كثير من نماذج، وضروب الفساد.. وتأسف، وتمصمص بشفتيك عندما تطالع أخبار محاكمة "المسكين" صلاح هلال، وزير الزراعة السابق، على عضوية بالنادي الأهلي، ومجموعة بدل! يذكرني بالمرحوم ماهر الجندي، الذي قضى خلف القضبان نحو 15 عامًا، في وقائع فساد "ساذجة" بالمقارنة بأباطرة ما زالوا يسرحون ويمرحون، ويملأون عيوننا وآذاننا، ويشنفون أسماعنا بمواعظ وحكم عن الشرف، والنزاهة.

يقينا، لن ننتصر على الأزمات، ولن تحل المشكلات إلا بعد اختفاء "عنترة"، والقضاء على الفساد، في كل القطاعات.

الكارثة أن بعض الثعالب أو العناتر يستغلون حالة "الإخوانوفوفوبيا" التي تقض مضاجع الدولة بأن يلعب لعبة "المكارثية" المقيتة؛ فيتهم الشرفاء بالأخونة؛ للتخلص منهم، على اعتبار أن تلك هي أسهل وسائل التخلص من الخصوم في الوقت الراهن.

والأسوأ أن من في مواقع السلطة يبتلع الطعم بمنتهى البساطة، ويسارع بمطاردة من تمت الإشارة إليهم على الفور.. وكثيرًا ما يجرى الانتقام من "الغلابة"، وهم الضحايا، والمرشدون هم الجناة.

أشد الأمثلة وضوحًا، هي ما يحدث في بنك التنمية والائتمان الزراعي؛ حيث يطالب الموظفون "المساكين" بكف "عنترة" عن تبديد أموال الدولة، ومص دماء الفلاحين والعملاء، دون جدوى، فالدولة منشغلة بالحرب مع الإخوان والإرهاب.. ولم يكذب "عنترة" خبرًا؛ فأبلغ الأمن الوطني ضد الصفحات التي تعبر عن آراء معارضيه، وتنقل مطالبهم، ووجهة نظرهم فيه وفي أعوانه باللجنة النقابية.

وابتلعت الزميلة "الوطن" الطُعم الذي ألقاه "عنترة" في حجر الأمن، وشرعت في التنديد بالهجمة "الإخوانية" التي تستهدف إسقاط البنك.. ولم يسأل المحرر نفسه؛ هل البنك قائم حتى تستهدفه المؤامرات وتسعى لإسقاطه؟! البنك سقط من زمان ياسادة.. وصار من العسير إحياؤه مجددًا.. والبركة في "عنترة" وأعوانه من ثعالب الفساد.

فعلا "هـذي البـلادُ كلُّهـا مَزرَعَـةٌ شخصيّـةٌ لعَنـترَهْ… سـماؤهـا.. هَواؤهـا… نسـاؤها… حُقولُهـا المُخضَوضَرَهْ… كلُّ البنايـات – هنـا – يَسـكُنُ فيها عَـنتَرَهْ… كلُّ الشـبابيك علَيـها صـورَةٌ لعَـنتَرَهْ… كلُّ الميـادين هُنـا، تحمـلُ اسـمَ عَــنتَرَهْ".
من يجرؤ على مواجهة "عنترة"، وإنقاذ البنك، والعاملين به من عربدته؟!
الجريدة الرسمية