رئيس التحرير
عصام كامل

كوبري سوهاج وكوبري الجامعة


الخبر يقول حدث انهيار لكوبرى سوهاج عبر نهر النيل الذي افتتح منذ نحو ستة أشهر.. ولم يذكر أي شيء آخر عن شركة المقاولات الذي نفذت وشيدت ولا عن المهندس المصمم أو المهندس الاستشاري.. وكل ما في الأمر هو إغلاقه المرور.. وبالنظر إلى الصورة الوحيدة المتداولة تبين أن هناك انهيارًا لجزء من أرضية الكوبرى التي تبدو خرسانية وهذا خطير من ناحية الهندسة الإنشائية بمعنى أن هناك خطأ جسيمًا إما في التصميم أو الإنشاء.. وهذا يعتبر إهمالا جسيمًا يصل إلى مرتبة الجريمة في حق الدولة.


خصوصًا إذا تسبب هذا الانهيار في إزهاق الأرواح وخسائر في الأموال والممتلكات.. توجد في الهندسة الإنشائية أساسيات يأخذها المهندسون بجدية كاملة ألا وهى أولا أن يخدم المنشأ الغرض الذي أنشئ من أجله، وثانيًا أن يقدم هذه الخدمة بأمان وسلامة، وثالثًا أن يكون المشروع ذا جدوى اقتصادية، وإذا فقد المشروع أحد هذه العوامل فلا داعٍ له من الأصل.

ففى تصميم الكبارى يوجد عامل مؤثر يختلف من مكان لآخر.. فمثلا العامل المؤثر في تصميم كبارى الطرق السريعة في الولايات المتحدة هو حركة الحافلات الثقيلة ذات المقطورة، أما في مصر فحركة مرور المركبات العسكرية الثقيلة أي الدبابات أو حاملات الدبابات بالإضافة إلى تجمعات الأفراد فوق الكبارى - أذكركم بالتظاهرات على كوبري قصر النيل.

أو تجمعات الأفراد على كوبري الجامعة ليلا وأثناء الصيف الذي يتحول فيه رصيف الكوبرى إلى "قهاوى" وكافيهات وحتى مكان للأفراح وبائعى الترمس والذرة المشوية وخلافه.

الخطأ الإنساني وارد وجل من لا يخطئ ولكن في مثل هذه المشاريع يقوم عدة مهندسين بعمل التصميم ثم يراجع عن طريق آخرين، وبعد ذلك يعتمد من كبار المهندسين ويرسل إلى المهندس الاستشاري المنوط به ثم يطرح المشروع على شركات المقاولات ولها مهندسوها أيضًا ثم بعد ذلك إلى التنفيذ فاحتمال خطأ في التصميم يكون نادرا وقد يكون معدومًا.

أما في التنفيذ أي الإنشاء الفعلى قد تكون هناك أخطاء وهذا وارد لكن طبقًا للقوانين المعمول بها هناك إشراف دقيق ورقابة فعلية على التنفيذ من قبل مهندسي الحكومة، وهم عادة عبارة عن مهندس مقيم يرأس مدير أعمال ومعه مساعده وعدة مهندسين يقومون بالإشراف على العمل للتأكد من مطابقة التصميم والمواصفات لما تم اعتماده وهنا مربط الفرس.

يصطدم الحق والباطل.. فتذهب الشفافية وتتوارى.. ويتم التغاضي عن بعض المواصفات ويسود الفساد ويربح المقاول وتخسر المحروسة.. وينهار جسر مصر إلى المستقبل العفيف والعدالة.. عندما رأيت الكسر في أرضية الكوبرى الخرسانية تيقنت أن هناك غشًا في خلطة الخرسانة.. إما في الأسمنت أو حديد التسليح أو كليهما وهذا عمل إجرامي يجب معاقبة المتورطين.. يجب أن يبحث الأمر جيدًا وأن يطبق العقاب والردع.. يجب إضافة علم شرف المهنة لكل المهنيين.. المهندس والطبيب والمحامى والصيدلى وغيره لكى تعبر مصر إلى المستقبل في حرية وكرامة وعدالة.

وإن الله يحب أحدكم إذا عمل عملا أن يتقنه وأن الأمانة من الإيمان والأمن "وآمنهم من خوف" وهذا على الحاكم والمحكوم.
الجريدة الرسمية