رئيس التحرير
عصام كامل

بالمستندات.. قيادات «ماسبيرو» أمام «التأديبية» والتهمة «سوء تخزين»..«الأمير» على رأس القائمة و“لاشين” و”أبوعميرة” أبرز المتهمين.. ومذكرة “المركزى للمحاسبات” تؤك

هشام جنينة
هشام جنينة

متابعة حجم قضايا إهدار المال داخل مبنى اتحاد الإذاعة والتليفزيون “ماسبيرو”، التي تكشفها الأجهزة الرقابية، دائما تجعل الجميع أمام نتيجة واحدة مفادها أن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة، وأن محاولة – مجرد محاولة - إصلاح الأزمة بـ”تشكيل اللجان” أو تغيير القيادات، أو التهديد بـ”التصفية”، لن تزيد عن كونها محاولة بائسة لـ”إصلاح ما أفسده الدهر”.


وفى سياق هذا الأمر، حصلت «فـيـتـو» على تقرير صادر عن الجهاز المركزى للمحاسبات، يكشف عن قضية فساد مالى وإدارى جديدة من العيار الثقيل داخل جدران ماسبيرو، وبعرض التقرير على المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أمر بصرف النظر عن قرار حفظ الأوراق إداريًا، ووافق على إحالة عصام الأمير رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، ومجدى لاشين وشكرى أبو عميرة رئيسى قطاع التليفزيون الحالى والسابق، و3 آخرين من قيادات ماسبيرو، للمحكمة التأديبية العليا بعد ثبوت ارتكابهم مخالفات مالية وإدارية جسيمة.

قائمة المتهمين ضمت بجانب “الأمير” و”لاشين” و”أبو عميرة”، كلا من عباس مصطفى سمير، رئيس الإدارة المركزية للمكتبات بقطاع التليفزيون “وكيل وزارة”، وحمدى حسن عبد الرحمن، رئيس قطاع الهندسة الإذاعية باتحاد الإذاعة والتليفزيون “وكيل أول وزارة”، ومحمد عبد الله الحفني، رئيس قطاع الشئون المالية والاقتصادية باتحاد الإذاعة والتليفزيون.

كما أكدت مذكرة جهاز المحاسبات، أن المتهمين لم يؤدوا العمل المنوط بهم بدقة وخالفوا القانون والتعليمات المالية، ولم يتعاونوا في أداء الواجبات العاجلة واللازمة لتأمين سير العمل وتنفيذ الخدمة العامة، وارتكبوا ما من شأنه المساس بمصلحة مالية للدولة.

وكشفت أوراق القضية، أن المتهمين الأول والرابع والخامس والسادس لم يتخذوا الإجراءات الواجبة حيال المحافظة على مكتبة “النيجاتيف” الخاصة بقطاع التليفزيون، التي تحتوى على أصول ومواد تسجيلية تبلغ قيمتها التاريخية من الناحية المالية 21.2 مليون جنيه؛ رغم كونها مخزنة بطرق تخزين لا تتناسب مع أصول التخزين التي يجب اتباعها لمثل هذه المواد، ما يعرض المادة المسجلة عليها للتلف.

وتبين أيضا أن المتهمين الأربعة لم يتخذوا الإجراءات الواجبة حيال مكتبة “الفيديو تيب”، الموجودة بشقتين مؤجرتين بمدينة 6 أكتوبر دون التحقق من سلامة المواد المسجلة على شرائط “بيتا كام” و”يوماتيك” 2 بوصة الموجودة بالمكتبة التي تبلغ قيمتها التاريخية نحو 20 مليون جنيه، دون اتخاذ ما يلزم لنقل المواد المسجلة على تلك الشرائط على وسائط حديثة؛ للحفاظ عليها والاستفادة منها قبل تلف المواد المسجلة عليها.

وتضمن تقرير الاتهام، أن المتهم الثانى لم يقم بتنفيذ قرار وزير الإعلام بإخلاء القاعة (ص) بمبنى الإذاعة والتليفزيون؛ لتكون مقرًا لحفظ التراث، الأمر الذي ترتب عليه عدم نقل مكتبة الفيديو تيب التابعة لاتحاد الإذاعة والتليفزيون المقرر نقلها لتلك القاعة.

وأشارت المذكرة ذاتها، إلى أنه لم يتخذ المتهم الثالث الإجراءات المقررة لصرف مستحقات الهيئة العربية للتصنيع المكلفة بتصنيع الأرفف المتحركة المطلوب تجهيز القاعة “ص” بمبنى التليفزيون، لتكون مقرًا لمكتبة الفيديو تيب.

