رئيس التحرير
عصام كامل

إقالة وزير الأوقاف!


«مَنْ غشنا فليس منا»، حسبما شدد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لكن يبدو أن «مَنْ غشنا يُصبح وزيرًا»، حسبما نُسِبَ إلى وزير الأوقاف، الدكتور مختار جمعة!


لندخل في صلب الموضوع مباشرة.. فالدكتور «جمعة»، الذي انتخب عميدًا لكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر -قبل تعيينه وزيرًا للأوقاف- ثارت ضده عاصفة من الانتقادات، بسبب حذف «جمعة» اسم الوزير الأسبق محمود حمدي زقزوق، من الإشراف على «موسوعة الحضارة الإسلامية»، ووضع اسمه مشرفًا عليها، بل أهداها إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، خلال الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، يوم 22 ديسمبر من العام الماضي.

أصل الحكاية يعود إلى خبر نشرته الزميلة «المصرى اليوم» في صدر صفحتها الأولى، مفاده أن الوزير «مختار جمعة» نسب لنفسه جهود سلفه الدكتور «زقزوق»، ووضع اسمه على «موسوعة الحضارة الإسلامية»، التي أشرف عليها الأخير، وسبق أن أهداها إلى الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2005، بمناسبة المولد النبوي.

مولانا الشيخ «مختار» لم يكتفِ بحذف اسم «زقزوق» من الإشراف على الموسوعة، التي ألفها أكثر من 20 أستاذًا من جامعة الأزهر، ودار العلوم، وكلية الآداب، ومن مختلف التخصصات، وتناول كل منهم جانبًا معينًا، بل وضع اسمه عليها، وغيَّر تاريخ صدورها إلى فبراير 2015، ثم أهداها إلى «السيسي».. فهل هذا الصنيع يليق بعالم أزهري، وليس بوزير للأوقاف؟

البعض انتقد ما أقدم عليه الوزير، بل اتهموه بـ«السرقة»، والسطو على مجهود غيره.. بينما اعتبر آخرون تصرف الوزير «لا غبار عليه»، مبررين ذلك بأن مهمة وزير الأوقاف تنحصر في الإشراف على الموسوعة، والتعريف بمحتواها، ومراجعتها لغويًا، وإعادة طباعتها، وهو ما فعله الوزير الحالي، مثلما فعل «زقزوق»، وبناءً عليه وضع «مختار جمعة» اسمه عليها.

من جانبنا، حاولنا الاتصال بوزير الأوقاف لمعرفة رأيه في هذا التصرف -غير المقبول- إلا أنه تجاهل الموضوع تمامًا، ولم يرد علينا.

منذ ثورة 25 يناير وحتى الآن، تعاقب على وزارة الأوقاف عدد من الوزراء، ابتداءً بالدكتور عبد الله الحسيني هلال، في حكومة أحمد شفيق، مرورًا بالدكتور عبد الفضيل القوصي، في حكومة عصام شرف، واستمر في حكومة كمال الجنزوري.. ثم الدكتور طلعت عفيفي، في حكومة الدكتور هشام قنديل.. وانتهاءً بالدكتور مختار جمعة، الذي تولى منصبه في حكومة الدكتور حازم الببلاوي، واستمر في حكومتي المهندس إبراهيم محلب، والحكومة الحالية التي يرأسها المهندس إسماعيل شريف.

التساؤل هنا، إذا كان من حق أي وزير للأوقاف وضع اسمه على هذه الموسوعة، وإهدائها إلى الرئيس، لمجرد الإشراف عليها، والتعريف بمحتواها، فلماذا لم يحذو بعض وزراء الأوقاف السابقين حذو «مختار»؟ ولو كان فعلها الدكتور طلعت عفيفي، وأهداها للرئيس المعزول محمد مرسي -وقتئذٍ- هل كان «جمعة»، المعروف بمهاجمته للإخوان- سيعتبر الأمر «عاديًا»؟!

لقد قامت الدنيا ضد «عبد الرحيم راضي»، الذي اشتهر مؤخرًا بـ«قارئ القرآن الكريم المزيف، ولم تهدأ الأمور إلا بعد أن قررت لجنة مجلس التأديب بكلية الصيدلة جامعة الأزهر «فرع أسيوط»، يوم الاثنين الماضى، فصل الطالب بـ«شكل نهائي»، بعد استجوابه فيما نسب إليه من ادعائه السفر إلى ماليزيا، ومشاركته في المسابقة العالمية للقرآن، وفوزه بالمركز الأول.. فهل ستتخذ ضد «مولانا» إجراءات مماثلة، ويُقال من وزارة الأوقاف، ويُفصل من التدريس بجامعة الأزهر، إذا ما ثبت عدم أحقيته فيما ذهب إليه؟!

أخيرًا يبقى تأكيد أن «التجاوزات الفردية»، وخطأ أي شخص لا ينسحب على المؤسسة التي يعمل بها، أو التي يرأسها، سواء كان الخطأ متعمدًا، أو سهوًا، أو أُكْرِه عليه.
الجريدة الرسمية