وتجدر الإشارة إلى أن وقائع القضية بدأت ببلاغ المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، للنيابة الإدارية مطالبًا بالتحقيق فيما تضمنته تقارير مراجعة المركز المالى لقطاع التليفزيون، بشأن عدم اتخاذ الإجراءات الواجبة للحفاظ على ممتلكات اتحاد الإذاعة والتليفزيون من تراث تليفزيونى وإذاعى نادر، ما يترتب عليه إهدار المال العام.

أكدت تقارير جهاز المحاسبات، أن مكتبات قطاع التليفزيون تتضمن مواد تبلغ قيمتها التاريخية نحو 300 مليون جنيه من الناحية المالية، رغم كونها من الناحية المعنوية لا تقدر بثمن، وأن هذه المكتبات تضم 40 ألف أسطوانة بقطاع الإذاعة تمثل تراثًا نادرًا من أهم الأعمال الإذاعية لرواد الإذاعة، وأحاديث كبار الشخصيات وأعمال غنائية لقدامى المطربين والمطربات.

وكشفت التقارير ذاتها، أنه تم جرد شرائط نوعية (بيتا كام ويوماتيك 2 بوصة جردًا كميًا ورقميًا)، دون الوقوف على سلامة المواد المسجلة عليها؛ نظرًا لعدم توافر ماكينات العرض الخاصة بتلك النوعيات، كما لم يتضح نقل تلك المواد على وسائط حديثة للحفاظ عليها والاستفادة منها رغم تكرار التوصيات الواردة بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، المبلغة لقطاع التليفزيون، التي تضمنت ضرورة اتخاذ ما يلزم من إجراءات للحفاظ على ممتلكات اتحاد الإذاعة والتليفزيون من تراث تليفزيونى وإذاعي، ونقل المواد المسجلة على وسائط حديثة والاستفادة منها، إلا أن المسئولين بماسبيرو لم يتخذوا إجراء حيال ذلك.

وأكدت التقارير أيضا، عدم استجابة رئيس قطاع الهندسة الإذاعية لقرار وزير الإعلام الأسبق، بتخصيص قاعة بالطابق الأول “المبنى ص” لتكون مقرًا لحفظ التراث، كما تبين أيضًا إيقاف صرف الشيك الخاص بمستحقات الهيئة العربية للتصنيع، المكلفة بتصنيع الأرفف المتحركة لتجهيز المقر؛ بحجة عدم توفير التمويل اللازم، وفقًا لما أفاد به رئيس القطاع الاقتصادى شفاهة.

وأوضحت أن المخالفات التي أسفر عنها الفحص، تتمثل في عدم اتخاذ الإجراءات الواجبة للحفاظ على مكتبة النيجاتيف الخاصة بقطاع التليفزيون، التي تحتوى على أصول ومواد تسجيلية لا تقدر بثمن؛ لكونها من التراث، ورغم ذلك مخزنة بطريقة سيئة لا تتناسب مع أصول التخزين التي يجب اتباعها لمثل هذه المواد المسجلة عليها، ما ترتب عليه تعرض تلك المواد لأشعة الشمس بصورة غير مباشرة، ما يعرض النيجاتيف الخاص بها للتلف؛ نظرًا لوجودها بالطابق الأخير بمبنى الألفى الذي يعلوه مباشرة السطح الموجود به خزانات المياه، والمسئول عن هذه المخالفة رؤساء قطاع التليفزيون ورؤساء اتحاد الإذاعة والتليفزيون، الذين تعاقبوا على العمل منذ عام 1989 حتى الآن؛ نظرًا لإخطارهم منذ هذا التاريخ بتقارير الجهاز المركزى للمحاسبات، الثابت بها ملاحظات الجهاز بشأن هذه المخالفة دون اتخاذ ثمة إجراء حيال ذلك.

وكشفت تقارير جهاز المحاسبات، عن عدم التحقق من سلامة المواد المسجلة على شرائط (بيتا كام ويوماتيك 2 بوصة) الموجودة بمكتبة (الفيديو تيب) الموجودة بقطاع التليفزيون؛ نظرًا لعدم وجود ماكينات العرض الخاصة بها، وعدم اتخاذ إجراءات نقل تلك المواد على وسائط حديثة للحفاظ عليها والاستفادة منها، والمسئولين عن ذلك رؤساء قطاع التليفزيون ورؤساء اتحاد الإذاعة والتليفزيون الذين تعاقبوا على العمل منذ عام 1990 وحتى الآن؛ حيث كان يتعين عليهم تحديث هذه الشرائط أولًا بأول لمواكبة تطورات العصر من وسائل عرض هذه الشرائط حتى لا يطولها القدم.

وبناء على طلب المكتب الفنى لرئيس هيئة النيابة الإدارية، أعدت الهيئة تقريرًا أكدت فيه أنه بشأن تخزين أشرطة مكتبة النيجاتيف بالمبنى الكائن بالألفي، أسفر الفحص عن وجود مكتبة النيجاتيف بالطابق الأخير بمبنى الألفى المخصص لمعهد الإذاعة والتليفزيون ويعلوه خزان مياه المبنى، وهى عبارة عن غرفتين مخزن بها 15 ألف شريط، وتبين عدم اتباع الإجراءات السليمة لتخزين محتوىات المكتبة، ما ترتب عليه تلف معظم صناديق حفظ الأشرطة؛ بسبب تعرضها للشمس من خلال فتحات التهوية بالغرفة، وتسريب المياه من الخزان الذي يعلو الغرفة، ما أدى إلى صدأ تلك الصناديق؛ لعدم توافر أهم اشتراطات التخزين لتلك الأشرطة من حيث تركيب أجهزة تكييف لحفظ الشرائط في درجة حرارة مناسبة.

وقالت الرقابة الإدارية: إنه تم إجراء أعمال الجرد لمحتوىات المكتبة عدديًا، دون التحقق من سلامتها؛ لكونها من التراث الفنى من أفلام ومسلسلات وأغانٍ منذ إنشاء الإذاعة ووزارة الإعلام، وأنه بشأن وجود شرائط بيتا كام ويوماتيك 2 بوصة، فقد تم جردها عدديًا ورقميًا دون الوقوف على سلامة المواد المسجلة عليها؛ نظرًا لعدم توافر ماكينات عرض لها، بالإضافة إلى عدم نقل محتوىات الأشرطة على الوسائط الحديثة؛ للاستفادة منها ودون اتباع الأسس السليمة لحفظ الأشرطة، ما يعرضها للتلف؛ حيث تبين أن عددًا منها محفوظ على الأرض بطريقة عشوائية، علاوة على عدم توافر أجهزة لمشاهدة محتوىات الأشرطة؛ حيث يتم التعامل معها من حيث الكم والعدد فقط دون النظر إلى محتوىات هذه الأشرطة وعددها، كما تبين عدم توافر أي إجراء لتأمينها ضد السرقة والحريق.

انتهت تحقيقات المكتب الفنى لرئيس هيئة النيابة الإدارية، إلى حفظ أوراق القضية إداريا، إلا أن المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، قرر إحالة المتهمين للمحاكمة.

جدير بالذكر، أن القضية من المقرر أن تنظر برئاسة المستشار محمد حسن مبارك نائب رئيس مجلس الدولة، وعضوية المستشارين عيد حسانين ومحمد جابر ومبروك حجاج، ومحمد حسنين ومحمد فيصل والدكتور منير الصغير، نواب رئيس مجلس الدولة، وحضور المستشار سامح الطيب رئيس النيابة، وسكرتارية محمد حسن راضي.

وتعقيبا على هذا الأمر، أكد عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون أنه عقب توليه مهام قيادة ماسبيرو أصر على تنفيذ ملاحظة الجهاز المركزى للمحاسبات باستعادة جميع الشرائط الخاصة بالتليفزيون من الأماكن الخارجية، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ذلك الأمر تم بالفعل ولم تعد هناك أية مواد إعلامية محفوظة خارج مكتبات اتحاد الإذاعة والتليفزيون.

«الأمير» في سياق حديثه أوضح أيضا أن «النيابة الإدارية حفظت التحقيق في تلك الوقائع ووجهت له الشكر على دوره وسرعة تنفيذ عملية النقل رغم أنها كانت أزمة من عهود سابقة له في قيادة تليفزيون الدولة، لكننى فوجئت بقرار المستشار هشام جنينة بإحالتنا للمحكة التأديبية ومن قبلها نيابة الأموال العامة رغم تنفيذى ملاحظات الجهاز القدير الذي يترأسه، مع الأخذ في الاعتبار أيضا أن نيابة الأموال العامة -هي الأخرى- أبدى المسئولون فيها امتنانهم وتقديرهم لجهودنا في إعادة مواد التراث والسعى لحفظها.

رئيس «ماسبيرو» تابع قائلا: القضية لا تحتاج إلى كل الضجة المثارة حولها، لكن هناك محاولات لتصدير الأمر وتضخيمه ليستفيد منه البعض بعمل شوإعلامي، كما أننى لدى ثقة كاملة وأحترم الجهات القضائية التي تم إحالة الأمر إليها، وأعلن مقدما أننى سأكون راضيا عن أي قرار تتخذه في هذا الشأن».

«الأمير» أنهى حديثه بقوله: قمت بواجبى وأديت ما على بكل أمانة وشرف وهذا حق الدولة المفترض أن أقدمه بكل تجرد ومسئولية عن المنصب الذي اختارتنى له القيادة السياسية.
الجريدة الرسمية